•يدرك رئيس الحكومة، إيهود أولمرت، جيداً، أنه لم ينجح في اجتياز تقرير فينوغراد بسلام، وأن الحرب على لبنان ستظل تلاحقه في كل مكان، كما ستلاحق جميع الذين تعرضوا لضرر مباشر بسببها. لم نخرج من حرب لبنان بسلام إلى الآن، لأننا لم نتجرأ بعد على أن نتمعن، بعيون فاحصة، في الدلالات العميقة والمرعبة لتلك الحرب.
•صحيح أن الخوف على وجودنا يلازمنا على الدوام، لكن فداحة التهديد تجعلنا نتهرب من مواجهته ومن اتخاذ الخطوات المطلوبة لمنعه. وليس المقصود هنا الخطوات العسكرية فحسب (التي فشلنا حتى فيها)، بل أيضاً التغيير الشامل والعميق على مستوى الوعي، الذي يعتبر مسلكاً مطلوباً من كل من يصر على أن يمنع فعلاً خطراً وجودياً من هذا القبيل.
•تملك إسرائيل قدرات كبيرة ومحترمة، فماذا شاهدنا في إبان الحرب؟ لقد بدونا أشبه بعملاق أعمى يضرب بذراعيه في كل اتجاه في وقت تنهش جسده مخلوقات أصغر وأضعف منه، الأمر الذي يؤدي إلى سفك دمه واستنزافه، إلى درجة يبدو معها أنه على وشك السقوط.
•إن هذا الأمر لم يبدأ بإيهود أولمرت ولا بالحرب الأخيرة، على الرغم من أن سلوك رئيس الحكومة ساهم فيه كثيراً. منذ بضعة أعوام ونحن في خضم مماحكات داخلية، إلى درجة فقدنا معها القدرة على رؤية الصورة العامة، وعلى رؤية مصلحتنا كشعب ومجتمع. يبدو أنه بعد مرور أكثر من مئة عام على النزاعات العسكرية والسياسية المستمرة، وعلى الحروب والعمليات العسكرية، أصبح الشك والكراهية، اللذان اعتدنا التعامل بهما مع العدو، جزءاً من طريقة تفكيرنا وسلوكنا شبه التلقائي إزاء كل من يختلف عنا ولو قليلاً، حتى لو لم يكن عدواً حقيقياً، وحتى لو كان واحداً من "أفراد الأسرة"، بالمفهوم الأوسع للكلمة.
•بناء على ذلك فإن السؤال الذي يجب أن نطرحه على أنفسنا هو ليس ما إذا كان في إمكان أولمرت أن يبقى في منصبه، بعد أن وفرت له لجنة فينوغراد ذريعة البقاء فيه، وإنما هل هو الشخص الذي في إمكانه أن يحرك عملية شفائنا من هذه الموبقات والآفات؟ أعتقد أنه ليس في إمكان المجتمع الإسرائيلي أن يشفى من كل ذلك ما دام أولمرت زعيمه وقائد مسيرته.