الأميركيون تنازلوا عن زعامتهم للعالم والروس استغلوا ذلك لملء الفراغ
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف
  • الحدث الكيميائي السوري حدث خطير. للمرة الأولى منذ عقود يجري استخدام سلاح للدمار الشامل ضد السكان المدنيين، وتتردد الولايات المتحدة أمام هذا التحدي. وللمرة الأولى منذ عقود روسيا هي التي تنقذ الوضع وتعود لتصبح نوعاً من قوة عظمى. لقد غيرت الأزمة السورية تموضع الأميركيين والروس في الشرق الأوسط.
  • أميركا: من الواضح للجميع اليوم أن أميركا فقدت طموحاتها الامبراطورية. في العالم الحقيقي لا تزال الولايات المتحدة قوة عظمى تفوق قوتها الاقتصادية والعسكرية بصورة كبيرة أي دولة أخرى في العالم. لكن الولايات المتحدة تعاني من صدمة الحرب والإرهاق النفسي، وأثرت فيها حربا العراق وأفغانستان مثلما أثرت الحرب العالمية الأولى في فرنسا وبريطانيا قبل الحرب العالمية الثانية. ونتيجة لذلك، لم يعد لدى هذه الدولة العظمى الإرادة المطلوبة لاستخدام قواتها في هجمات عسكرية، ولا الوعي المطلوب لاستخدامها بذكاء. ولم تعد الولايات المتحدة مستعدة لدفع ثمن كونها امبراطورة العالم.
  • روسيا: في العالم الحقيقي قوة روسيا محدودة للغاية، ولا تستطيع قوتها الاقتصادية والعسكرية أن تنافس الولايات المتحدة. لكن روسيا تملك ما خسرته الولايات المتحدة: الطموح لأن تصبح امبراطورية ولديها كذلك الفهم الامبراطوري. وروسيا لا تقيدها الاعتبارات الاخلاقية ولا الالتزامات الديمقراطية. وهي لا تتخلى عن حلفائها، ولا تترك موقعاً استراتيجياً واحداً. ويستطيع طغيان بوتين التفاهم مع طواغيت القوة في الشرق الأوسط، وهو أمر لا تستطيعه واشنطن الديمقراطية. ورويداً رويداً تقوم روسيا بملء الفراغ الذي تركه الأميركيون وراءهم في غرب آسيا.
  • الشرق الأوسط: لقد أثبتت الأزمة السورية أن المواجهة التاريخية بين العالم العربي والدولة اليهودية قد تغيرت. ففي مواجهة المحور الراديكالي يقف اليوم حلف استراتيجي حميم بين إسرائيل ومصر والسعودية والأردن ودول الخليج. ويراقب السنة المعتدلون والإسرائيليون الرصينون بفزع الطريقة التي تصرفت بها الولايات المتحدة خلال الشهر الأخير، وهم توصلوا بعد ما حدث في سورية إلى استنتاج أنهم أصبحوا وحدهم تماماً. ومن دون وجود مرجعية أميركية مسؤولة، لم يعد لدى نتنياهو وعبدالفتاح السيسي والعائلة المالكة في السعودية سوى التشبث ببعضهم بعضاً. وسوف يتحول حلف الأيتام العربي- الإسرائيلي إلى أهم قوة في الشرق الأوسط ومن شأنه أن يثمر عن نتائج مفاجئة.
  • باراك أوباما: كان الشعار الذي رفعه المرشح الديمقراطي باراك أوباما في معركته الانتخابية سنة 2008 Yes, We Can، نعم نستطيع. لكن بعد الأزمة السورية توصل الجميع إلى نتيجة معاكسة: No, He can’t كلا، لا يستطيع. لم يعد هناك ملك في الغابة لأن الأسد لم يعد يريد أن يكون ملكاَ. ومن شأن ذلك أن تكون له انعكاسات صعبة.
  • إن كاتب هذه السطور من الذين يؤمنون بحكمة الرئيس أوباما واستقامته، لذا فإني أصلي لأن يستنتج الرئيس أوباما الدرس القاسي من الأزمة السورية، وهو أن على أميركا أن تعود إلى رشدها، ويجب على الرئيس الأميركي أن يعيدها إلى موقعها زعيمة للعالم.