السؤال الكبير: هل سيؤدي خطاب نتنياهو في الكونغرس إلى زيادة مقاعد الليكود في الكنيست؟
المصدر
معاريف

تأسست في سنة 1948، وخلال العشرين عاماً الأولى من صدورها كانت الأكثر توزيعاً في إسرائيل. مرّت الصحيفة بأزمة مالية خانقة بدءاً من سنة 2011، واضطرت إلى إغلاق العديد من أقسامها، إلى أن تم شراؤها من جديد في سنة 2014.  تنتهج خطاً قريباً من الوسط الإسرائيلي، وتقف موقفاً نقدياً من اليمين.

•ثمة أمر وحيد واضح هو أن بنيامين نتنياهو لن يخسر مقاعد في الكنيست بعد الخطاب الذي ألقاه هذا المساء أمام الكونغرس، لا بل من المحتمل أن يزيد من قوته قبيل الانتخابات المرتقبة بعد أسبوعين. وإحساسي هو أن أحداً لن ينتقل إلى حزب آخر بسبب هذا الخطاب، لا بل من المحتمل أن يكون هناك من ينضم إلى الليكود.

•هذا هو السبب الذي دفع نتنياهو إلى الظهور على هذا المنبر الأساسي، وهذا هو السبب الذي من أجله استثمر الكثير من الجهود في طريقه إلى واشنطن، وتشاجر مع الرئيس الأميركي ودفع بالعلاقات بين الدولتين إلى حافة أزمة. فوراء شعور نتنياهو العميق بأن لديه رسالة، تختبئ اعتبارات سياسية وانتخابية، وفي حال عدم نجاحها، قد يضطر هذه المرة إلى التخلي عن السلطة.

•لقد قسّم نتنياهو خطابه إلى أربعة أقسام وفق ترتيب صحيح. فقد بدأ بالعلاقات التاريخية والتحالف الوثيق بين الولايات المتحدة وإسرائيل، وتحدث عن التقدير العميق الذي يكنه للرئيس أوباما. وتطرق في الجزء الثاني إلى الخطر الإيراني الذي يتهدد العالم كله. وذكّر بالارهاب القاتل الذي استخدمته إيران ضد أميركا نفسها والذي تسبب بسقوط مئات الضحايا طوال سنوات في العراق وأفغانستان. وحتى الآن كان كل شيء يسير على ما يرام والجميع اتفقوا معه بل وحتى صفقوا له.

•بعد أجواء الاتفاق هذه التي أشاعها، انتقل نتنياهو إلى الجزء الثالث من الخطاب أي إلى الاتفاق الآخذ في التبلور مع إيران. وقد تسببت انتقاداته بظهور جيوب معارضة وسط الجمهور، وبصورة خاصة وسط أعضاء الكونغرس من الديمقراطيين. لكن إنصافاً لنتنياهو، يمكن القول إن انتقاداته لم تكن هجوماً لاذعاً بل محاولة إقناع ودية قدر الممكن. فهو لم يكشف أسراراً عن النقاشات التي دارت في غرف المفاوضات، وحث أوباما من خلال أعضاء الكونغرس على عدم رفع العقوبات عن طهران. لقد جهد نتنياهو في أن يكون براغماتياً قدر الممكن مما عزز صدقية كلامه، وتحدث عن البنية النووية الواسعة التي ستبقى لدى إيران بعد الاتفاق، وعن قدرتها الأكيدة على التهرب من مراقبي الأمم المتحدة. 

•وكان هذا هو الجزء الأخطر في خطاب نتنياهو. ففي نظر الديمقراطيين يمكن تفسير هذا الكلام على أنه نيل من قدرة الرئيس أوباما على الفعل ورؤية الأمور على حقيقتها (الجمهوريون يعتقدون أن لديهم رئيساً إشكالياً ساذجاً إلى حدود الحماقة، خسر منذ وقت طويل الصلة بالعالم الحقيقي). ومَن شاهد نانسي بيلوسي زعيمة الديمقراطيين في مجلس الشيوخ وهي تهزّ رأسها تعبيراً عن عدم موافقتها المطلقة على هذا الكلام، يفهم أن أسلوب نتنياهو الناعم لم ينطل على الجميع. في ما بعد قالت بيلوسي إنها شعرت أن كلام نتنياهو إهانة عميقة للاستخبارات الأميركية. فإلى أي مدى زاد نتنياهو الأزمة وعمّقها؟ من الصعب معرفة ذلك الآن.

•وهنا جاء دور الجزء الرابع من الخطاب الذي جمع الجميع تحت مظلة واحدة أو كما يحب نتنياهو أن يقول: ضمن عائلة واحدة. في الختام الخطاب تطرق إلى الموضوعات التي تثير مشاعر أي سياسي أميركي مهما كان، أي مصير إسرائيل التاريخي. وهنا برز نتنياهو الديماغوجي بامتياز. فقد ربط بين المحرقة النازية والخطر الإيراني، وتوجه إلى إيلي فيزل رمز الناجين من اليهود الذي كان يجلس إلى جانب زوجته سارة بالقرب من المحامي اليهودي ألن درشوفيتس، مؤكداً أن الشعب اليهودي لن يواجه مرة أخرى المحرقة والدمار. وأعلن في النهاية أننا سنعرف كيف نقف وحدنا، لكن بالطبع لن نكون وحدنا لأن أميركا ستكون إلى جانبنا.

 

•إن صور الحشود [الإسرائيلية] وهي تهلل للخطاب والتي بثت بصورة مباشرة من دون تدخل رئيس لجنة الانتخابات، سوف يكون لها تأثيرها. فقبل أسبوعين من الانتخابات لم يعد أحد هنا يتذكر تقرير مراقب الدولة بشأن أزمة المساكن، ولا التبذير في منزل نتنياهو. لكن على الرغم من ذلك، فإنني أنصح رئيس الحكومة بأن يعير انتباهه إلى اللافتة التي رفعها العمال المفصولون من شركة كيميكاليم لإسرائيل أثناء تظاهرة لهم يوم الأحد في القدس بالقرب من منزل نتنياهو الذي كان في طريقه إلى واشنطن. مكتوب على اللافتة: "نتنياهو، سوف نموت من الجوع قبل أن نموت من إيران".