· في الأيام القليلة الفائتة تجدد الجدل في إسرائيل فيما إذا كانت الحكومة الإسرائيلية مضطرة إلى إنشاء لجنة تحقيق لتقصي الاتهامات الواردة في تقرير لجنة غولدستون بشأن عملية "الرصاص المسبوك" في غزة. وفي واقع الأمر، فإن هناك أربعة أسباب وجيهة تستدعي عدم إنشاء لجنة تحقيق كهذه، بينما لا يوجد سبب وجيه واحد يوجب إقامتها.
· إن السبب الأول يتعلق بمجال التخصص، إذ إنه يمكن تقصي وقائع عملية "الرصاص المسبوك" من الناحية العسكرية أو السياسية فقط، لا من ناحية القانون الدولي، وفقاً لرغبة غولدستون. فالقانون الدولي الخاص بقوانين الحرب يستند إلى ثلاث فرضيات رئيسية هي: أولاً، أن الحرب تندلع بين دول؛ ثانياً، أن لدى الجانبين المتحاربين جنوداً يلبسون بزات عسكرية؛ ثالثاً، أن الجانبين ملتزمان نفس القوانين الأخلاقية. وهذه الفرضيات الثلاث لا تنطبق على الحرب في غزة مطلقاً.
· السبب الثاني هو التوقيت، إذ إن إسرائيل قامت للتوّ بتسليم الأمم المتحدة مجلداً سميكاً يضم أجوبتها كلها على ادعاءات لجنة غولدستون، وبالتالي، فإن إنشاء لجنة تحقيق سيعني أننا لا نصدق ادعاءاتنا.
· والسبب الثالث هو سبب سياسي، ذلك بأن الذي عين لجنة غولدستون يحاول أن يدفع إسرائيل إلى وضع تُعتبر فيه أي عملية عسكرية تقوم بها غير شرعية.
· أمّا السبب الرابع فإنه سبب داخلي، إذ إن الرأي العام في إسرائيل، في معظمه، لا يؤيد إجراء تحقيق يهدف إلى إرضاء "الأغيار"، وإلى زجّ الجيش الإسرائيلي في قفص الاتهام من دون وجه حق.
· إن الذين يؤيدون إقامة لجنة تحقيق يدّعون أن إقامتها ستخفف وطأة الضغوط الدولية التي تُمارس على إسرائيل، وستخفض خطر تقديم كبار المسؤولين الإسرائيليين إلى المحاكمة في الخارج، غير أن هذا الادعاء عار من الصحة كلياً، ذلك بأن الضغوط التي تتعرض إسرائيل لها هي ضغوط سياسية وليست موضوعية على الإطلاق.