إسرائيل تحاول تهدئة الوضع في الضفة لكنها تتخوف من أن يتسبّب موت الوزير الفلسطيني بتدهور أمني كبير
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف

•يقع المكان الذي انهار فيه أول من أمس الوزير الفلسطيني زياد أبو عين أثناء مواجهات مع الجيش الإسرائيلي وحرس الحدود، في سهل شيلو شرقي جبال السامرة. وكان هذا المكان مركزاً لاحتكاك دائم بين سكان القرى الفلسطينية والمستوطنين وسكان البؤر الاستيطانية. ومنذ سنوات طويلة تشهد هذه المنطقة خلافات حادة بشأن الدخول إلى المناطق الزراعية والسيطرة عليها. والتظاهرة التي جرت أول من أمس وشارك فيها أبو عين رئيس هيئة النضال ضد المستوطنات والجدار في حكومة السلطة، جزء من هذا النضال.

•أقيمت البؤر الاستيطانية في هذه المنطقة في أواخر التسعينيات أثناء السنوات الأولى للانتفاضة الثانية كجزء من خطة شاملة للمستوطنين تهدف إلى منع قيام تواصل جغرافي فلسطيني وضمان الاستيطان الإسرائيلي الذي يبدأ من جنوب مستوطنة أريئيل ويتجه شرقاً حتى يصل إلى أطراف وادي الأردن. وقبل أي بؤرة استيطانية أخرى في الضفة، طبّق المستوطنون الدروس التي تعلموها من نشاطاتهم الماضية في بداية التسعينيات، وبدلاً من استخدام الأسلوب السابق في البؤر الاستيطانية الأولى، الذي ركز على نشر كرافانات في مواقع معزولة تابعة لمستوطنات كبيرة، فإن البؤر الاستيطانية في وادي شيلو تمركزت في أراض زراعية واسعة. وبهذه الطريقة تمكنوا من السيطرة على مساحات واسعة، أضف الی ذلك الأهمية الإيديولوجية التي ينطوي عليها العمل في الأرض. ويحظى هذا التحرك بدعم كامل من جانب المؤسسة الاستيطانية في يهودا والسامرة [الضفة الغربية]. ويسمي المجلس الإقليمي في مستوطنة بنيامين البؤر التي تدخل ضمن نطاق صلاحياته "الاستيطان الشاب".

•وكما ورد بالتفصيل في التقارير الصادرة عن منظمة حقوق الإنسان "يش دين"، فقد توسعت أراضي هذه البؤر في وادي شيلو أثناء الانتفاضة، على حساب قرى فلسطينية موجودة في المنطقة. في البداية منع الجيش الإسرائيلي توجه الفلسطينيين إلى أراضيهم القريبة من هذه البؤر خوفاً من وقوع مواجهات وصدامات، وبعدها استغل سكان البؤر ثغرة موجودة في القانون العثماني بشأن الأرض تقول إن العمل المتواصل في الأرض هو الذي يثبت ملكيتها، واستولوا على هذه الأراضي. ومع نهاية قمع الانتفاضة جرى سلب الفلسطينيين مساحات كبيرة من الأراضي، ومنذ ذلك الحين أصبحت المواجهات بين السكان الفلسطينيين والمستوطنين أمراً يومياً. 

•قبل سنة وقعت حادثة حظيت بتغطية اعلامية واسعة، عندما قامت مجموعة من "شباب الهضاب" [مجموعة من شباب البؤر الاستيطانية] باستفزاز أهالي قرية قُصره الفلسطينية ودخلوا في مواجهات معهم وجرى اخراجهم من القرية بالتنسيق بين الجيش الإسرائيلي وأجهزة الأمن الفلسطينية. 

•بعد انتهاء النضال ضد جدار الفصل في قريتي بلعين ونعلين، بحثت السلطة الفلسطينية عن ساحة جديدة للنضال من أجل التعبير عن المعارضة الشعبية للاحتلال. وتحول وادي شيلو إلى مركز للتظاهرات والاحتجاجات. وفي التظاهرة التي قادها أبو عين في ذكرى اليوم العالمي لحقوق الإنسان أراد الفلسطينيون والمتطوعون من المنظمات اليسارية والأجنبية زرع أشجار زيتون بالقرب من إحدى البؤر، لكن الجيش رفض السماح لهم بذلك، فنشب جدال أصيب خلاله أبو عين. 

•الأفلام التي صورت المواجهة، والصحافيون الذين كانوا حاضرين لا يقدمون صورة كاملة عما حدث فعلاً. فالصدام بين أبو عين والشرطة والجنود الإسرائيليين موثق بصورة جزئية ومن زاوية لا تسمح بإعادة تمثيل الوقائع بصورة كاملة. ومظاهر العنف التي ظهرت في الصور- عملية التدافع والشتائم والغاز المسيل للدموع، ويد الشرطي التي تمسك بخناق الوزير- ليست أمراً غريباً في المناطق مقارنة بالتظاهرات في حدود الخط الأخضر. ولا تبين الصور وقوع جريمة بدم بارد كما لا تظهر عنف الشرطة. ويبدو أن أبو عين أصيب أثناء الصدام ولاقى صعوبة في التنفس، وانهار خلال دقائق. 

•بصورة استثنائية جاء الرد الإسرائيلي الرسمي على الحادث من خلال سلسلة تصريحات رسمية من جانب رئيس الحكومة ووزير الدفاع اللذين عبرا عن أسفهما لموت الوزير وأعلنا التحقيق في الحادث. وظهر منسق الأنشطة في المناطق اللواء يوآف مردخاي في محطة تلفزيون عربية وأعرب عن اعتذار إسرائيل عن مقتل أبو عين، كما اجرى ومساعدوه اتصالات مكثفة مع الأجهزة الفلسطينية للتنسيق معهم ومنع حدوث تدهور جديد. 

 

•لكن يبدو أن سنة 2015 ستكون سنة صعبة في المناطق في ضوء استمرار الجمود السياسي وانعدام الأمل وسط سكان الضفة، الأمر الذي قد يؤدي إلى تدهور واسع النطاق.

 

 

المزيد ضمن العدد 2032