•كلما كثر ما ينشر في الصحافة عن خطر اندلاع حرب بين إسرائيل وسورية تنشر أيضاً مقالات تتضمن اقتراحات بشأن تسوية سلمية بين البلدين. اقترح كاتب أحد المقالات التي نشرت في "معاريف" مؤخراً أن تعيد إسرائيل لسورية السيادة على هضبة الجولان مقابل موافقة سورية على بقاء المستوطنات في الهضبة.
•ثمة شك في أن يكون هذا الاقتراح عملياً من الناحية السياسية. في الواقع السياسي والقومي والنفسي الذي يسود منطقتنا لا يتبادر إلى الذهن أن سورية ستتنازل من حيث المبدأ عما سبق أن أعطي لمصر في أعقاب توقيع معاهدة السلام معها. لم تبق مستوطنات يهودية في سيناء ولو تعنتت حكومة بيغن بشأن "كتلة مستوطنات يميت" لما وقعت معاهدة السلام.
•ما هو الحل السياسي الممكن الذي ينطوي على كثير من الفوائد الاقتصادية التي كتب عنها مناحم بيغن، لكن لا يمس، في الوقت نفسه، الكرامة القومية للسوريين ولا يهدد أمن إسرائيل؟ لا مفر من الجزم بأن الاستيطان اليهودي في هضبة الجولان سيكون الضحية التي ستقدم على مذبح السلام، وستكون هذه مساهمته التاريخية القومية.
•ما هو المقابل الذي ستحصل إسرائيل عليه لقاء الانسحاب من الجولان؟ هذا المقابل يجب ألا يتمثل فقط في ضمان الأمن، عن طريق ترتيبات دولية أمنية وسياسية بدعم من الدول العربية، وإنما أيضاً في تنازلات سياسية متبادلة ومبادرات اقتصادية تعود بالبركة على المنطقة بأسرها.
•يجب أن تقوم التسوية السياسية المتبادلة على انسحاب إسرائيلي من هضبة الجولان، وتنازل سوري عن حصة سورية في الشاطئ الشرقي من بحيرة طبرية. وفي المجال الاقتصادي، ينبغي تنفيذ الخطة الطموحة لمد أنبوب لنقل المياه من تركيا عبر سورية ومنها إلى إسرائيل والأردن والدولة الفلسطينية التي ستنشأ في المستقبل.
•من المؤكد أن تركيا أيضاً، التي تحكمها الآن حكومة إسلامية معتدلة، ستكون معنية بهذه الخطة لأسباب اقتصادية، وبشكل خاص لأسباب سياسية. لقد نشرت خلال الأيام الفائتة أنباء عن محاولات تبذلها حكومة أنقرة لتبديد مناخات الحرب بين سورية وإسرائيل. كما أن مساهمتها البناءة في التسوية السلمية يمكن أن تساهم في فتح أبواب الأسرة الأوروبية أمامها.
•يجب أيضاً إرساء التسوية السياسية بين البلدين على قاعدة اقتصادية محلية، كتحويل المستوطنات اليهودية التي سيتم إخلاؤها إلى أماكن لإقامة السواح، وتحويل جميع المشاريع الاقتصادية إلى ملكية دولية مشتركة بين اليهود سكان هضبة الجولان سابقاً وشركات اقتصادية سورية ومستثمرين دوليون.