منذ الآن الجيش الإسرائيلي لم يعد "جيش الشعب"
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف

•بدأ الجيش الإسرائيلي بهدوء في توديع نموذج "جيش الشعب" والانتقال التدريجي من الخدمة الإلزامية إلى الجيش المهني الذي يعتمد على المتطوعين والذين يتلقون راتباً. وتحدث بالأمس عاموس هرئيل عن وثيقة قدمها مركز علم السلوكيات في الجيش الإسرائيلي الذي تفحص مسارات الانتقال إلى الجيوش المهنية في دول الغرب، والتي جرى بحثها في ندوات عقدتها شعبة القوى البشرية في هيئة الأركان العامة. واستناداً إلى الخبر، فإن الجيش الإسرائيلي لا ينوي أن يقود الانتقال ليصبح جيشاً مهنياً، لكن اهتمام مسؤولية الكبار بذلك واضح للغاية.

•إن نموذج الخدمة العسكرية الحالية بلوره ديفيد بن غوريون كأداة لتحقيق رؤيته الوطنية. "إن أمننا لا يتحقق إلا إذا عرف الشعب كله كيف يدافع عن نفسه وعن حريته ودولته. يتعين علينا أن نحرص على أن يعرف كل رجل وامرأة في إسرائيل كيف يحمل السلاح وكيف يخوض المعركة". هذا ما قاله ديفيد بن غوريون رئيس الحكومة ووزير الدفاع عندما عرض قانون الخدمة العسكرية على الكنيست سنة 1949. وأضاف: "إن الأغلبية الساحقة من شعبنا ليست سوى دهماء من وجهة نظر يهودية، والجيش وحده يمكنه أن يشكل عاملاً موحداً في بلورة الصورة الجديدة للشعب".•يمرّ المجتمع الإسرائيلي بعملية تغيير ديمغرافي سريعة من شأنها أن تُفرغ شعار "جيش الشعب" من محتواه. نحو نصف تلامذة الصف الأول هم من أولاد العرب أو الحريديم، وهؤلاء سيعفون من الخدمة العسكرية عندما يبلغون سن الـ18، أما الفتيات المتدينات والشباب من المتدينين القوميين الذين يدرسون في يشفيوت هِسْدير [المدراس الدينية التابعة للحزب الديني القومي] فيخدمون مدة قصيرة. لذا، ففي العقد القادم سيصبح الشباب الملزمون بالخدمة العسكرية أقلية. إلى جانب ذلك، فإن الجيش الإسرائيلي يستخدم منذ وقت طويل في الخدمة الاحتياطية التجنيد الانتقائي لأسباب تتعلق بالميزانية، واليوم قلة فقط هم "جنود في إجازة لمدة 11 شهراً في السنة" مثلما كان الوضع أيام بن غوريون. ويثير التبذير المفرط في الجيش الإسرائيلي احتجاجاً شعبياً ومطالبة بتوجيه الموارد من الأمن إلى الرفاه.

•واستناداً إلى التقرير الذي قُدم إلى المسؤولين الكبار في شعبة القوى البشرية، فإن الانتقال من الخدمة الإلزامية إلى جيش مهني جرى في دول عديدة بصورة تدريجية، وإسرائيل تمر اليوم في مسار مشابه ويتعين على الجيش الإسرائيلي الاستعداد لذلك، مثلاً من خلال تطوير مسارات الخدمة المدنية، أو تقليص مدة الخدمة الإلزامية بصورة كبيرة وتوسيع نطاق الجيش الدائم. ويساهم الإحساس بالتهديد الأمني الذي يغذيه باستمرار زعماء الدولة، في تعزيز الدوافع للتجنيد، لكن نموذج الخدمة العسكرية الحالي يضعفها.

•يجب ألا يقتصر النقاش بشأن مستقبل الجيش الإسرائيلي على المحافل العسكرية المغلقة، فمركزية الجيش الإسرائيلي تستدعي نقاشاً عاماً للخدمة الإلزامية ومواءمتها للتحديات الأمنية والاقتصادية والاجتماعية في عصرنا الحالي. قد يحلو لنا الحنين إلى الشعارات في أيام بن غوريون، لكن هذه الشعارات لا يمكن أن تكون بديلاً من نهج حديث.