•في الفترة الأخيرة شنّ عدد من زملائي - ألوية في الاحتياط ومسؤولون سابقون في الاستخبارات - حملة سياسية ضد رئيس الحكومة. لم أفهم أساس الهجوم، فهم هاجموا من زاوية وجهات نظر اليمين (لماذا لم تـدمر "حماس" في غزة؟ مثلاً)، لكنهم قصدوا مساعدة اليسار. ولم يقترح أي واحد منهم التصويت للبيت اليهودي أو لإسرائيل بيتنا.
•أشعر أن من واجبي الرد على الأسئلة [التي طرحها المسؤولون السابقون] لأنني توليت لعامين ونصف العام منصب مستشار الأمن القومي لرئيس الحكومة بنيامين نتنياهو. لقد كان هو من يتخذ القرارات، لكنني كنت من يساعده على بلورتها. لم يكن يؤخذ برأيي دائماً، لكن تسنى لي دائماً أن أشرح رأيي بالتفاصيل الكافي.
•السؤال الأول يتعلق بإطلاق الأسرى الفلسطينيين مقابل غلعاد شاليط. إن هذه المسألة تتخطى الإطار المهني وتدخل فيها اعتبارات أخلاقية واجتماعية مهمة. من الواضح أنه كان هناك ضغط داخلي كبير داخل إسرائيل لإطلاق المخربين، وهذا شكل عاملاً أساسياً في القرار. ولم يُقابل هذا الضغط بضغط معاكس، أو بموقف متصلب ضد هذه الخطوة من جانب الذين يدّعون اليوم أنهم كانوا ضدها. فإذا كان هذا هو موقفهم، لماذا لم يقوموا بالحد الأدنى المطلوب من أجل مساعدة الذين اعتقدوا أنه يجب عدم اطلاق المخربين؟
•السؤال الثاني يمكن تجزئته إلى سؤالين ويتعلق بـ"حماس": كيف سمحت لها إسرائيل بحفر الأنفاق؟ ولماذا لم تتغلب عليها أثناء العملية [عملية الجرف الصامد في الصيف الأخير]؟ لقد كنت أعتقد طوال فترة منصبي وكررت القول إنه من الخطأ أن تبادر إسرائيل من دون سبب واضح للعيان إلى عملية ضد "حماس" في القطاع. وهذه المسألة طرحت بشدة مع تعاظم قوة "حماس" الصاروخية، لكن المنطق ظل هو نفسه. فللأسف لا يمكن في العالم الحالي المبادرة من دون وجود "حجة" قوية إلى عملية عسكرية يقتل خلالها آلاف الفلسطينيين. وليس من المؤكد أننا نستطيع القيام بذلك أيضاً مع 70 قتيلاً إسرائيلياً، لكن هذا اعتبار مختلف. وحده زعيم غير مسؤول مستعد للمخاطرة بشرعية إسرائيل وبقدرتها على استخدام القوة. عندما تكون هناك حاجة حقيقية، يمكن أن يبادر إلى مثل هذه العملية. ويشير طرح هذا السؤال إلى عدم فهم حقيقي لمشكلات التوقيت واستخدام القوة في مواجهة خطر مثل "حماس".
•"القضاء على حماس" شعار حماسي ليس مناسباً لأشخاص عقلاء، وهو شعار ليس جدّياً. لكن سماع هذا الكلام من أشخاص أيدوا أوسلو والخروج من طرف واحد من غزة يبدو غريباً للغاية. فاليمين هو الذي قال إن النتيجة ستكون هكذا، وجزء من الذين يطرحون السؤال اليوم استخفوا برأيه معتمدين على رتبهم وتجربتهم. وفي هذا الموضوع لا يبرز عدم الفهم فقط، بل يظهر أيضاً عدم الاستقامة الفكرية.
•أما في ما يتعلق بمسألة هضبة الجولان وتسليح حزب الله والارهاب الفردي في القدس، فإنها مسائل لا تستحق الرد عليها. فرئيس الحكومة ليس المسؤول بالتأكيد عن "الاضطرابات" في الشرق الأوسط، ويجب أن نشكره لأنه لم يسمح بتوريط إسرائيل في هذه الاضطرابات المروعة. ورئيس الحكومة ليس مسؤولاً عن أن الأسد أصبح يعتمد على حزب الله، وأن السوريين مستعدون لأن يفعلوا أي شيء من أجله. ولا يوجد رئيس حكومة قادر على منع إرهاب الأفراد.
