الأسباب الحقيقية التي دفعت نتنياهو إلى تقديم موعد الانتخابات العامة
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف

·       هناك بعض الحقائق التي علينا التحدث عنها. أولاً: إن الذي يعمل على تفكيك حكومة بنيامين نتنياهو هو نتنياهو نفسه، وإن حل الكنيست الإسرائيلي لم يحدث نتيجة تهديدات أفيغدور ليبرمان [زعيم حزب إسرائيلي بيتنا]، أو ضغوط إيلي يشاي [من حزب شاس]، ولا بسبب التخوف من شاؤول موفاز [زعيم كاديما] ومن شيلي يحيموفيتش [زعيمة حزب العمل].

·       لقد أراد نتنياهو حل الحكومة عشية عيد الفصح من أجل الاستعداد للانتخابات العامة قبل الصيف، إلاّ إن الحكومة يومها بدت قوية جداً فلم تنجح محاولة نتنياهو، الأمر الذي اضطره إلى الانتظار حتى موعد بدء دورة الكنيست.

·       ثانياً، إن الأسباب التي تدفع نتنياهو إلى حل الحكومة ليست سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية، فعلى الرغم من التوقعات بتجدد حركة الاحتجاج المطلبي في الصيف المقبل وبتراجع معدل النمو، إلاّ إن رئيس الحكومة ما زال يبدو في نظر الجمهور الإسرائيلي صاحب كفاءة اقتصادية واجتماعية عالية.

·       إن السبب الذي يدفع نتنياهو إلى حل حكومة قوية ومستقرة هو سبب خارجي، وأقصد الانتخابات في الولايات المتحدة، إذ يصر رئيس الحكومة الإسرائيلية على الذهاب إلى صناديق الاقتراع قبل موعد الانتخابات الأميركية في تشرين الثاني/نوفمبر 2012.

·       ثالثاً، إن السبب الأول الذي يدفع نتنياهو إلى استباق الانتخابات الأميركية هو رغبته في الدفاع عن بقائه في الحكم. فإذا عدنا إلى الوراء، نلاحظ أن مَن استبدل إسحاق شامير بإسحاق رابين في انتخابات سنة 1992 كان جورج بوش الأب، ومَن استبدل نتنياهو بإيهود باراك في انتخابات سنة 1999 كان بيل كلينتون. وهكذا يتضح لنا أن الانقلابين السياسيين اللذين أديا إلى ذهاب اليمين ومجيء اليسار إلى السلطة في إسرائيل حدثا بإيحاء من رؤساء أميركيين مستائين من حكم الليكود.

·       إن أوباما يكره نتنياهو أكثر مما كان بوش الأب يكره شامير ومما كان كلينتون يكره نتنياهو. وإذا فاز أوباما في الانتخابات الرئاسية فإنه على الأرجح سيتصدى لرئيس الحكومة الإسرائيلية الذي وقف في وجهه. من هنا، فالتوقعات هي أن اليمين الإسرائيلي سيواجه الحاكم أزمة في كانون الأول/ديسمبر المقبل.

·       رابعاً: إن السبب الذي من أجله أراد نتنياهو تقديم موعد الانتخابات هو الموضوع الإيراني، إذ يبدو نتنياهو مصراً على مهاجمة إيران، وهو يعتقد أن إسرائيل قادرة على القيام بذلك قبل تشرين الثاني/نوفمبر 2012، لذا هو يريد إجراء الانتخابات في إسرائيل في موعد يجعله يربح الوقت الذي يفصل بين الانتخابات في إسرائيل والانتخابات في الولايات المتحدة. فخلال هذه الفترة تكون الحكومة الإسرائيلية الجديدة قد نالت تفويضاً كاملاً، بينما تكون الإدارة الأميركية مشلولة. وبهذه الطريقة، أي بتقديم موعد الانتخابات، يكون نتنياهو قد اختار الوقت المثالي لمهاجمة إيران، أي ما بين أيلول/سبتمبر وتشرين الأول/ أكتوبر 2012.

·       إن الخلاصة التي يمكن التوصل إليها هي أن بدء السباق الانتخابي في إسرائيل لا يدل على ابتعاد المواجهة الإسرائيلية – الإيرانية، وإنما يدل على اقترابها، إذ أن نتنياهو يعدّ بصمت لعملية عسكرية منظمة ضمن جدول زمني دقيق، وحتى الآن استطاع أن يحقق مبتغاه وأن يحدد الجدول الزمني الذي يريده، ونراه يعمل بنجاح من أجل تحقيق السيناريو التالي: الانتخابات في إسرائيل؛ الحرب على إيران؛ الانتخابات في الولايات المتحدة.

لكن ما تجدر الإشارة إليه هو وجود ثغرة كبيرة بين موقف القيادة السياسية في إسرائيل وبين موقف الجمهور الإسرائيلي. من هنا فإن المعركة الانتخابية المقبلة لن تكون معركة اقتصادية واجتماعية فحسب، بل ستشمل أيضاً الموضوع الإيراني، لذا يجب تحويل هذه الانتخابات إلى استفتاء عام بشأن الحرب على إيران.