تعنت إسرائيل في مواصلة الاحتفاظ بقرية الغجر يلقي ظلالاً من الشك على الافتراض أنها استخلصت العبرة اللازمة من المعركة العسكرية التي عادت منها وأعلامها منكسة.
قبل ثلاثة أيام انسحبت إسرائيل مرة أخرى من جنوب لبنان، وفي هذه المرة أيضاً بقيت قرية الغجر كبؤرة تلوث خطرة.
هذه نتيجة مخيبة للآمال تدل، ربما، على أنه على الرغم من وعود رئيس الحكومة ووزير الدفاع ورئيس هيئة الأركان العامة باستخلاص العبر اللازمة من حرب لبنان الثانية، فإن القدرة المطلوبة على اتخاذ القرار من أجل ذلك لا تعد بين الخصائص التي يتمتعون بها. من الواضح لهم أيضاً أن قرية الغجر تشكل مشكلة، ومن مصلحة إسرائيل أن تتخلص منها. وهناك حاجة إلى اتخـاذ قرار بهذا الشأن ـ له ثمن سياسي وأمني ـ لكن الحسم ما زال يتلكأ.
وهكذا تبدأ السنة الجديدة [العبرية] في ظروف مشابهة مثل التي انتهت بها السنة المنصرمة: فوق الانجاز السياسي للحرب الذي تتباهى به القيادة ـ نشر الجيش اللبناني وتكثيف قوات اليونيفيل ـ يحوم صاروخ قابل للانفجار.
هذا الادعاء يصح طرحه أيضاً بالنسبة إلى منطقة مزارع شبعا كلها. على إسرائيل أن تسأل نفسها عما إذا كانت هناك حكمة في المقاربة التي تحول دون الإعلان عن استعدادها لإعادة المنطقة باتفاق سلام، وفي أن تواصل التهرب من الحسم بالنسبة لأي من الدولتين ـ سوريا أو لبنان ـ يجب إعادة هذه المنطقة.