مسؤولو الجبهات في الاستخبارات العسكرية يستعرضون التغيّرات في المنطقة وكيفية مواجهتها
المصدر
يديعوت أحرونوت

تعني بالعربية "آخر الأخبار"، تأسست سنة 1939، وتصدر باللغتين العبرية والإنكليزية، كما يمكن قراءتها على موقعها الإلكتروني "ynet". وهي تُعتبر الصحيفة الثانية الأكثر انتشاراً في إسرائيل. تنتهج الصحيفة خطاً سياسياً أقرب إلى الوسط الإسرائيلي، يصدر عن الصحيفة ملحق اقتصادي بعنوان "كلكاليست".

المؤلف

[أجرى رون بن يشاي مراسل صحيفة "يديعوت أحرونوت" مقابلة مع مسؤولين في شعبة الأبحاث في الاستخبارات العسكرية مهمتهم الحصول على المعلومات الاستخباراتية من مصادرها الأولية من الموساد والشاباك ووزارة الخارجية وتحليلها. وهم يتعاملون مع جمهور واسع بدءاً من رئيس الحكومة ووزير الدفاع وصولاً الى مقاتلي الجيش الاسرائيلي. نقتطف أهم ما جاء فيها]

·      س: ما هو أبرز تطور شهدته جبهتكم السنة الماضية؟ وما هي المسألة التي تشغلكم للسنة المقبلة؟

·      العقيد ميخائيل، مسؤول الجبهة الفلسطينية: "إن الحدث الأساسي كان عملية "عمود سحاب"، ففي أعقابها دخلت إسرائيل في مرحلة استراتيجية جديدة مختلفة تماماً. فالهدوء الذي يسود قطاع غزة لم نشهد له مثيلاً منذ عقد ونصف العقد. وليس القصف وحده هو الذي تراجع بصورة جذرية، فأنا أشاهد كيف أن سلوك عدوي الأساسي، "حماس"، تغير بصورة مطلقة عما كان عليه قبل تشرين الثاني/نوفمبر 2012. فقد أصبح لدى "حماس" اليوم أسسا للحكم وللمسؤولية أقوى من الماضي، وهذا يؤثر في سلوكها تجاهنا.
في المقابل، منذ عملية "عمود سحاب" نشهد تعاظماً للقوة في غزة، فثمة ارتفاع كبير في التصنيع المحلي للصواريخ ذات المدى المتوسط (M75) وتخزينها، إلى جانب أشياء مشابهة يقوم بتصنيعها الجهاد الإسلامي، وهذه الصواريخ يمكن أن تصل إلى شمال غوش دان. لقد تعلم الخصم أن هذا السلاح قوي جداً ويحدث صدى إعلامياً كبيراً. ونحن الآن أمام المئات من هذه الصواريخ، مما يعني أن المواجهة المقبلة ستكون مختلفة عما عرفناه وستشكل حدثاً دراماتيكياً.

وبالنسبة للضفة، فإن الحدث الأساسي الذي شغلني خلال عام ونصف العام هو كيف لا تزال هذه الجبهة مستقرة على الرغم من الجمود في العملية السياسية والأمور الأخرى التي تثير الاضطرابات. وفي رأيي أن هذا يعود إلى مزيج من أمرين أساسيين: الأمر الأول هو القيادة الفلسطينية التي تتمسك بشدة بسيادتها وتحافظ على بنيتها كدولة، وتحول دون تكرار ما عشناه في الماضي (انتفاضة، إرهاب). والأمر الثاني هو أمر فائق الأهمية ويشكل مركز اهتمامنا وهو يتعلق بالجمهور الفلسطيني الذي لا تزال ذاكرته الجماعية تحت وطئة صدمة فترة الانتفاضة الثانية. أما الجيل الفلسطيني الحالي فهو لا يريد عودة الدبابات الإسرائيلية المدججة بالسلاح إلى أسواق الضفة. وما لا يقل أهمية بالنسبة إليه، الاقتصاد المستقر نسبياً.

لكنني عندما أنظر إلى الأمام وأحاول أن أرى ماذا سيحدث في اللحظة التي يقع فيها تغيير على الصعيد السياسي (في حال انهارت المفاوضات بصورة نهائية)، فإن هناك احتمالاً لا بأس به لحدوث انفجار".

·      المقدم رفيطال، المسؤولة عن الجبهة الجنوبية: "لقد كان الحدث المركزي في السنة الماضية سقوط نظام الإخوان المسلمين في مصر والعملية السياسية الجديدة التي تسير وفق خريطة طريق وضعها الجنرال السيسي: انتخابات ديمقراطية. لكن ماذا سيحدث بعد ذلك؟ هذه هي المشكلة التي ستشغلني خلال السنة المقبلة: أي كيف ستسير انتخابات الرئاسة والبرلمان؟ وكيف سيواجه النظام مشكلتي الأمن الداخلي والاقتصاد اللتين فشل نظام الإخوان في معالجتهما وبسببهما سقط.
المشكلة الثانية هي تطور وتزايد الإرهاب في سيناء في مصر ضد إسرائيل وضد السلطات المصرية. تشكل سيناء عالماً مصغراً لما يجري في المنطقة كلها، بما في ذلك بروز النزاعات الداخلية في أوساط الجهاد العالمي، وبين التنظيم العراقي داعش (الدولة الإسلامية في العراق والشام) وبين قيادة القاعدة.
وفي نظرنا، فإن الأمر الأكثر أهمية هو بروز توجه نحو توحيد مجموعات الجهاد العالمي تحت سقف تنظيم واحد هو "القاعدة في المنطقة الجنوبية" التي تشكل إطاراً يضم مصر مع احتمال أن يمتد نحو قطاع غزة.
في تقديري أنه خلال السنة المقبلة سيحدث شيء ما في الحملة المصرية ضد الإرهاب، وسوف ندرك حينها إلى أين تتجه الأمور. كما أن التطورات في سورية وعودة المقاتلين إلى أوطانهم سواء الأردن أو مصر، ستؤثر كثيراً. هناك توجه للحديث عن سيناء بسبب قربها من إسرائيل، لكن المعركة الأهم تدور في القاهرة وفي الدلتا. والأحداث في مصر تؤثر بصورة كبيرة على الحدود".