•وفي ما يتعلق بإيران أريد الاستشهاد بمجلة مهمة لا تُعتبر من المجلات المؤيدة لرئيس الحكومة هي الـ"إيكونومست" فقد جاء فيها: "يحظى الموضوع النووي الإيراني بمعالجة دولية واسعة النطاق بسبب السيد نتنياهو، وهو ما لا نراه في أماكن أخرى لديها مشكلات مشابهة". هذه هي القصة كلها، لم يكن هناك شخص في العالم مستعداً لفرض العقوبات ومعالجة الموضوع بصورة مكثفة لولا التحرك الصاخب و"المزعج" لرئيس الحكومة. وعندما اتضح على عكس تقديرات جزء من الذين يطرحون السؤال اليوم، أن الولايات المتحدة تتجه نحو اتفاق سيئ، كان أمام إسرائيل ثلاثة خيارات: الخضوع لإملاءات الأميركيين ومناقشة الأمر معهم في الغرف المغلقة؛ التزام الصمت وعندما يحين الأوان استخدام قدراتنا؛ أو مثل ما فعل رئيس الحكومة، التحدث بوضوح ضد الاتفاق، وأن ندفع الآن ثمن الوقوف ضد أوباما، وإعداد المجتمع الدولي لاحتمال أن نتحرك عندما يحين أوان ذلك، على أمل أن يجعل هذا التوضيح من الصعب على الإدارة الأميركية التوصل إلى اتفاق سيئ. هذا موضوع معقد، وقلائل يفهمونه بالفعل، لكن لا يجب بأي طريقة أو شكل ادعاء أن موقف نتنياهو لم يكن منطقياً، أو اقل صحة من غيره. إنني مقتنع بأن بعض الذين طرحوا هذه الأسئلة كانوا سيظهرون تفهماً أكبر لموقف رئيس الحكومة لو كانوا على اطلاع على تفاصيل الموضوع.
•المسألة الأخيرة هي المسالة الفلسطينية. وهذا موضوع معقد لأن الطرفين تتداخل لديهما المشاعر بالمصالح والأيديولوجيا بالعواطف أكثر من المنطق. فهل فعلاً نستطيع اتهام إسرائيل وحدها بإفشال المفاوضات؟ وهل استجاب الفلسطينيون لاقتراحات رؤساء حكومة آخرين، أولمرت وبراك على سبيل المثال؟ وهل هناك حظ في أن يقبلوا الشروط الدنيا التي يعلنها المتنافسون على رئاسة الحكومة؟
•في تقديري أن جزءاً من الذين يطرحون السؤال يعرفون أن الجواب هو: لا، لكنهم سألوا السؤال كي يحرجوا من لا يؤيدونهم.
•لقد زعم أحد الزملاء في هذه المجموعة أن الجيش الإسرائيلي قادر على الدفاع عن الحدود التي ستحدد. وفي رأيي المهني والمتواضع أن هذا الكلام لا أساس له. هناك أوضاع لا يمكنك محاربة الإرهاب فيها (وأذكّر من نسي أن إسرائيل احتلت من جديد يهودا والسامرة [الضفة الغربية] سنة 2002 بعد أن تبين لها أنه لا توجد طريقة أخرى لكبح الارهاب هناك). ومن المؤسف أن هذا الكلام الخطأ مهنياً يقال فقط لخدمة مماحكات سياسية.
•في رأيي ثمة ضرر كبير في أن يشكل أصحاب رتب عسكرية عليا تنظيماً سياسياً. وهذا هو السبب الذي رفضت من أجله المشاركة في تنظيم مضاد أراد بعض أصحاب الرتب العسكرية العليا إقامته من أجل "الدفاع عن رئيس الحكومة". إن هذا مسيء للجيش حيث سيبدأ فيه تفحص من ينتمي لمن. وهذا سيئ للحياة السياسية في إسرائيل لأن ذلك سيدفع إلى اعتقاد أن ثمة ما يميز اللواء عن المواطن العادي في الموضوعات السياسية. وهذا سيئ لأصحاب الرتب العسكرية العليا الذين يلعبون في المرمى السياسي لكنهم يريدون أن يجري التعامل معهم وكأنهم ليسوا سياسيين. لهذا، أنا لا أطلب من أي أحد، أن يصوت لهذا أو لذاك، فهذا الحق محصور بكل مواطن.
•من المؤسف أن ينجر أصحاب الرتب العليا إلى عالم الألاعيب السياسية. إنه عالم مهم، لكن من الأكثر أهمية أن يبقوا خارجه.