نتنياهو يحاول إفشال المفاوضات قبل أن تبدأ
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف

·          مرة أخرى يخاطبنا رئيس الحكومة باللغة الإنكليزية من خلال صفحات "واشنطن بوست"  ليعرض علينا فكرة ساحرة [الاجتماع مع محمود عباس في خيمة] تستحق الموافقة عليها فقط من أجل رؤية بنيامين نتنياهو جالساً في خيمة على الخط الفاصل بين القدس ورام الله، أو بالقرب من حاجز الرام حيث يستطيع أن يشاهد من قرب الضائقة التي يعانيها آلاف الفلسطينيين. قال نتنياهو إنه مستعد للجلوس في هذه الخيمة حتى "التوصل إلى اتفاق". وهذا أمر مثير للاهتمام، فهل معنى ذلك أنه سيبقى فيها  إلى الأبد؟

·          لكن نتنياهو يكذب حتى وهو يتحدث بالإنكليزية. فهو يقول إنه مستعد للجلوس في الخيمة "من دون شروط مسبقة"، وهذا كلام جميل لكنه غير صحيح، لأن نتنياهو يتمسك بشرطين للمفاوضات: الاعتراف الفلسطيني بإسرائيل دولة للشعب اليهودي؛ ومناقشة المسائل الجوهرية كلها. ووفقاً لهذه الخطة، فإن المطلوب من عباس الموافقة في المرحلة الأولى على مناقشة موضوع قابل للانفجار مثل حق العودة، لكن عليه أيضاً ان يقبل مسبقاً بعدم وجود ما يمكن مناقشته لأن إسرائيل هي دولة الشعب اليهودي. وإذا لم يعترف عباس بذلك مسبقاً، فإن نتنياهو لن يدخل إلى الخيمة ولن يتفاوض مع عباس. إن عدم مناقشة حق العودة معناه عدم الالتزام بأحد الشرطين اللذين وضعهما نتنياهو الذي يطالب بمناقشة جميع الموضوعات الجوهرية دفعة واحدة. وبهذه الطريقة تتوقف المفاوضات قبل أن تبدأ.

·          يغطي نتنياهو معارضته للمفاوضات بغطاء من الشرعية. وبدلاً من أن يأتي إلى المفاوضات ويفجّرها بسبب الخلاف على ترسيم الحدود أو البناء في المستوطنات، والمخاطرة بالتالي باتهام إسرائيل بأنها ترفض التفاوض وتريد السيطرة على المناطق إلى الأبد، واضعاً واشنطن أمام معضلات من شأنها أن تهدد مكانة إسرائيل في العالم، يسعى نتنياهو إلى كبح البدء بالمفاوضات. حتى الآن استخدم بمهارة الشعار الذي ورثه عن إيهود باراك "لا وجود لشريك" فلسطيني، ونجح في إقناع الجمهور بأنه لا يمكن إجراء مفاوضات مع شخص لا يعترف بدولة إسرائيل بوصفها دولة يهودية. وعلى ما يبدو، ليس هناك ما يمكن أن يدحض شرعية عدم الدخول في  مفاوضات.

·          وفي الواقع، عندما تتضاءل الفروق في المواقف بين نتنياهو ونفتالي بينت ويائير لبيد، وعندما تدخل المعارضة في قيلولة صيفية، وتنكفئ الولايات المتحدة على نفسها، وتثير إيران الفضول أكثر مما تثير الخوف، يستطيع نتنياهو أن يطمئن ويرتاح، فهو غير مطالب بجدول أعمال سياسي، فالهدوء يسود الضفة الغربية، وحركة "حماس" تعاني من الضغط الاقتصادي والسياسي بسبب خلافها مع مصر وخسارة مداخيلها من إيران. أما الحوادث المتفرقة التي تقع هنا، فإن ثمن مواجهتها أرخص بكثير من التنازل عن عدد من الكرافانات في إحدى الهضاب.

·          بقيت مشكلة ثانوية أخرى متعبة ومضجرة، تلك المتعلقة بجدول الأعمال الفلسطيني. فهل سيشمل نشوب أعمال عنف جديدة؟ أم هل سيعاود الفلسطينيون التوجه إلى الأمم المتحدة من أجل الحصول على منصب دولة عضو وليس فقط دولة مراقبة؟ وإلى أي مدى يمكن أن يوسعوا النضال من أجل مقاطعة إسرائيل؟

·          في الأوقات العادية كانت هذه الأسئلة تلهب النقاش العام وتطرد النوم من أعين حكومة مسؤولة. لكن على ما يبدو، فإنهم في إسرائيل ينتظرون قيام الفلسطينيين بخطوات "أحادية الجانب" كي يستخدموها حجة "شرعية" لوقف المفاوضات ولفرض العقوبات مثلما جرى بعد توجه الفلسطينيين إلى الأمم المتحدة قبل سنة.

 

·          تقول الحكومة الإسرائيلية إنه لا يمكن تخويف إسرائيل بسيناريوات كارثية، فهي دائماً مستعدة لكل السيناريوات. لكن هذا غير صحيح، فدائماً نستطيع اتهام الاستخبارات بأنها لم تتوقع الانتفاضة القادمة، والعصيان المدني، واغتيال عباس، أو اعتراف الدول الأوروبية بحركة "حماس".