· في بداية الأسبوع الحالي أعلن وزير الدفاع الإسرائيلي موشيه يعلون أن 984 دونماً من الأراضي الفلسطينية [في منطقة الخليل وبيت لحم] أراضي دولة. ويسمح هذا "الإعلان" بضم فعلي آخر لأرض فلسطينية من أجل توسيع المستوطنات.
· منذ ثمانينيات وتسعينيات القرن العشرين الفائت، قام الجيش الإسرائيلي بضم نحو مليون دونم من الأرض الفلسطينية بحجة الدفاع عن أمن السكان الإسرائيليين. وفي اللحظة التي تصبح فيها هذه الأراضي "أراضي دولة" فإنها تصبح يهودية لأن دولة الاحتلال الإسرائيلية تخصصها لليهود. أما الفلسطينيون فيُسمح لهم فقط بالوجود على أرض يستطيعون أن يبرهنوا بالحجج والأدلة أنها ملكهم الخاص. ومعروف أن هذه الأدلة محدودة الضمان.
· إن عملية الضم الأخيرة تأتي أيضاً لشرعنة البؤرة الاستيطانية غير القانونية "ناتيف هأفوت" التي أقيمت سنة 2001 ويعيش فيها زئيف حيفر (زامبيش) أحد قادة المستوطنين، وأقيمت على أرض خاصة لكن كل محاولات الفلسطينيين لإنقاذها من الضم باءت بالفشل.
· ففي سنة 2002 طلب أصحاب الأرض إخلاء البؤرة الاستيطانية، فأعلنت الدولة أنها ستعيّن طاقماً خاصاً لدرس الموضوع. لكن لم يتم تعيين طاقم كهذا. وفي سنة 2008 قدمت حركة "السلام الآن" طلب استئناف إلى المحكمة الإسرائيلية العليا من أجل إعادة الأرض إلى أصحابها، ومرة أخرى وعدت الدولة بإقامة طاقم خاص وبادرت إلى إقامته فعلاً لكنها امتنعت عن نشر استنتاجاته.
· في سنة 2010 رفض قاضي المحكمة العليا إدموند ليفي طلب استئناف آخر تقدّم به أصحاب الأرض القانونيون بحجة أن الطاقم لم يستكمل عمله. وفي واقع الأمر فإن الطاقم استكمل عمله في سنة 2011، لكن نتائج هذا العمل التي أظهرت أن الأرض ملك للفلسطينيين لم تنشر حتى سنة 2014. وبعد وقت قصير من نشر هذه النتائج أصبحت موضوعاً للدراسة الأكاديمية.
· إن هذه الوقائع تثبت أنه تطوّرت في إسرائيل صناعة كاملة من اللاقانون الذي يظهر بمظهر القانون. ظاهرياً توجد في المناطق الخاضعة للاحتلال الإسرائيلي إجراءات قانونية، لكن ما يحدث في واقع الأمر هو عمليات سلب وضم ضخمة تشترك فيها المحاكم. وبناء على ذلك يمكن القول إن جهاز القضاء الإسرائيلي هو وسيلة مهمة لإضفاء الشرعية على ضم الأرض الفلسطينية.
· وإلى جانب جهاز القضاء، يؤدي الجيش الإسرائيلي دوراً حاسماً في مسار إقامة دولة المستوطنين، ومنذ وقت طويل لم يعد الجيش الإسرائيلي مؤسسة محايدة تحمي أمننا، بل هو شريك كامل متحمس لا للإبقاء على الاحتلال فحسب وإنما لتعميقه وتوسيعه أيضاً.
· ولا شك في أن ثمة أسباب كثيرة لذلك بدءاً بمنظومة العلاقات الحميمة القائمة بين قادة الجيش في الميدان والمستوطنين، وانتهاء باستبطان الجيش المفهوم العام السائد الذي يرى أن اليهود مستوطنون باحثون عن السلام في أرض آبائهم وأجدادهم، في حين ينظر إلى الفلسطينيين باعتبارهم "مشكلة أمنية" في أحسن الحالات وإرهابيين في أسوئها.
· إن التسييس الحقيقي للجيش الإسرائيلي لا ينعكس فقط من خلال جنرالات لديهم تطلعات سياسية وهم ما زالوا في بزاتهم العسكرية، بل ينعكس أساساً من حقيقة أن هذا الجيش بات وسيلة في يد الأيديولوجيا الاستيطانية.
· إن حصيلة آخر عملية ضم للأراضي في المناطق المحتلة هي 984 دونماً، وهي في الوقت عينه 984 لبنة أخرى في الطريق نحو الدولة ثنائية القومية.