الإسرائيليون يريدون إنجازاً كبيراً ضد "حماس" يؤمّن الهدوء لأطول وقت ممكن
المصدر
يسرائيل هيوم

صحيفة يومية توزَّع مجاناً وتصدر باللغتين العبرية والإنكليزية. صدرت للمرة الأولى في سنة 2007، مالكها شيلدون أدلسون، وهو من الأصدقاء المقرّبين من بنيامين نتنياهو، وتنتهج خطاً مؤيداً له. ونظراً إلى توزيعها المجاني، فقد تحولت إلى الصحيفة الأكثر توزيعاً في إسرائيل.

المؤلف

•ليست إسرائيل مَن خطط للمواجهة الحالية في غزة. ففي مطلع هذا الأسبوع كان الانطباع السائد أن "حماس" غير معنية بالتصعيد، وجاءت الردود الإسرائيلية على القصف من القطاع بما يتلاءم مع ذلك، أي محدودة مع الحرص على عدم تحطيم الأواني. لكن عندما جنّ جنون "حماس" يوم الاثنين، اضطرت إسرائيل إلى التحرك. وحتى آنذاك، مرّت بضع ساعات قبل أن تتطور المعركة.

•يمكننا أن نستغرب سبب التأخر الإسرائيلي. يدّعي المنتقدون للجيش (حتى من داخله) أن الجيش تلكأ، وأنه منذ لحظة خطف الشبان الثلاثة عرض رئيس الأركان خططاً ضعيفة ورخوة هدفها تقليص المخاطر. أما المدافعون عن الجيش (وبصورة خاصة من داخله)، فيقولون إن الجيش تصرف بمسؤولية وحرص على عدم الانجرار بعيون مفتوحة إلى تصعيد لا لزوم له. وبما أن الهدف الاستراتيجي الذي وضع للجيش الإسرائيلي هو إعادة الهدوء في الجنوب لا أكثر، وليس أي شيء آخر مثل احتلال القطاع أو تقويض سلطة "حماس"، فقد حاول تحقيق هذا الهدف من خلال استخدام القوة كحل أخير.

•وهذه حجة معقولة ولا سيما إذا أخذنا بالاعتبار التسرع في استخدام القوة في حرب لبنان الثانية التي هي الحدث الذي قولب الجيش الإسرائيلي في العقد الماضي، وانعكاسات استخدام القوة في عملية "رصاص مسبوك". إن هذا الضبط للنفس الذي بالتأكيد يتطابق مع نيات بنيامين نتنياهو الذي قد يدفع ثمناً سياسياً لحذره، كانت له فضائله فقد منح شرعية لا بأس بها لإسرائيل في العالم وفي الساحة الداخلية، وأثبت أن إسرائيل فعلت كل ما في وسعها للحؤول دون التصعيد.

•ولكن على الجيش الإسرائيلي أن يسأل نفسه صراحة: هل كان مستعداً كما يجب لتطورات هذا الأسبوع؟ وهل لم ينشأ عن التوجه نحو "احتواء" الأحداث المتعلقة بالخطف في يهودا والسامرة، واقع خيالي حال دون الاستعداد الجيد لمواجهة التصعيد في الجنوب؟ وهل التقديرات بأن "حماس" سترتدع وستمتنع عن القصف الكثيف لم تكن أكثر من تمنيات وليست حقائق فعلية؟ وهل جميع مقومات العملية – القوات والتأهب والاستخبارات- اجتمعت في عملية "جرف الصخر الصامد" في شكلها الأمثل؟

•إن الإجابات عن هذه الأسئلة تحمل أوجهاً متعددة، وهي تتعلق بطبيعة متخذي القرارات لا أقل  من التحليل البارد للأحداث. وأحد إشكاليات الوضع تتمثل في بدء العملية، ومن الممكن أن تنعكس على نهايتها ونتائجها. فبعكس عملية "الرصاص المسبوك" التي بدأت بهجوم جوي واسع ومباغت، أو "عمود سحاب" التي بدأت باغتيال رئيس أركان "حماس" أحمد الجعبري، لم يكن هذه المرة لدى إسرائيل ورقة رابحة تستطيع استخدامها، فجميع كبار المسؤولين في التنظيم الإرهابي هبطوا إلى تحت الأرض فور العثور على جثث المفقودين يوم الاثنين في الأسبوع الماضي، وجزء كبير من الأهداف النوعية كانت قد هوجمت مسبقاً خلال المناوشات التي دارت بين الجيش الإسرائيلي والتنظيمات الإرهابية خلال الأسابيع الثلاثة التي مرت بين خطف نفتالي فرنكل وجيل - عاد شاعر وأيال يفراح وبين بدء العملية في الجنوب هذا الأسبوع.

•ويمكن أن نضيف إلى ذلك، أن "حماس" وليس الجيش الإسرائيلي فقط، تعلمت دروس "عمود سحاب". فقد كانت نقطة الضعف الأساسية للحركة هي انكشافها أمام استخبارات الجيش الإسرائيلي، ومن هنا حرصها على تقليص هذه النقطة مما ساهم في صمود أفرادها.

•وإذا كان سلاح الجو قد نجح قبل عامين في ضرب خلايا كثيرة من مطلقي الصواريخ أثناء تحضيرهم لعملية الإطلاق أو بعدها بقليل، فقد رأينا هذا الأسبوع أن عمليات الاطلاق تجري من داخل حفر مموهة جرى إعدادها مسبقاً، أغلبيتها مع فتحات هيدرولية وأنظمة قصف تعمل عن بعد.

•إلى جانب ذلك، أعدت "حماس" "مفاجآت استراتيجية" هدفها موازنة المفاجآت التي أعدتها إسرائيل، من شأنها أن تسمح لها بتسجيل نقاط في المعركة الدائرة في جزئها الأكبر على الرأي العام للمواطنين الإسرائيليين والفلسطينيين. 

•لقد جرى إحباط عملية تسلل بحري قام بها غواصون إلى زيكيم بفضل معلومات مسبقة وبفضل حرفية سلاح البحر الإسرائيلي. كما اُحبط الهجوم الذي كان مخططاً له على موقع الحراسة في كرم سالم بواسطة نفق مفخخ، كما فشلت المحاولات الفلسطينية لإسقاط طائرة بواسطة صاروخ مضاد للطائرات.

•لكن حتى الآن لم تستخدم "حماس" جميع الأوراق التي لديها. على سبيل المثال قد يكون مدى الصواريخ فاجأ الجمهور، لكنه لم يفاجئ الجيش الذي سبق أن علم به قبل شهرين. ومن غير الواضح ما إذا كانت هذه الصواريخ جرى تهريبها أم أنها من صنع غزة.

•لقد ظهرت هذا الأسبوع صواريخ من طراز  M-302 من إنتاج سوري، وهي مثل الصواريخ التي صودرت قبل أربعة أعوام من سفينة KLOS –C. وتشير التقديرات إلى وجود عشرات الصواريخ من هذا النوع في غزة بالإضافة إلى صواريخ يبلغ مداها 70 إلى 80 كيلومتراً أغلبيتها من صنع محلي، وكذلك آلاف صواريخ غراد القصيرة المدى التي تصل إلى 40 كيلومتراً.

 

•وهذه الكميات من الصواريخ تسمح لـ"حماس" بأيام طويلة من القتال. ويشير حجم القصف بالصواريخ البعيدة المدى الذي قامت به الحركة هذا الأسبوع، إلى أنها مستعدة لمعركة طويلة وأن في حوزتها ما يكفي من العتاد لتلك الفترة بطولها.