تأسس في سنة 1993 على يد الدكتور توماس هيكت، وهو من زعماء اليهود في كندا، وكان تابعاً لجامعة بار إيلان، وأُطلق عليه هذا الاسم تخليداً لذكرى اتفاق السلام الإسرائيلي -المصري الذي وقّعه مناحيم بيغن وأنور السادات. يعالج مسائل النزاع الإسرائيلي- الفلسطيني والصراعات في المنطقة والعالم. يميل نحو وجهة نظر اليمين في إسرائيل. كما أصدر المركز مئات الدراسات والكتب باللغتين العبرية والإنكليزية.
ملخص: عقب فشل مفاوضات السلام الإسرائيلية - الفلسطينية، تبدو أفضل مقاربة بالنسبة إلى إسرائيل هي "عدم فعل شيء"، والاكتفاء بإدارة الصراع، واعتماد سياسة "انتظر وراقب"، لا الإقدام على أي خطوات أحادية جذرية.
· بعدما آلت مفاوضات السلام الإسرائيلية - الفلسطينية إلى الفشل، تدعو جهات فاعلة سياسية عديدة إلى الاستفادة من الوضع السياسي الغامض للدفع قدماً بالخطط الأحادية الجانب المفضلة لديها. إذ يروّج معسكر اليمين الإسرائيلي لضمّ "المنطقة ج"، في حين يدعو معسكر اليسار إلى "تنسيقِ" (بصرف النظر عن معنى ذلك) انسحابٍ أحادي الجانب. ويتكلم مسؤولون حكوميون على ضرورة "القيام بشيء ما"، بينما يقترح مسؤولون آخرون التفاوض مع اللجنة الرباعية، بدلاً من التفاوض مع الفلسطينيين.
· إن النشاط الفعال لتحقيق غرض سياسي هو خصلة تلقى بالتأكيد الإعجاب في إسرائيل. فالخطاب السياسي ذو الجذور الصهيونية، والذي فحواه أن "علينا تحديد حدودنا وتقرير مصيرنا بأيدينا"، يلقى هنا آذاناً صاغية.
· بيد أن النهج الأكثر حكمة على الأرجح هو اعتماد مقاربة "انتظر وراقب"، الطويلة الأناة والحذرة.
· إن حلّ هذا النزاع مستحيل، في حين أن إدارته بهدف خفض معاناة الطرفين وتقليص خسائر إسرائيل الدبلوماسية إلى حدّها الأدنى - هي في متناول اليد.
لقد باءت مبادرة كيري بالفشل حقاً، لكن السماوات لم تسقط، ولا يوجد شعور بالخطر أو الخوف من أزمة كبيرة وشيكة، لا في إسرائيل، ولا في المنطقة، ولا في أي مكان آخر من العالم.
· إن ممارسة ضغط حقيقي على إسرائيل، بقصد تغيير الوضع الراهن، أمر مستبعد، وفرضية أن الوقت الذي يمرّ هو في غير مصلحة إسرائيل، خطأ بكل بساطة. وفي واقع الأمر، فإن أغلب الظن هو أن المسألة الفلسطينية ستصبح أقل بروزاً في الساحة الدولية مع مرور الزمن.
· بعد تعثّر كيري، تحصد واشنطن فشلاً إضافياً في السياسة الخارجية، وتحاول استيعاب ما حدث والتفكير ملياً فيما يجب فعله. فغريزتها الحالية تقودها إلى النأي عن مبادرات التدخل، ذلك بأن الولايات المتحدة التي استُنزفت في حربَي أفغانستان والعراق، والتي تنعم باكتشافاتها النفطية الجديدة، لا تريد أن تنجرّ إلى نزاعات أُخرى في منطقة الشرق الأوسط التي تبدو أقل أهمية بالنسبة إلى مصالحها. وقد تكون إدارة أوباما اليوم، أكثر من أي وقت مضى، أقل ميلاً إلى التدخل في النزاع الإسرائيلي - الفلسطيني المستعصي. وحتى في حال استمر الهوس الأميركي بالدولة الفلسطينية لسبب ما، فالأفضل لإسرائيل أن تنتظر وتراقب خطوات واشنطن المقبلة قبل التخطيط لردّ ملائم.
