ما يميّـز الانتفاضة الفلسطينية الثالثة عن سابقاتها هو المدّ الديني الإسلامي العنفي
المصدر
يديعوت أحرونوت

تعني بالعربية "آخر الأخبار"، تأسست سنة 1939، وتصدر باللغتين العبرية والإنكليزية، كما يمكن قراءتها على موقعها الإلكتروني "ynet". وهي تُعتبر الصحيفة الثانية الأكثر انتشاراً في إسرائيل. تنتهج الصحيفة خطاً سياسياً أقرب إلى الوسط الإسرائيلي، يصدر عن الصحيفة ملحق اقتصادي بعنوان "كلكاليست".

المؤلف

•يزداد زخم الانتفاضة الثالثة وهي تتبع مساراً مألوفاً في القدس والقطاع العربي في إسرائيل وفي يهودا والسامرة [الضفة الغربية] والآن في تل أبيب. وينتقل الحريق من مكان إلى آخر، وكل حريق يغذي ويشعل حرائق أخرى. هذا ما جرى في الانتفاضة الأولى، انتفاضة الحجارة، وفي الانتفاضة الثانية، انتفاضة المخربين الانتحاريين.

•لكن على الرغم من ذلك، فثمة فوارق بين هذه الانتفاضات. فالانتفاضة الأولى والثانية اشتعلتا بصورة كبيرة منذ اللحظة الأولى ونشبتا بسبب حدث واحد. أما الانتفاضة الثالثة فقد بدأت في آذار/مارس هذه السنة وتصاعدت حتى وصلت إلى وضعها الحالي حيث تدور بقوة في القدس وفي القطاع العربي في إسرائيل وبنسبة أقل في الضفة الغربية.

•واستناداً إلى مصادر أمنية، فإن سبب انخفاض حدة الأحداث في يهودا والسامرة [الضفة الغربية] يعود إلى حرص أبو مازن على أن تقوم القوى الأمنية الفلسطينية بمنع حدوث احتدامات كبيرة، لأن ذلك من شأنه الإساءة إلى الصورة التي يقدمها للعالم، وقد يعرقل الإنجازات السياسية التي يتطلع إلى تحقيقها مثل موافقة مجلس الأمن على الاعتراف بدولة فلسطين ضمن حدود 1967. ولهذا السبب تعمل الأجهزة الأمنية الفلسطينية بحزم لمنع نشوب احتجاجات شعبية، واستخدام السلاح الناري في الضفة. لكن رشق الحجارة والزجاجات الحارقة وإلقاء العبوات يستمر ويزداد. والسؤال الذي يطرح هو: إلى متى يستطيع أبو مازن "الإمساك" بالانتفاضة الثالثة في الضفة بينما هو يسمح باستمرار أعمال الشغب في القدس.

•ثمة سبب آخر لعدم خروج الأمور في الضفة الغربية عن السيطرة، وهو أن "حماس" أو أي تنظيم فلسطيني آخر، غير قادر على القيام بعمليات في القدس وفي الضفة لسبب بسيط هو الدمار الذي لحق بالتنظيمات الإسلامية خلال السنة الأخيرة بعد خطف الشبان الثلاثة من غوش عتسيون وقتلهم. إن إسرائيل ليست موجودة في قطاع غزة وفي إمكان "حماس" أن تحرض ولكن ليس في إمكانها أن تصنع أحزمة ناسفة، وتقوم بإعداد انتحاريين. هذا هو الوضع حتى الآن، لكن من المحتمل في ما بعد رؤية نضال مسلح ومنظم ضدنا في إطار الانتفاضة الثالثة.

