ضبط النفس جعل نتنياهو يخسر اليمين لكن أغلبية الإسرائيليين تقدّر سلوكه الحكيم
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف

•حتى اليوم (الجمعة) لم يستغلّ نتنياهو حقه في مصادرة بضع دقائق من برامج المحطات التلفزيونية الثلاث كي يلقي خطاباً تشرتشلياً يشرح فيه قراره البدء بعملية "جرف الصخر الصامد" في غزة ضد حركة "حماس". وهو لم يتوجه إلى الكنيست كي يشرح لنواب الشعب دوافعه. فما يزال مطبوعاً ففي ذاكرته الخطاب الدراماتيكي الذي ألقاه رئيس الوزراء الذي سبقه إيهود أولمرت لدى شنه حرب لبنان الثانية [حرب تموز 2006] قبل ثمانية أعوام تحديداً. هذا الخطاب الذي أثار توقعات كبيرة. ولكن ماذا تمخض عنه؟ الجميع يعرفون. 

•لقد اكتفى نتنياهو حتى الآن بتصريحين أو ثلاثة مختصرين. وحرص على عدم استخدام كلمات مثل "حسم" و"تدمير" وسحق". فهذه المصطلحات لم يعد يستخدمها بعد أن انتقل من رئاسة المعارضة إلى رئاسة الحكومة حيث تبدو الأمور هنا مختلفة. كما أنه لم يضع أهدفاً نبيلة وسامية للعملية باستثناء قوله أنه سيدفّع "حماس" ثمناً باهظاً. 

•إن ضبط النفس الذي مارسه نتنياهو خلال الأيام الخمسة الماضية أدت إلى خسارته بعضاً من رصيد شعبيته خاصة في الأوساط السياسية المؤيدة له. ففي اليمين أطلقوا عليه نعت "المنضبط" ويعتقد كثيرون في حزبه أنه كان متردداً، وأنه عندما قرر العملية، فعل ذلك بحرص وتقتير.

•لكن أغلبية الإسرائيليين تقدر سلوكه. والدليل أنه بعد يومين ونصف من تعرض غزة للقصف من قبل سلاح الجو، ومقتل عشرات من الفلسطينيين أكثرهم من الأبرياء ومن الأطفال والنساء وسقوط مئات الجرحى، لم تطلب دولة غربية صراحة من إسرائيل وقف النار. وقد أظهر استفتاء للرأي العام أجرته "هآرتس" ونشرته يوم الأربعاء، أن نسبة الذين أعربوا عن تأييدهم لتوقيت العملية الحالية أكبر من الذين اعتقدوا أنه كان على نتنياهو إعطاء أوامر البدء بالعملية قبل أسبوع، مع بداية القصف من غزة.

•وبدا نتنياهو في الأحاديث التي أجراها مع شخصيات سياسية خلال اليومين الأولين للقتال، باحثاً عن دعم واسع، فهو يحب أن يكون إجماعياً. وقد أعرب أمام أحد محاوريه عن استيائه، أو بالأحرى اشمئزازه من وزراء معينين من اليمين صوّروه في الأيام الأخيرة كشخص متردد وضعيف، من دون أن يروا الصورة الأوسع، ولم يفهموا الحاجة الاستراتيجية لضبط النفس.

•يوم الثلاثاء اتصل نتنياهو هاتفياً بزعيمة حركة ميرتس عضو الكنيست زهافا غالئون التي نصحته بعدم الإصغاء إلى دعاة الحرب في المجلس الوزاري وعدم الإسراع بالدخول في معركة برية في غزة ستنتهي بالكثير من القتلى لدى الطرفين، ولن تحدث تغييراً على المدى البعيد. وسألها ماذا تقترح فقالت: "عليك معاقبة "حماس" والسعي أيضاً لعملية ديبلوماسية بمساعدة مصر تؤدي إلى وقف النار".

 

•بعد مرور يومين، ثلاثة أو أربعة، وعندما سينهي سلاح الجو مهمته ويفرغ بنك الأهداف ويتحول كل ما كان يجب تدميره إلى خرائب ودخان، سوف يطرح مرة أخرى السؤال التقليدي: كيف نخرج من هنا؟