•المفاجأة الوحيدة في تظاهرة نهاية الأسبوع في بيروت تكمن في هوية الخطيب الرئيسي فيها ـ الجنرال الماروني ميشيل عون. فقد كان عون في الماضي البعيد العدو اللدود للسوريين في لبنان، لكنه اليوم حليف وربما عميل حسن نصر الله، وهو يأمل بأن يمهد دعم حزب الله طريقه إلى قصر الرئاسة في بعبدا.
•انضباط المتظاهرين وحقيقة أنه اختار الاختباء خلف الجنرال عون يشهدان على أن وجهة حسن نصر الله ليست الحرب الأهلية الدموية، وإنما هو يرغب فقط في إخضاع فؤاد السنيورة وإجباره على الاستسلام لمطالبه. وفي المرحلة الحالية سيكتفي نصر الله أيضاً بخضوع السنيورة لجزء من مطالبه، والأساسي فيها هو تأليف حكومة يكون فيها لنصر الله وحلفائه في المعسكر الشيعي قدرة على التأثير وحق الفيتو على أي قرار. غير أن وجهة نصر الله على المدى البعيد هي السيطرة على لبنان كون الشيعة هم الطائفة الأكبر في هذا البلد.
•رئيس الحكومة، السنيورة، يتصرف حتى الآن بشجاعة غير اعتيادية. وهو يحظى بدعم أغلبية أبناء الطوائف السنية والمارونية والدرزية، وكذلك دعم الأسرة الدولية ودعم معظم الدول العربية المعتدلة. لكن ذلك لا يكفي، لأنه إذا ما واصل نصر الله ومؤيدوه مقاطعة الحكومة فسيكون من الصعب على السنيورة أن يواصل أداء مهمات منصبه.
•حتى الآن لجمت واشنطن محاولات دمشق للعودة إلى السيطرة على لبنان. لكن حالياً تهب رياح جديدة على واشنطن وتصدر هناك نداءات من أجل الحوار مع السوريين. وإذا ما عاد مؤيدو سورية إلى السيطرة على لبنان فإن أول من سيدفع ثمن ذلك هم أولئك اللبنانيون الشجعان الذين أملوا بأن يسير لبنان في سكة الديمقراطية والحرية. وبعدهم ستدفع إسرائيل الثمن، حين تكتشف أنها أفلحت في إبعاد حزب الله عن حدودها الشمالية لكنها تلقته كمتوّج للملوك في السياسة اللبنانية وفي الحكومة المقبلة في بيروت. وأخيراً ستدفع الولايات المتحدة الثمن لأن سقوط السنيورة سيعني نهاية مغامرتها في لبنان، وبداية طريق الانكفاء الأميركي في العراق، ونهاية حلم الرئيس بوش بشأن الشرق الأوسط الجديد.