· علاوة على ذلك، ونظراً إلى أهمية أميركا بالنسبة إلى إسرائيل، فإن خطوات أحادية الجانب من قبل إسرائيل حيال الضفة الغربية، ليست مستحسنة. وقد تكون تصريحاتٌ رسمية تعبّر عن التزام إسرائيل بمفاوضات سلام مستقبلية، مقرونةٌ بتقييد البناء ما وراء الكتل الاستيطانية، كافيةً لتهدئة أميركا وجعلها عازفة عن التدخل.
· ومن المستبعد أيضاً أن تواجه الولايات المتحدة ضغوطاً عربية ترمي إلى التركيز على المسألة الفلسطينية ما لم تقدم إسرائيل على اتخاذ خطوات جذرية. فالعالم العربي يعاني أزمة اقتصادية واجتماعية - سياسية شائكة للغاية، وهو مشغول بمشاكل داخلية. بل أكثر، فإن مسألة التهديد النووي الإيراني لا تزال أشد مسائل السياسة الخارجية إلحاحاً، الأمر الذي يضع معظم الدول السنّية وإسرائيل في القارب الاستراتيجي ذاته. كما أن الفلسطينيين أنفسهم لا يحملون الضريبة الكلامية التي يدفعها العرب لهم على محمل الجد.
· وعلى الأرجح، يستطيع معظم دول العالم أيضاً التعايش مع مسألة فلسطينية معلّقة. فهناك نزاعات إقليمية عديدة تغلي برفق على نار هادئة في أرجاء العالم كافة، وتتصدر حالياً التطورات في جزيرة القرم وأوكرانيا نشرات الأخبار، وفي الأشهر والأعوام المقبلة، ستُحوّل مآسٍ إنسانية وسياسية عديدة الانتباه عن المسألة الفلسطينية.
· ولا يملك الفلسطينيون أي تأثير ملحوظ في المسائل الاستراتيجية المهمة حقاً، مثل انتشار الأسلحة النووية أو الطاقة، والتي من شأنها أن تحثّ القوى الكبرى على التدخل. فيما معنى، كان الفلسطينيون عاملاً مهماً في الإرهاب الدولي، وهذا الأمر لم يعد كذلك. وقد أصبحوا حالياً، كثيري الاعتماد على المساعدات الدولية، وهزّ القارب بعنف زائد عن اللزوم يهدد سبل عيش الفلسطينيين الذين يتلقون رواتب وإعانات من السلطة الفلسطينية، كما أنه يُعرّضهم لردود إسرائيل الانتقامية. وبكل بساطة، ليس لدى الفلسطينيين للتأثير في المجال الدولي سوى وسيلة محدودة الفعالية، وهم عرضة لإجراءات إسرائيل المضادة المحتملة والمؤذية.
· كما أن للفلسطينيين سجلاً حافلاً بارتكاب الأخطاء، وأبرز مثل لذلك هو اتفاق المصالحة بين السلطة الفلسطينية وحركة حماس.
· وبقطع النظر عمّا يقوله المحلّلون، فإن إسرائيل ليست معزولة عن المجتمع الدولي، بل إنها دولة قوية لديها شبكة مدهشة من التفاعلات الدولية، وتتأثر علاقاتها مع العالم بشكل هامشي فقط جرّاء نزاعها مع الفلسطينيين.
· كما أن الجهات الفاعلة السياسية المهووسة بالمسألة الفلسطينية، أي اليسار الإسرائيلي والأوروبيين، هم في وضعية انحدار. فعملية أوسلو التي أطلقها اليسار الإسرائيلي فشلت، ونزعت الشرعية عن مُبادريها. وتواجه منطقة اليورو مشاكل عويصة، الأمر الذي يُضعف أكثر قدرتها على أن تؤدي دوراً استراتيجياً فاعلاً. وقدرة هذه الجهات السياسية الواهنة على دفع المسألة الفلسطينية إلى رأس جدول الأعمال الدولي تضعف باستمرار، ويمكن أن تؤدي ظروف دولية راهنة إلى زيادة تهميش المسألة الفلسطينية.
· إن الإسرائيليين، كالعديد من الغربيين المضلَّلين، يعجزون عن مقاومة إغراء النشاط المفرط غير المنتج. ومع ذلك، فإن عدم فعل شيء تقريباً ربما يحقق نتائج أفضل من تفعيل خطط أحادية الجانب على اختلافها.
___________
* أستاذ العلوم السياسية في جامعة بارـ إيلان، ومدير مركز بيغن - السادات للدراسات الاستراتيجية، وزميل في منتدى الشرق الأوسط.