من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".
•في الفترة الأخيرة كثرت المقالات التي تصف ببلاغة كبيرة انهيار العلمانية والليبرالية والتسامح في إسرائيل. ويبدو أن كتاب هذه المقالات يرثون الدولة التي كانوا يتوقون إليها، والآن بعد أن اتضح أنها لن تتحقق، دخلوا في محاولة علاج جماعي لليأس.
•إذا كان وجود حركة ميرتس قوية ومؤثرة هو دليل وجود علمانية ليبرالية ذات صبغة صهيونية، فإن الذين يتحدثون عن اليأس على حق. لكن إذا نظرنا إلى الوضع نظرة شاملة، ندرك أن إسرائيل تغيرت بالفعل، لكن اتجاه التغيرات ليس أحادي البعد.
•إن المعارك الانتخابية الأخيرة لم تتميز بأنها صراع بين اليمين واليسار بالمفهوم الاجتماعي - الاقتصادي، وتقريباً في جميع هذه المعارك برز حزب جديد خلط صورة الوضع. ففي سنة 2006 برز كاديما الذي حصل على 29 مقعداً بعد نجاحه في تحويل أصوات ناخبي الليكود إليه، وألحق ضرراً بالليكود وبحزب العمل. أما حزب المتقاعدين الذي برز وسرعان ما اختفى، فنال 7 مقاعد، وتدهور الليكود إلى 12 مقعداً فقط، وانخفض حزب العمل إلى 13 مقعداً وبلغ عدد كتلة اليمين مع المتدينين في الكنيست 64 عضو كنيست. وفي انتخابات سنة 2013 دخل إلى الساحة حزب يوجد مستقبل مع 19 مقعداً والبيت اليهودي مع 12 مقعداً، لكن كتلة اليمين مع المتدينين انخفضت إلى 61 عضو كنيست. وجاءت انتخابات 2015 فدخل حزب "كلنا" إلى الساحة وحصل على عشرة مقاعد، لكن كتلة اليمين والمتدينين انخفضت إلى 57 مقعداً فقط أي أقل من 50% من أعضاء الكنيست.
•إن هذه الأرقام لا تبرر الغرق في اليأس ورثاء الذات. إننا نشهد مساراً ديموغرافياً أحادي الجانب تقريباً، فالحريديم والمتدينون يكبّرون عائلاتهم بوتيرة أسرع بكثير من سائر السكان الآخرين. وليست هذه توجهات جديدة، لكن قلائل يسألون لماذا لم يزدد عدد نواب اليمين، وبصورة خاصة عدد نواب الكتل الدينية، بما يتلاءم مع ذلك. والراهن اليوم أن المجتمع الإسرائيلي يشهد حركة انتقال بطيئة من المتدينين – اليمين إلى أحزاب تقدم نفسها على أنها أحزاب وسط. فهل هذا المعطى هو الذي لا يسمح لأحزاب دينية بالنمو كما تأمل؟
•من الصحيح أن البديل عن كتلة اليمين - المتدينين ليس اليسار الكلاسيكي المعروف، لكنه البديل الصحيح المنسجم مع دولة إسرائيل في القرن الـ21، ومعنى ذلك إدارة الظهر إلى اليمين الإيماني، ودعم دولة يهودية تمنح المساواة إلى جميع مواطنيها وتسعى إلى تسوية مع الفلسطينيين ومع جزء من الدول العربية، وتحافظ على مجتمع مدني وعلى استقلال جهاز القضاء وعلى سياسة اجتماعية – اقتصادية تعبّر عن مسؤولية الدولة حيال مواطنيها ولا تترك الأمر فقط لقوى السوق. ولم أشمل الأحزاب العربية في الخط البياني للقوة والتأثير لأن هذه الأحزاب لا تشكل جزءاً من التركيبة الحاكمة المستقبلية في البلد، على الرغم من أن اندماجهم في هذه التركيبة مهم وأساسي.
•من الواضح أن اضمحلال قوة اليسار الإسرائيلي مصدره التطورات التي أدى إليها الاحتلال والعزلة السياسية والخوف على الوجود، لكن هذا لا يدعو إلى اليأس بل إلى ترسيخ بديل استيعابي يغير الأنماط التي تسعى حكومات اليمين والمتدينون إلى وضعها.
•لا يمكننا تجاهل المزاج اليميني الذي يسود الشارع والعداء الظاهر إزاء العرب و"اليسار"، فهذه الأمور موجودة وحية ولها جذور في الواقع الإسرائيلي. لكن الصورة الانتخابية تشير إلى انخفاض متواصل في قوة كتلة اليمين والمتدينين.