· منحت لجنة متابعة مبادرة السلام العربية الولايات المتحدة شهراً من أجل السعي لدى إسرائيل لتجديد التجميد الجزئي للبناء في المناطق [المحتلة]، وإتاحة المجال لمواصلة المفاوضات مع الفلسطينيين. وليس هناك مَن لا يعرف أنه في هذه الفترة ستجري الانتخابات النصفية للكونغرس، التي لا يرغب أوباما في خوضها في ظل الانهيار الكامل لمساعيه في الشرق الأوسط.
· لقد مر حتى الآن أسبوعان، وكل يوم تأتي أخبار عن البناء في القدس وفي أماكن أخرى تقع وراء الخط الأخضر. ونتساءل ماذا سيحدث في نهاية الشهر؟ هل ستقوم مصر والأردن بقطع علاقتهما بإسرائيل؟ وهل سيهدد طرف ما باستخدام العنف؟ وماذا سيحدث لو اقتنعت الحكومة الإسرائيلية بعد شهر ونصف شهر بتمديد تجميد البناء؟ هل ستقول لها جامعة الدول العربية إنها لم تحترم الجدول الزمني الذي وضعته لها، وإنه لا معنى للتجميد الذي أتى متأخراً؟
· طبعاً لا. فمنذ اللحظة التي تقرر فيها تعليق المفاوضات، كان واضحاً أنه من غير الممكن وقفها. والكلام على شهر هو مثل الكلام على عام، ومن الصعب أن تجد أحداً يأخذ على محمل الجد قرار جامعة الدول العربية.
· في الجلسة الافتتاحية للكنيست أعلن رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو أنه مستعد لأن يطرح على الحكومة اقتراحاً يقضي بمواصلة التجميد الجزئي للبناء في الضفة، شرط أن يعترف الفلسطينيون بإسرائيل دولة يهودية.
· نتنياهو ليس أحمقاً، وهو يدرك أن لا مجال لأن يوافق الفلسطينيون الآن على اعتبار إسرائيل دولة يهودية في مقابل تجميد البناء 60 يوماً.
· إن موضوع الاعتراف الفلسطيني [بيهودية دولة إسرائيل] سيظل مرتبطاً باعتراف إسرائيل بمعاناة اللاجئين الفلسطينيين، وإقرارها بأن نشوءها تسبب بنكبتهم، وإن لم يكن السبب الوحيد لهذه النكبة.
· تقدم منظمة التحرير الفلسطينية عدداً من الخيارات في حال لم يحدث التجميد، ولم تُستأنف المفاوضات، وهي تعتبرها خيارات حقيقية يستطيع الفلسطينيون الاختيار فيما بينها. الخيار الأول ضعيف، ويقوم على طرح الموضوع على مجلس الأمن. حينها ماذا سيحدث؟ هل ستمتنع الولايات المتحدة من استخدام الفيتو ضد القرار المفروض؟ حتى لو تخيلنا صدور مثل هذا القرار عن مجلس الأمن، فما الذي يمكن أن يحدث بعد ذلك؟ هل هناك مَن يظن أنه يمكن أن يطبَّق من دون موافقة إسرائيل؟
· الخيار الثاني هو إقناع الولايات المتحدة بالموافقة على قرار يتخذه الفلسطينيون بشأن الاتفاق الدائم. وهذا القرار سيكون تماماً مثل القرار الذي ربما يتخذه مجلس الأمن، أي لن يكون له أي تأثير في مجريات الأمور على الأرض.
· ثمة خياران آخران عرضهما عباس على الجامعة العربية هما: تفكيك السلطة واستقالته من رئاستها. وتفكيك السلطة هو بمثابة التهديد الفلسطيني الأخير. ومعنى ذلك إلقاء العبء على إسرائيل، وزيادة الضغط الأميركي عليها من أجل التوصل إلى حل مع الفلسطينيين، لأن ذلك سيكون بمثابة العودة إلى مرحلة ما قبل اتفاق أوسلو. لكن المشكلة أن ذلك يستوجب التنازل عن كثير من المنافع، والتخلي عن كثير من المصالح وعن المكانة الدولية. التهديد الحقيقي الوحيد المؤثر، لكن غير الواقعي، هو استقالة محمود عباس من الرئاسة.
· لا أحد يعرف مَن سيخلفه، أو ما هو البديل من انتخاب رئيس جديد. وما دامت غزة تحت سلطة "حماس"، فإن من الأسهل كثيراً التحاور مع سلطة فلسطينية معتدلة.
· وماذا عن موقف الرئيس أوباما؟ في خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة أعرب عن أمله بأن تشارك دولة فلسطينية في العام المقبل في الأمم المتحدة. هل هذا الكلام هو خطة عمل أم مجرد آمال؟ فإذا كانت الدولة الفلسطينية هي جزء من الاتفاق الدائم بين منظمة التحرير وإسرائيل، فإنها لن تنشأ في العام المقبل، لأنها غير قادرة على أن تشمل غزة، ولا المعبر الآمن بين غزة والضفة الغربية، ولا المناطق ذات السيادة التي ستعوض بها إسرائيل على الفلسطينيين في مقابل المناطق التي ستضمها إليها من الضفة الغربية، والتي في أغلبيتها متاخمة لقطاع غزة.
· إن الاحتمال الأكثر عملية، هو نشؤ دولة فلسطينية ضمن حدود موقتة، وفقاً لخريطة الطريق التي يلتزم بها الطرفان. لكن إسرائيل والولايات المتحدة ومنظمة التحرير لا تطرح حالياً غير خيار الاتفاق الدائم، كأن نتنياهو مستعد لدفع الثمن المطلوب، وكأن ليس هناك مشكلة غزة بالنسبة إلى الفلسطينيين، وكأن أوباما ما زال كما كان قبل عامين يتمتع بدعم غير مسبوق، وقادر على تنفيذ ما يقوله.