·      العقيد روعي، المسؤول عن جبهة حزب الله- لبنان: "لا شك في أن الحدث الأساسي هو تدخل حزب الله في القتال في سورية، وهذا التدخل لم يبدأ السنة الماضية لكنه تزايد بصورة كبيرة خلالها. في الأشهر المقبلة أو في السنة القادمة، قد نرى انعكاسات هذا التدخل على استقرار دولة لبنان، وهذا مهم لأن انهيار النظام اللبناني ينطوي على احتمال حدوث تغير إقليمي كبير جداً. ومنذ اليوم نرى جزءاً مهماً من ظواهر الجهاد العالمي في سورية تنتقل إلى لبنان. واستناداً إلى تقرير الأمم المتحدة يوجد في لبنان اليوم مئات الآلاف من اللاجئين السّنة. وكما أظن يبلغ عدد السكان في لبنان نحو 4 ملايين نسمة أضيف إليهم اليوم نحو مليون لاجئ سني. وقد يتبع ذلك تغير ديمغرافي وتغير في النظام الطائفي السائد في لبنان بين السنة والشيعة. لكن ما أقصده هنا تحديداً هو الجهاد المسلح والجهاد السلفي الذي دخل إلى لبنان ويقوم بعمليات لم يسبق لها مثيل في هذا البلد. فمن كان يعتقد أن سيارة مفخخة قد تنفجر بالقرب من السفارة الإيرانية في قلب بيروت؟ ومن كان يتخيل أن تقصف بلدات شيعية في البقاع بالصواريخ؟ ومن كان يتجرأ من قبل أن يفعل هذا بحزب الله؟
إن تسلل الجهاد العالمي إلى منطقة حدودنا من شأنه أن يرفع درجة الخطر. وهذا يشمل الجبهة الشمالية عامة والحدود مع لبنان التي كانت حتى الفترة الأخيرة مستقرة. وبدأنا اليوم نشهد محاولات للاحتكاك بقواتنا على الجبهة الشمالية سواء في هضبة الجولان أو في منطقة هار دوف [مزارع شبعا] وقد تمتد إلى أكثر من ذلك".
ورداً على سؤال عما إذا كان حزب الله يواجه مشكلات اقتصادية قال: "بالطبع لديه مشكلات مالية، فالعقوبات على إيران والمساعدة الإيرانية لنظام الأسد والحرب في سورية، كلها أثرت سلباً في ميزاينة حزب الله".

·      العقيد دودي، المسؤول عن الجبهة الإقليمية: "سأحاول الربط بين ما قاله زملائي. أولاً: هناك مشكلة ضعف القدرة على الحكم في المنطقة بصورة بارزة. المسألة الثانية الخلاف الشيعي- السّني الذي كان موجوداً على الدوام، لكنه تطور في الفترة الأخيرة بصورة كبيرة. وهو ليس خلافاً دينياً في جوهره بقدر ما هو خلاف استراتيجي أيضاً. وإلى جانب الأطراف المتقاتلة في سورية نشاهد لاعبين كباراً في كلا الجانبين. وتتبادل إيران والسعودية الضربات في ما بينهما.
الموضوع الثالث هو صعود ثم هبوط الإسلام السياسي. وبرزت هذه الظاهرة في مصر مع صعود الإخوان المسلمين الذين سرعان ما سقطوا بعد سنة. لكن هناك حركات إسلامية أخرى لديها أجندة سياسية وإيديولوجية- دينية- اجتماعية. في الفترة الأخيرة ضعفت موجة صعود هذه الحركات.
إن هذه الظواهر الثلاث ستؤدي إلى انتشار ونمو الجهاد العالمي بصورة لم يسبق لها مثيل مما سيشكل تهديداً مباشراً لإسرائيل.
ثمة من يزعم أن تهديد الجهاد العالمي يمكن احتواؤه بسبب النزاعات والحروب الداخلية مثلما يحدث في سورية. لكن هذا التوجه يقلل من حجم هذا الخطر. فنحن نمثل بالنسبة إلى هذه التنظيمات قاسماً مشتركاً يمكنهم من أجل محاربته توحيد صفوفهم من جديد. وسنصبح بذلك أول المتضررين من هذه المسألة. وحتى عندما يقاتل الجهاديون بعضهم بعضاً، فإننا قد نجد أنفسنا داخل المعادلة".

·      س: هل يصمد الأسد حتى عيد الفصح المقبل؟
"هذا سؤال غير صحيح طرحه في ظل بيئة يحيط بها الغموض. ويتعين علينا التطرق إلى المسألة من منظور أخر: ففي حال الغموض يتوجب علينا بناء سيناريوات تسمح لمتخذي القرارات بفهم ما يجري والاستعداد لمجابهة الأوضاع التي قد تنشأ، أو محاولة استطلاع ما قد يحدث. لذا لا نستطيع أن نقول ما إذا كان الأسد سيصمد أم لا".