من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".
•لطالما كان المجتمع الإسرائيلي معجباً بالقوة، وتجسد رفضه لحياة المنفى القديم من خلال ازدراء الضعف اليهودي. لقد جرى احتلال البلد بالقوة وعبر استغلال الضعف العربي، وقامت دولة إسرائيل بفعل عاصفة الحرب. و في الواقع، فإن حرب الأيام الستة [حرب 1967] لم تُعتبر في نهاية المطاف استمراراً لحرب الاستقلال [حرب 1948] فحسب، بل اعتُبرت أيضاً دليل على قدرتنا على تحويل استخدام القوة إلى أداة سياسية دائمة وقاعدة لشرعية موقعنا في الشرق الأوسط كله.
•إن السلام مع مصر سمح بخوض حرب لبنان الأولى [سنة 1982] في ظروف مريحة، وحرر من نواح عدة القيادة الحاكمة من الحاجة إلى ضبط النفس الذي كان سبباً في نشوب حرب يوم الغفران [حرب تشرين الأول/أكتوبر 1973]. كما أن إخراج منظمة التحرير الفلسطينية من لبنان [في أعقاب حرب 1982] هو الذي عزز في الثمانينيات حق إسرائيل في الاحتفاظ بالأراضي التي احتلتها سنة 1967 وساهم في استغلال ضعف الخصم حتى النهاية. وشكل هذا في البداية سر جاذبية المستوطنات في نظر الكثيرين من اليسار.
•بناء على ذلك، فإن نوع الحكومة التي ستنشأ بعد الانتخابات لن يغير شيئاً، واحتمالات دخول إسرائيل في مفاوضات جدية مع العرب توازي الصفر. ولولا ذلك لكانت إسرائيل تبنت منذ وقت طويل المبادرة العربية المشتركة العائدة إلى سنة 2002، ولكنها لا ترى سبباً كي تكافئ العرب على ضعفهم. من هنا فالمستوطنات وقمع الفلسطينيين والاستمرار في المحافظة على ظروف الفصل العنصري ضدهم سيستمر ما لم تُمارس ضد إسرائيل قوة سياسية واقتصادية هائلة من جانب كل من الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة في الوقت نفسه.
•بيد أن عبادة القوة لا تعدو أن تكون أحد أوجه الواقع، فإلى جانبها كان هناك على الدوام الوجه الثاني المتمثل في الإحساس بأننا ضحية مضطهدة. إن التباكي الإسرائيلي المستمر والقبيح، والاستغلال الر سمي والمهين لذكرى المحرقة النازية من جانب المسؤولين الإسرائيليين يجعلان من التلويح بالخطر الوجودي أحد الركائز الأساسية للسياسة الإسرائيلية. وهكذا كان الأمر قبل ظهور الخطر النووي الإيراني، وفي هذا السياق جرى بناء القوة العسكرية الإسرائيلية.
•ومما لا شك فيه أن القوة العربية الكليّة الكامنة [في العدد] تشكل [نظرياً] خطراً حقيقياً وربما خطراً وجودياً. ولهذا السبب حظيت الدولة الصغيرة في الخمسينيات بتعاون فرنسي مع غض نظر أميركي، أثمر استناداً إلى مصادر أجنبية عن حصول إسرائيل على القدرات العسكرية غير التقليدية. لكن العزف المستمر على وتر الخطر الوجودي قد يشكل أحد التفسيرات للسلوك الإسرائيلي لكنه لا يقدم التفسير الكامل.
•كل شخص عاقل لا بد أن يسأل نفسه السؤال التالي: كيف يجرؤ نتنياهو، بطل المتباكين، على استفزاز المزود الرئيسي لإسرائيل بالسلاح والمدافع الشرس عنا في مجلس الأمن؟ وهل في استطاعة أمثال شيلدون أديلسون وأصحاب المال اليهودي الكبير الذين يدعمونه أن يقوموا بهذه المهمة؟
•من الصعب افتراض أن القوة العسكرية بمختلف أشكالها هي فقط سلاح دفاعي بين أيدينا، فهي أيضاً وسيلة سياسية نقول من خلالها للعالم أنه ممنوع حشر إسرائيل ودفعها إلى الحائط، لأنها في ظروف حرِجة قد ترد وتشعل المنطقة كلها من الخليج حتى حدود باكستان.
•وتطرح هنا أسئلة أخرى: ما هي وبدقة المصالح الحيوية التي تخفيها القوة العسكرية الإسرائيلية؟ ومن يحددها؟ وهل تشمل أيضاً "المناطق المحررة من الوطن" والمستوطنات اليهودية هناك؟ وماذا سيحدث هنا إذا انتقل الحكم إلى يد أمثال نفتالي بينت وإلكين وليفين؟ وماذا سيجري إذا لم يعد يتولى رئاسة الأجهزة الأمنية أشخاص مثل الذين ساهموا في الماضي القريب في منع المغامرة الإيرانية الخطرة التي كان نتنياهو مستعداً للمخاطرة بها؟، وماذا سيحدث إذا تولى قيادة الأركان العامة والموساد أشخاص ضعفاء وخاضعون مثل النائب العام للدولة ومراقب حسابات الدولة الحاليين؟ ومن سيأتي عندئذ لإنقاذنا منهم؟