القطاع العام السمين يسمن أكثر والقطاع الخاص الهزيل يزداد هزالاً
تاريخ المقال
المصدر
هآرتس
من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".
- نشر بنيامين نتنياهو في شباط/فبراير 2006 كتيباً من 36 صفحة عرض فيه رؤيته الاقتصادية والاجتماعية. وعرض [نتنياهو] في الكتيب خطته المعتمدة لإنقاذ الاقتصاد في العام 2003، مستعيناً بمثل "السمين والهزيل". وغدت هذه المقولة بمثابة علامة تجارية له.
- وينطبق المثل المذكور في الكتيب على القطاع العام "السمين" الذي يجلس على كتفي القطاع الخاص المنتج. وبما أن القطاع العام أخذ يسمن على مر السنين، أصبح تقليصه أمراً ملحاً لمنع انهيار القطاع الخاص المنتج، ومعه الاقتصاد بأكمله.
- نُشر خلال هذا الأسبوع "تقرير الأجور والرواتب في القطاع العام". وبعد الاطلاع عليه ومقارنته مع بيانات القوى العاملة [الإنتاج والعمالة]، تظهر الصورة القاتمة التالية: السمين أصبح أسمن، والهزيل بقي هزيلاً، جلداً على عظم.
- فعلى صعيد الأجور والرواتب، ازداد معدل أجور القطاع العام في العقد الأخير بنسبة 9,2% بالقيمة الحقيقية مقارنة بزيادة نسبتها 2% فقط في القطاع الخاص. والنتيجة هي أن متوسط الأجور في القطاع العام تخطى متوسط الأجور في القطاع الخاص. أضف إلى ذلك ديمومة الوظيفة العامة مقارنةً بانعدام الأمان الوظيفي في القطاع الخاص. وهناك كذلك التأمينات الاجتماعية التي هي أفضل في القطاع العام. وهكذا تكون الرسالة وصلت بوضوح: من غير المجدي العمل في القطاع الخاص، والأجدى هو العمل في القطاع العام.
- وفهم العاملون الشباب ذلك جيداً، فالتسابق إلى القطاع العام يزداد على مر السنين. وتظهر بيانات المصرف المركزي (بنك إسرائيل) أنه خلال السنة والنصف الأخيرة ذهبت كل الإضافة في حجم العمالة في الاقتصاد إلى القطاع العام، ولم يسجل القطاع الخاص أي إضافة صافية حتى لفرد واحد، لأن عدد المسرّحين من هذا القطاع تساوى مع عدد الذين دخلوا. وهذا فشل مدوّ لخطة نتنياهو الاستراتيجية.
- لكن هناك من لم يستوعب بعد حجم التغيير الكبير، وهم لا يدركون أن العاملين في الخدمة العامة يعملون أقل ويكسبون أكثر. فقد ارتفع متوسط الأجور في الوزارات الحكومية [والمديريات التابعة لها] إلى نحو 15 ألف شيكل في الشهر. تضاف إلى هذا الراتب التقديمات والتحويلات إلى صندوق المعاشات والتقاعد وسائر التقديمات الاجتماعية الأخرى. فالعاملون في "القناة الأولى" [الرسمية التابعة للحكومة الإسرائيلية]، يكسبون أكثر من العاملين في القناتين "الثانية" و"العاشرة". ويبلغ متوسط أجور المعلمين 11200 شيكل في الشهر، وليس 6000 شيكل مثلما يُزعم. وارتفعت أجور الممرضات والأطباء كثيراً. ويكسب الرائد في الجيش 19 ألف شيكل في الشهر، والمفتش في الشرطة 22 ألف شيكل في الشهر، علماً بأنني لم أذكر عن قصد أصحاب الدخول الأعلى سواءً في المرافئ، أو في شركة الكهرباء، أو في "بنك إسرائيل"، أو في "رفائيل" [هيئة تطوير الوسائل القتالية]، أو في وسط الأطباء.
- والمحزن في الحكاية أن العاملين في القطاع الخاص لا يدركون أنهم هم من يموّلون هذا الرخاء في القطاع العام من خلال الضرائب المفرطة. ولا يدرك بعضهم أنه عندما تنشر بيانات تفيد أن 33% من موظفي وزارات الحكومة يحصلون على الحد الأدنى للأجور، فهذا لا يعني أنهم يحصلون على أقل من 4300 شيكل في الشهر، فهم يكسبون أكثر بكثير (11260 شيكل في الشهر)، بفضل اتفاقات الأجور الشاملة، واتفاقات الأجور القطاعية، وعلاوات الأجور الكثيرة.
- ولا يدرك العاملون في القطاع الخاص أنه في 100% من اتفاقات الأجور والإضافات، يستفيد العاملون في الوزارات من التقديمات ومعاشات التقاعد والمنافع الاجتماعية الكثيرة. ويفضل الهستدروت "عدم احتساب" هذه التقديمات ضمن الحد الأدنى للأجور. وهكذا، يستطيع عرض صورة مزيّفة أمام الجمهور.
- كل هذه الحيل لا وجود لها في القطاع الخاص. هناك يعملون أكثر، ولساعات طويلة للغاية، وبأجور أقل، ومن دون أمان وظيفي. ويتفاقم هذا الوضع مع مرور السنين، فالسمين يسمن أكثر، والهزيل يشرف على الانهيار بحسب مقولة نتنياهو.