•إن هجوم الطعن الذي حدث اليوم في تل أبيب هو استمرار طبيعي للتصعيد الذي تشهده الانتفاضة الثالثة. ويعود هذا التصعيد إلى تأجج المشاعر الدينية من جراء مقتل يهود وعرب، وإلى السهولة غير المحتملة التي يقيم فيها في إسرائيل أشخاص دخلوا إليها بصورة غير شرعية، وإلى الاستفزازات وتأجيج المشاعر من جانب السياسيين اليهود والفلسطينيين والعرب في إسرائيل. وبصفة خاصة، من الجدير الانتباه إلى الخلفية الدينية للأحداث في القدس والمناطق الفلسطينية ووسط عرب إسرائيل. وثمة سبب آخر للتصعيد هو تنظيم داعش الذي أدخل الشرق الأوسط والعالم الإسلامي كله في  هوس ديني عنيف غير منظم لكنه قاتل، لا يبرز فقط في الحرم القدسي بل في كندا وبروكسل وألمانيا أيضاً. ولا يوجد اليوم مكان في الكرة الأرضية فيه مسلمون لا يشهد تأجج المشاعر الدينية. وفي الواقع ثمة صلة مباشرة بين حادثة الطعن في محطة الركاب في تل أبيب وشرائط فيديو داعش التي يظهر فيها قطع الرؤوس. وما يحدث عندنا هو تضافر الأسباب السياسية والقومية والمحلية مع "الإسلام" العالمي، والجمع بين الإسلام والتصعيد.

•ثمة حقيقة تبعث على الارتياح هي أنه على عكس السياسيين القوميين والدينيين من كلا الطرفين من الذين يؤججون المشاعر ويساهمون مساهمة كبيرة في العنف، فإن القوات الأمنية في إسرائيل تعلمت دروس الانتفاضة الماضية. وتقوم الشرطة بنشر قوات كبيرة لها في القدس وفي مراكز الاحتكاك في القطاع العربي، كما يقوم الجيش الإسرائيلي بما ينبغي في الضفة الغربية. لكن ليس في إمكان الشرطة الانتشار في كل مكان، وحتى لو استخدمت اليد الحديدية فهي تستطيع فقط التخفيف من الحريق لا إطفاءه.

•إن كل قتيل فلسطيني يستغل من أجل تأجيج المشاعر، ولا سيما إذا كانت ظروف مقتله غير واضحة، أو لأن العرب يعتبرونه ضحية إساءة متعمدة من القوات الأمنية الإسرائيلية. ومع الأسف، فحتى المخرب الذي يقتل بعد أن قتل عدداً من اليهود، يعطى فوراً صفة شهيد ويتحول إلى رمز ويصب الزيت على النار. وبهذه الطريقة تتصاعد الانتفاضة الثالثة لفلسطينيي القدس أكثر فأكثر.

•ومن أجل وقف هذه الانتفاضة من المهم أولاً وعي الجمهور الذي أثبت نفسه كأداة وقايـة فاعلـة فـي الانتفاضة السـابقـة. إلى جانـب ذلـك، يجـب أن نعترف بأن ما يجري هو ظاهرة فلسطينية عامة تستمد زخمها من  تأجج المشاعر الدينية – الإسلامية التي تجتاح الشرق الأوسط وأجزاء كبيرة من العالم.

•ثمة وسيلة أخرى لمواجهة الوضع هي الانتشار الكثيف للقوى الأمنية في شوارع إسرائيل والقدس والضفة الغربية. وعند الحاجة يجب السماح بدوريات للجيش الإسرائيلي داخل أراضي إسرائيل، فالوضع يتطلب ذلك في أيام الانتفاضة. ويجب أن نعترف بأن الشرطة وحدها لا تستطيع القيام بالمهمة.

•إلى جانب ذلك، المطلوب إعطاء تعليمات صارمة إلى الجيش والشرطة بشأن البدء بإطلاق النار، تقيد استخدام السلاح الناري في الحوادث التي لا تنطوي على خطر ملموس على الحياة. 

•كما يجب استخدام جميع الوسائل التي استخدمت في الانتفاضة الثانية لمنع الدخول غير الشرعي إلى إسرائيل، وتشديد الرقابة على المعابر. ويتعين أيضاً أن نطلب من السياسيين وقف التحريض، واستخدام جميع الوسائل المطلوبة لإجبارهم على ضبط النفس.