من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".
خلال عملية "الرصاص المسبوك"، قتلت القوات الإسرائيلية مدنيين فلسطينيين في ظل قواعد اشتباك أعطت الجنود حرية تصرف واسعة، ودمرت ممتلكاتهم عمداً. هذا ما يقوله مقاتلون اشتركوا في القتال خلال الهجوم.
هؤلاء الجنود هم من خريجي دورة يتسحاق رابين العسكرية التمهيدية في كلية أورانيم الأكاديمية في طفعون. وستنشر "هآرتس" يومي الخميس والجمعة بعض الشهادات التي أدلوا بها في 13 شباط/ فبراير الفائت في سياق جلسة نقاش عقدت في الكلية. إن شهاداتهم تتناقض مع ادعاءات الجيش الإسرائيلي التي تقول إن قواته حافظت على مستوى عال من السلوك الأخلاقي خلال العملية. وقد نشر النص الحرفي للنقاش الذي دار خلال تلك الجلسة في النشرة الإخبارية الخاصة بخريجي الدورة.
وتتضمن الشهادات وصفاً قدمه قائد حضيرة مشاة لحادث أطلق فيه قناص من الجيش الإسرائيلي النار بطريق الخطأ على أم وطفليها: "كان هناك منزل وبداخله عائلة.... نحن وضعناهم في غرفة. وبعد مغادرتنا المنزل دخلت فصيلة أخرى، وبعد بضعة أيام صدر أمر بالإفراج عن الأسرة. كانوا قد أقاموا مواقع في الطابق العلوي من المنزل. وكان هناك قناص على سطح المنزل. سمح قائد الفصيلة للعائلة بالذهاب وقال لها أن تسير باتجاه اليمين. لم تفهم أم وطفلاها المقصود وساروا باتجاه اليسار. لكنهم [الجنود] نسوا إبلاغ القناص الموجود على السطح بأنهم أخلوا سبيلهم وبأن الأمر على ما يرام، وبأنه يجب أن يمتنع من إطلاق النار، وفعل القناص ما كان يجب عليه فعله، كأنه ينفذ الأوامر".
وأضاف قائد الحضيرة: "شاهد القناص امرأة وطفلين يقتربون منه، على مسافة أقرب من الخطوط التي قيل له إنه يجب ألاّ يتجاوزها أحد. وعلى الفور أطلق النار عليهم. على أية حال، ما حدث هو أنه قتلهم في نهاية الأمر".
وتابع: " لا اعتقد أنه شعر بأسف شديد، لأنه في نهاية المطاف، وبقدر ما يعنيه الأمر، قام بمهمته وفقاً للأوامر التي أعطيت له. والجو بشكل عام، بحسب ما فهمته من معظم رجالي الذين تحدثت إليهم... لا أدري كيف أصف ذلك... [أنهم يعتبرون] حياة الفلسطينيين، أقل أهمية بكثير من حياة جنودنا. وفي نظرهم، يمكن تبرير الأمر على هذا النحو".
وروى قائد حضيرة آخر: "أحد الضباط، قائد سرية مسؤول عن 100 جندي، شاهد امرأة وهي تسير على الطريق على مسافة بعيدة، لكن يمكنك قتل من تشاهده على تلك المسافة... مرت امرأة مسنة على الطريق. لا أعلم ما إذا كانت مشبوهة أو غير مشبوهة. ما فعله هو أنه طلب من الجنود أن يصعدوا إلى السطح مع القناصة، وأن يقتلوها. ما شعرت به من هذا الوصف: ببساطة قتل بدم بارد".
هنا تدخل رئيس الدورة التمهيدية داني زمير وسأل: "لم أفهم. لماذا أطلق النار عليها؟" فرد الجندي: "هذا ما هو الأمر مريح ـ إذا شاهدتَ شخصاً يمر على الطريق، وليس من الضروري أن يحمل سلاحاً، فيمكنك ببساطة إطلاق النار عليه. وفي حالتنا، كانت تلك امرأة مسنة لم أر شخصياً سلاحاً معها عندما نظرت إليها. كان الأمر يقضي بأن تقتل الشخص، هذه المرأة، في اللحظة التي تراها... ما شعرت به أنه كان هناك تعطش كبير للدم. ذلك أننا لم نتعرض لمواجهة. ففي فرقتنا على الأقل كانت هناك حالات قليلة جداً واجهنا فيها 'مخربين'".
وتحدث القائد نفسه عن حادث آخر: "قبيل نهاية العملية كان من المخطط أن ندخل منطقة داخل غزة نفسها، منطقة مزدحمة جداً بالسكان وتحتوي على منازل مؤلفة من عدة طبقات. وفي التوجيهات التي كانت تعطى لنا بدأوا يتحدثون عن إجراءات فتح النار داخل المدينة، لأنهم، كما تعلمون، استخدموا كثافة نارية عالية جداً وقتلوا أعداداً كبيرة جداً من الناس على الطريق كي لا نتعرض للإصابة وكي لا تُطلق علينا النار... كان يفترض بنا أن نقتحم الباب الأسفل وأن نبدأ بإطلاق النار في الداخل ثم ببساطة أن نصعد طبقة طبقة و... أنا أسمي ذلك أن نقتل... في الواقع، أن نصعد طبقة طبقة وأن نطلق النار على أي شخص نلاحظه. في البداية سألت نفسي: هل هذا منطقي؟ وقالت جهات عليا إن هذا مسموح به، لأن كل من بقي في المنطقة وداخل مدينة غزة هو في الواقع مُدان، إنه 'مخرب'، لأنه لم يهرب. لم أفهم الأمر فعلاً: من جهة، ليس لديهم مكان يهربون إليه، لكن من جهة أخرى يقولون لنا إنهم لم يهربوا فالذنب ذنبهم...".