· انهار الجيش العراقي هذا الأسبوع مثل برج من ورق، لدى قيام مقاتلي القاعدة والجهاد العالمي باحتلال الموصل- ثاني أكبر مدينة في العراق. وكان الأميركيون هم من أسّس هذا الجيش ودرّبه، وعلى مدار العقد الأخير أنفقوا عليه عشرات مليارات الدولارات. وها هم الآلاف من جنوده يهربون بلا قتال تاركين وراءهم نعالهم وثيابهم ومعدات عسكرية أميركية متطورة ومطاراً ومستشفيات وسجوناً.
· ووفقاً لآخر التقارير، فإن عناصر الجهاد العالمي موجودون الآن على بعد 200 كم من العاصمة بغداد ويطمحون للوصول إلى هناك أيضاً. ومعروف أن مقاتلي القاعدة سنة، أما الجيش العراقي فكله أو معظمه من الشيعة.
· كما تشير هذه التقارير إلى أن نظام الدمى الشيعي الذي أقامه الأميركيون في العراق وكان مصدر فخر بالنسبة إلى الرئيس باراك أوباما قد انهار. وما زلنا نذكر أن أوباما أصدر أوامره إلى الجيش الأميركي بالانسحاب لأن الجيش العراقي بات برأيه مستعداً لتحمل العبء كله.
· والآن بعد سيطرة القاعدة على المدن السنية في غرب العراق، أضيفت إلى سيطرتها مدينة الموصل الشمالية أيضاً. وتتصل هذه "الدولة" السلفية بالدولة السلفية في سورية، ومن المتوقع أن تتصل بالأردن قريباً، وبذا تنهار الأوهام الأميركية وتمحى الحدود القومية.
· يبدو أن الولايات المتحدة لن تقدم على فعل أي شيء، ولا أحد في الشرق الأوسط يعتقد أنها ستفعل شيئاً. وبعبارة أخرى يمكن القول إن إدارة أوباما الفائز بجائزة نوبل للسلام هي المسؤولة عن ولادة دول القاعدة في المنطقة حيث تشكل كارثة إنسانية لملايين البائسين.
· ما هي أهمية كل هذه التطورات بالنسبة إلى إسرائيل؟ إن أهميتها ناجمة عن حقيقة أن هذه الإدارة الأميركية أعدّت لنا خطة أمنية في يهودا والسامرة [الضفة الغربية] كما أعدّت للعراق. ويعتقد وزير الخارجية الأميركي جون كيري وخبراؤه الأمنيون أن خطة أمنية على الورق تكفي لجعل الأنظمة والدول في الشرق الأوسط مستقرة.
· إن ما يمكن استخلاصه من درس العراق أنه في اللحظة التي يخرج فيها الجيش الإسرائيلي من متر واحد من يهودا والسامرة، فستدخل عناصر الجهاد العالمي بدلاً منه كما حدث في قطاع غزة، وستهدّد مطار بن غوريون الدولي وبعد ذلك ستهدّد تل أبيب والقدس وحيفا، وبذا ينتهي أمر دولة اليهود. لقد فشل الأميركيون في العراق مع عشرات الآلاف من الجنود العراقيين المدربين، فكيف يتوقعون أن تنجح هنا عدة عصابات مسلحة فلسطينية؟.
· فضلاً عن ذلك، فإن منطقة يهودا والسامرة أصبحت أخيراً مليئة بعشرات الآلاف من عناصر الجهاد العالمي وحزب التحرير وغيره، وهم ينتظرون الأمر بالانقضاض على السلطة الفلسطينية التي يعتبرونها كياناً مصطنعاً لا يقبلونه ولن يقبلوا به أبداً. والأنكى من ذلك أن وجود مساحة عربية مستقلة في يهودا والسامرة يعني زيادة مئات آلاف عناصر الجهاد التي سيتم جلبها من العراق وسورية ولبنان.
· إن كل من لا يرى خطر الجهاد العالمي الذي يهدّد وجود دولة اليهود، ينكر الواقع السلفي الجديد، وينكر ما يحدث في سورية الآن، وينكر الفوضى العارمة في العراق.
· ربما كانت الحلول السياسية ذات صلة بالواقع قبل عشرات الأعوام مع وجود أنظمة حكم عربية مستقرة، لكن الحديث اليوم عن حلول كهذه وعن اتفاقات سلام بعد أن أصبح كل شيء من حولنا منهاراً، ضرب من الغباء.
· إن حل الدولتين التي جرى الحديث عنه قبل الربيع العربي دفن في الموصل في خضم الحرب العالمية الآخذة في التوسع بين السنة والشيعة والتي تبدو إسرائيل بالقياس إليها أشبه بصخرة صلبة من الاستقرار والأمن.