المطلوب جبهة يسارية موحدة وكبيرة
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف

 

•أريد أن أكرر دعوتي حركة ميرتس للانضمام إلى كتلة حزب العمل وحزب هتنوعا [الحركة]، ليس في إمكاني التخلي عن ذلك لأنني مقتنع به. لقد سبق أن رويت حديثي مع أريئيل شارون سنة 1973 بعد إنشائه حزب الليكود، فقد سألته ما الحكمة من ذلك فأجابني: "أنت لا تفهم أن الشيء الأساسي هو أن تبثّ انطباعاً لدى الجمهور بأن اليمين كله موحد، وممنوع بقاء أحد في الخارج!"، وحققت هذه المناورة نجاحاً كبيراً، فبعد مرور 4 سنوات بدأ الانقلاب التاريخي [فوز الليكود واليمين في انتخابات 1977].

•إنني أدعو اليوم جميع أحزاب الوسط واليسار إلى تحقيق معجزة مشابهة والقيام بانقلاب مضاد. لقد دعوت ميرتس إلى الانضمام إلى معسكر حزب العمل وهتنوعا على أمل انضمام حزب "يوجد مستقبل" أيضاً، وحتى حزب "كلنا" [الجديد بزعامة موشيه كحلون]. وبعد نشر دعوتي هذه في"هآرتس" (23/12/2014) برزت حجج معارضة ليست قليلة، كلها صحيحة وتستحق الرد.

•الحجة الأولى هي أن يتسحاق هيرتسوغ وتسيبي ليفني لا يشكلان البديل الحقيقي، وأن مواقفهما غير واضحة، كما ان الاسم (الموقت) للتكتل "المعسكر الصهيوني" يستبعد المواطنين العرب الذين يشكلون 20% من سكان الدولة. لقد سبق أن أشرت إلى أن الطرفين لا يشكلان الثنائي المثالي الذي أحلم به، ولكنهما يتمتعان بميزة كبيرة هي أنهما ليسا بيبي، وأن الكتلة التي شكلاها ليست الليكود، ولا يوجد هناك ميري ريغيف أو ليفين أو دانون وأشباههم.

•لقد أحدث تكتل هرتسوغ - ليفني معجزة منذ الآن وتحول في الاستطلاعات إلى الحزب الأكبر، وأوجد إمكانية عملية لتغيير السلطة، الأمر الذي لم يكن أحد يحلم به، وأصبح اليمين اليوم في حالة ذعر. لكن ثمة تخوف من أن هذا التطور المنعش للآمال سيضمحل ويتلاشى في الأسابيع المقبلة إذا لم يحظ بزخم كبير. 

•قيل إنه لا حاجة إلى انضمام ميرتس قبل الانتخابات لأنها في جميع الأحوال سترشح بعد الانتخابات هيرتسوغ ليكون رئيساً للحكومة. فهل هناك فرق؟ بالطبع ثمة فرق! فالسياسيون والمحللون يتمسكون بالحساب البسيط القائل 2+2=4. وهم يأخذون عدد مقاعد الأحزاب استناداً إلى الاستطلاعات الأخيرة ويحركونها على لوح مثل حجارة لعبة شطرنج ويشكلون ائتلافات وهمية. وهذا [جهد] منطقي وذكي وحتى براغماتي (كلمة محببة جداً)، ولكنه غير واقعي. إنه عمل سياسي من دون إلهام أو رؤيا. إنما في إمكان عمل إبداعي أن يغيّر الصورة.

•لقد استطاع هيرتسوغ وليفني تغيير هذه الحسابات من خلال تحالفهما. والمهمة المطروحة هي تغيير الأرقام من أساسها. إن الخارطة السياسية ستتغير لدى قيام كتلة كبيرة، فمثل هذه الكتلة تثير الحماسة وتهلب الأجواء وتغيّر موضوع الجدل. وستجذب الكتلة مقاعد كثيرة أخرى وبصورة خاصة ستعبئ شرائح جديدة من الناخبين. ومثلما فعل أوباما، ستستطيع هذه الكتلة أن تستبدل حال اللامبالاة النابعة من اعتقاد "أن شيئاً لن يتغير"، بحالة نهوض تؤمن بـ"نعم، نحن نستطيع [أن نغيّر]".

•هذه هي المسألة كلها. فالمطلوب ليس إجراء حسابات بشأن عدد المقاعد المتوقعة، بل إيجاد مقاعد جديدة من لا شيء، والمطلوب أن ننهض ونبادر ونثير الحماسة.

•ستبقى ميرتس هي نفسها داخل تكتل كبير وستحافظ على صورتها. لكنها للمرة الأولى ستكون على تماس مع طبقات من الناس ينظرون إليها اليوم بوصفها ممثلة للنخبة الأشكينازية، وهي في جميع الأحوال ستخرج مستفيدة. أما حزب "يوجد مستقبل" فسينجو من هزيمة مؤكدة، وسيبقى يائير لبيد زعيماً للمعجبين به. وحتى موشيه كحلون سيتمكن من تحقيق وعوده عندما تكون وراءه كتلة كبيرة، بدلاً من الانشغال بمناورات تكتيكية صغيرة بين الكتل. وسوف تتمكن هذه الكتلة من الحصول على أكثر من 50 مقعداً. ومع شاس بزعامة أرييه درعي، والكتلة العربية والحريديم تستطيع هذه الكتلة أن تقيم سلطة جديدة ومستقرة.

 

•لكن لا سمح الله إذا حكم اليمين المتطرف في الدولة خمسة أعوام جديدة (حتى تشرين الثاني/نوفمبر 2019)، فإنني أشعر بالخوف العميق على الدولة. وأعتذر لإصراري، فهذا الأمر يغلي في داخلي.