•في وقت قريب تدخل الثورة السورية عامها الرابع. هذه الثورة التي تحولت إلى حرب أهلية دموية دمرت بالكامل الدولة التي لا يزال بشار الأسد يسيطر عليها، وحولتها إلى شريط ضيق يمتد من دمشق شمالاً حتى مدينة حلب، ومن الجيب العلوي حتى الشاطئ السوري. في الجزء الشرقي الذي كان جزءاً من سورية أنشأ تنظيم داعش خلافة إسلامية، أما في سائر أنحاء الدولة مثل هضبة الجولان السورية فتسيطر مجموعات من الثوار.
•لم يبقَ شيء من سورية باستثناء أمر جوهري هو الحلف الاستراتيجي بين دمشق وطهران وحزب الله، وهذا الحلف ازداد قوة خلال السنوات الماضية. وكلما إزداد غرق بشار الأسد في مستنقع الحرب الأهلية، ازدادت تبعيته لحلفائه الإيرانيين وحزب الله.
•فمن دون المساعدة المالية التي تقدمها إيران لسورية، ثمة شك في أن يستطيع بشار الأسد الصمود. لكن ما لا يقل أهمية هو المساعدة التي يقدمها حزب الله من خلال آلاف المقاتلين الذين يحاربون إلى جانبه من أجل حسم المعركة لصالحه. صحيح أن هؤلاء لم ينجحوا في الانتصار على الثوار وهم يدفعون ثمناً باهظاً من خلال آلاف القتلى والجرحى، لكن بفضلهم ما يزال الأسد لا يزال صامداً في قصره.
•لقد هبّ الإيرانيون وحزب الله لإنقاذ الأسد لأن سورية مهمة بالنسبة إليهم، وهي دولة أساسية في المحور الشيعي الذي يسعون إلى تشكيله من طهران مروراً ببغداد ودمشق وصولاً إلى بيروت. وسورية هي بوابة إيران نحو شواطئ البحر المتوسط، وممر أساسي لا بديل عنه وبواسطته نقلت إيران عشرات آلاف الصواريخ إلى حزب الله.
•من جهته يشعر بشار بالدين تجاه حلفائه الشيعة. فخلال سنوات طويلة همس في أذنه الموفدون الذين أرسلتهم واشنطن والقدس أن من الأفضل له أن يقطع علاقته "بمحور الشر"، وأن يصنع السلام مع إسرائيل ويحسن علاقاته بواشنطن. لكن في لحظة الحقيقة وقفت واشنطن ضده، وإيران هي التي هبت لنجدته. وأصبح الحلف مع إيران وحزب الله وثيقاً لدرجة أن بشار لا يتردد في إعطاء شركائه من القليل الذي يملكه، أي السلاح المتطور الذي زوده به الروس، والذي لا يفيده في حربه ضد الثوار، لكن بالنسبة لحزب الله فإن هذا السلاح كما يكررون في إسرائيل، يكسر التوازن ويستطيع أن يمنح الحزب تفوقاً كبيراً في أي مواجهة مع إسرائيل.
•من جهته، وقف حزب الله بكامل قوته إلى جانب بشار الأسد، لكنه في الوقت عينه حرص على المحافظة على جهوزيته في مواجهة إسرائيل كما لو أنه ليس هناك حرب في سورية، وكما لو أنه لم يسقط مئات القتلى من رجاله في هذه الحرب. إن كل مواجهة عسكرية بين إسرائيل وحزب الله ستعتمد ومثلما حدث مع "حماس"، على الترسانة الصاروخية وعلى مجموعات النخبة من المقاتلين الذين سيخوضون- من خلال الأنفاق- المواجهة مع القوات الإسرائيلية. وبهذه الطريقة ينجح الحزب في المحافظة على جهوزيته وقدرته على مواجهة إسرائيل على الرغم الحرب في سورية. وهو حريص أيضاً على المحافظة على قدرته على الردع وأن يرى إسرائيل تتردد في مهاجمة أهداف على الأراضي اللبنانية خوفاً من رد الحزب، وكيف تستغل ضعف بشار الأسد كي تتحرك على الأراضي السورية، وذلك استناداً إلى تقارير أجنبية، وهي تفترض أن بشار سيمتنع كعادته عن الرد.
•ومع أهمية حروب الإخوة والحروب الأهلية، فإن إسرائيل كانت وستبقى أهم عدو بالنسبة لخصومها.