دبلوماسية نتنياهو
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف

•بدأ بنيامين نتنياهو حياته المهنية الحكومية كدبلوماسي، وعندما أصبح رئيساً للحكومة فضّل مواجهة إيران بالطرق الديبلوماسية. ولم يخرج الخطاب الذي ألقاه يوم الثلاثاء في الكونغرس الأميركي عن هذا الخط. وإذا تجاهلنا تحذيراته من محرقة جديدة، ومقارناته الصبيانية للمرشد الأعلى للثورة الإسلامية آية الله علي خامنئي بهامان الشيطان [الشخص الشرير الذي ورد ذكره في التوارة والذي كان يخطط لقتل يهود فارس لكن الملكة أستير فضحت مخططه]، والصورة النمطية للتاجر في البازار الفارسي، فإننا نجد أن نتنياهو اقترح اتفاقاً شاملاً مع إيران والدول الكبرى في العالم يقضي برفع القيود النووية عن إيران إذا غيرت سياستها الخارجية.

•يطلب نتنياهو من إيران وقف "تعدياتها على الدول المجاورة" ودعمها للإرهاب الدولي، وتهديداتها بتدمير إسرائيل. وفي نظره، فإن هذه الأمور لا تشكل شروطاً لتوقيع الاتفاق، بل مساراً يستمر عدة سنوات، وجوهره تحقيق الانفراج في العلاقة بين إيران والمجتمع الدولي. وفي نظر نتنياهو، إيران المعتدلة وغير المعادية لإسرائيل تستطيع أن تصبح "دولة على عتبة النووي" من دون القيود المفروضة عليها اليوم.

•نستطيع رفض اقتراحات نتنياهو لأنها غير عملية، أو الادعاء كما قال الرئيس باراك أوباما بأن الخطاب لم يأت بجديد. لكن اقتراحاته أكثر توازناً بكثير من تلك التي صدرت عنه سابقاً، وهي بالتأكيد أفضل من تلك التي نسمعها من خصومه في المعسكر الصهيوني الذين يسخرون من نتنياهو لأنه لم يقصف المنشآت النووية الإيرانية. وفي الواقع، فإن هذه المقترحات تستحق نقاشاً جدياً بعد الانتخابات حتى لو خسرها نتنياهو، حيث ستطرح بالتأكيد مسألة الدور الذي يجب أن تقوم به إسرائيل من أجل تغيير موازين القوى في المنطقة.

•إن فشل نتنياهو لم يكن سببه أفكاره، بل أسلوبه في التصرف. فبدلاً من أن يجري حواراً صامتاً مع أوباما ومع زعماء الدول الكبرى الأخرى بشأن السبل التي تؤدي إلى التخفيف من العدائية الإيرانية وبشأن دور إسرائيل في هذه العملية المهمة، تغلبت لديه شخصية السياسي على شخصية الدبلوماسي، الأمر الذي جره نحو صدام علني ومسيء مع رئيس الولايات المتحدة والحزب الديمقراطي، في محاولة منه لإنقاذ الليكود الآخذ في الانحدار في الانتخابات الإسرائيلية.

 

•وكانت النتيجة أن مقترحاته لم تلق آذاناً صاغية في واشنطن، وسوف تضطر الحكومة المقبلة في إسرائيل إلى العمل على ترميم العلاقات مع أميركا بدلاً من قيادة المسعى الحيوي الرامي إلى الحد من التهديدات وأخطار الحرب في المنطقة.