من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".
· كان الأسبوع الماضي أسبوعاً أوروبياً. فقد أثار كل من زيارة البابا وانتخابات البرلمان الأوروبي ومقتل يهوديين في عاصمة أوروبا بروكسل، تساؤلات عميقة بشأن شبكة العلاقات المعقدة بين أوروبا ودولة إسرائيل. ومع كل الاحترام لحليفتنا الكبيرة أميركا، فإن أوروبا هي القارة الأقرب إلينا، ونحو نصف الإسرائيليين هم أبناء وبنات الناجين من المحرقة التي حدثت هناك. ومع كل الاحترام للمالكين الجدد لشركة تنوفا [التي اشتراها مستثمرون صينيون]، فإن أوروبا هي الطرف الدولي القريب، ومن دون صلة وثيقة بها من الصعب علينا الصمود والازدهار في الشرق الأوسط.
· شئنا أم أبينا، فإن أوروبا لها دور بارز في طريقة تصرفاتنا السياسية والاقتصادية والأخلاقية والثقافية. وشئنا أم أبينا، فإن العلاقة الأوروبية- الإسرائيلية هي علاقة حب/كراهية يجب إصلاحها.
· إن السيئ في هذه العلاقة معروف وواضح: فخلال أكثر من ألف سنة كان اليهود هم "الآخر" المختلف في أوروبا المسيحية، والضحية المطلقة في أوروبا الحديثة. لذا، فإن أوروبا الموحدة اليوم، تتحمل المسؤولية التاريخية عما اقترفه الكثير من الأوروبيين في الماضي ضد الكثير من اليهود. طبعاً من حق أوروبا انتقادنا والتنديد بالأعمال المستنكرة التي نقوم بها، لكن يتعيّن عليها دائماً ألا تنسى الصلة التاريخية الواسعة. وكما تقوم أميركا البيضاء اليوم بغض الطرف عندما تنظر إلى أميركا السوداء، فإن أوروبا مضطرة إلى أن تحني رأسها عندما تنظر إلى الشعب اليهودي والدولة اليهودية.
· بيد أن الجيد يفوق السيئ: فالمشروع الأوروبي الكبير ما بعد المحرقة كانت الغاية منه مواجهة خطايا أوروبا واخفاقاتها. من هنا، فإن الاتحاد الأوروبي تجربة جريئة لتقديم رد شامل على الحربين العالميتين الأولى والثانية، وعلى أوشوفيتس [معسكر الإبادة النازية لليهود]. والرسالة التي تكمن في أساس هذا الاتحاد هي: لا مجال بعد اليوم للقوميات ولا للعنصرية ولا للعنف. وبناء على ذلك، فإن الجزء الأكبر من التحفظات الأوروبية الحالية على إسرائيل، لا تنبع من مشاعر معادية لليهود، بل هي نتيجة توصل الأوروبيين واليهود إلى استنتاجات متعارضة بشأن المحرقة. ففي حين عاد الشعب اليهودي إلى التاريخ والسيادة والقوة والوجود القومي، يحاول الاتحاد الأوروبي تجاهل التاريخ، وإعادة تعريف السيادة وتحديد القوة وخلق كيانات لا- قومية.
· ومن سخرية الأقدار أن محاولة أوروبا شفاء نفسها من أمراض الماضي، وكذلك محاولة اليهود التغلب على ضعف الماضي، وضع الطرفين على مسار تصادمي. فالذين كانوا جلادين ينظرون الى الذين كانوا ضحاياهم كما لو أنهم جلادون جدد ويتصرفون بطريقة عفا عليها الزمن وغير مفهومة.
· إن انتخابات البرلمان الأوروبي تغير شيئاً من هذه الصورة، فقد اتضح فجأة أنه تحت أوروبا الجديدة ما تزال هناك أوروبا القديمة. كما تبين أنه كان يكفي وقوع أزمة اقتصادية وموجة هجرة، كي يعود الكثير من الأوروبيين إلى كراهية الأجانب. إن دولاً أوروبية كثيرة، عندما تواجه تحديات أقل بكثير من التحديات التي تواجهها إسرائيل، تتخلى عن اتزانها وتختار زعماء لا تقل ميولهم القومية عن ميول الزعماء القوميين الإسرائيليين.
· بعد صدمة هذا الأسبوع، على الأوروبيين والإسرائيليين الجلوس للتحاور في جوهر المسائل. سيقف الماضي الأليم بيننا إلى الأبد، لكن أيضاً ستبقى المحاولات للتغلب عليه. لذا، لا مجال هنا للمواقف المتغطرسة، كما أنه لا مجال لعقدة الاضطهاد. لا تستطيع أوروبا أن تسمح لنفسها بالتخلي عن دولة اليهود، كما أن دولة اليهود لا تستطيع البقاء من دون دعم أوروبا.