· أعرب مسؤول سياسي رفيع عن ارتياحه لأننا "أثبتنا أن الفلسطينيين رافضون للسلام"، والدليل على ذلك أن إسرائيل وافقت على أن تطلق مخربين (الدفعة الرابعة)، لكن الفلسطينيين لم يكونوا مستعدين للتعهد بمواصلة المفاوضات.
· إن المطلوب من المصادر السياسية الرفيعة أن تهدأ، ففي الساحة التي تتحرك داخلها إسرائيل، ليس هناك شيء يثبت أي شيء. صحيح أن الأميركيين في الماضي ضغطوا على الفلسطينيين، وفي النهاية استطاعوا أن يفرضوا عليهم ما يريدونه وقال ياسر عرفات "دولة يهودية"؛ وصحيح أن عرفات ذهب إلى البيت الأبيض بعد أن ضغطت عليه الولايات المتحدة والسعودية ومصر ودول عربية أخرى كي يقبل بخطة كلينتون، لكنه على الرغم من ذلك رفضها، كما أن أبو مازن جلس في الغرفة الرئاسية عينها وتعرض لضغط من الرئيس جورج بوش كي يقبل مقترحات إيهود أولمرت، لكن الزعيم الفلسطيني رفض، وبعد ذلك نجح جهاز الدعاية الفلسطينية بمساعدة الإعلام والجهاز الأكاديمي في تحويل إسرائيل إلى الطرف الرافض. لكن هذا كله لا يبرر الآن تحديداً، اعتقاد البعض أنه بسبب أمر صغير الشأن مثل اطلاق الدفعة الرابعة من الأسرى الفلسطينيين يمكن "إلقاء المسؤولية على الفلسطينيين".
· صحيح أن الفلسطينيين رافضون للسلام، وأن مطالبهم غير مقبولة من جانب 90% من الإسرائيليين- بمن فيهم الذين يصوتون لحركة ميرتس [اليسارية]- وصحيح أيضاً أن إسرائيل فشلت في عرض هذه المطالب على أنها أوهام تعوق تحقيق السلام، لكن هناك نقطة ضعف إسرائيلية تلقي بظلها وتمحو تماماً الرفض الفلسطيني.
· ففي الواقع، عندما تصر إسرائيل حتى خلال المفاوضات، على توسيع المستوطنات وبناء "أحياء جديدة"، فإن الرفض الفلسطيني يصبح لا شيء بالمقارنة مع التعنت الإسرائيلي. ويجب أن نعترف في هذا الصدد، ومن دون أن يكون لهذا الأمر أي علاقة بالعداء للسامية أو العداء لإسرائيل، بأنه حتى أصدقاء إسرائيل والمؤيدون للاعتراف بإسرائيل دولة يهودية، يجدون صعوبة في فهم سبب هذا الاصرار الإسرائيلي.
· إن أغلبية الجمهور الإسرائيلي تؤيد صيغة حل دولتين لشعبين، ولكن توسيع المستوطنات من شأنه أن يلحق الضرر بحظوظ هذا الحل. وعلى ما يبدو، فإن الأقلية هي التي تسيطر على الائتلاف الحكومي الجديد.
· هناك أغلبية في الكنيست ووسط الشعب تؤيد تسوية مؤلمة. لكن هناك أقلية في الكنيست تملك نفوذاً كبيراً داخل الائتلاف ولذلك هي تنجح في فرض سياسة غير – وطنية وتقيم هنا دولة واحدة، وتحظى بتصفيق أنصار المقاطعة.
· من هنا، فالرفض الفلسطيني الجديد لمواصلة المفاوضات لا قيمة له أمام توسع المشروع الاستيطاني برعاية وزير الإسكان أوري أريئيل. وليس مهماً أن كل أعمال البناء تتمركز داخل الكتل الاستيطانية التي ستصبح تلقائياً جزءاً من إسرائيل، وأن كل عملية بناء جديدة يصدر بشأنها عدد من التصريحات، لأن هذا ما يريده فعلاً المعارضون للاتفاق. وحتى لو كانت اعمال البناء لا تمنع التسوية، فإن الضجة الإعلامية والتصريحات التي لا تنتهي بشأن توسيع البناء تجعل إسرائيل هي من يتحمل مسؤولية فشل المفاوضات.
سوف تكون الأشهر الأخيرة شاهداً على الحماقة الإسرائيلية، لقد كان تحرك رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو حقيقياً وجدياً وصادقاً، لكن اليمين الإسرائيلي أصر على توسيع المستوطنات، واليسار أصر على ادعاء أن مطالبة نتنياهو بالاعتراف بالدولة اليهودية عائق في وجه السلام، ونجحا معاً في تحريك بندول الساعة من الأمل نحو خيبة الأمل. صحيح أن الفلسطينيين قدموا لنا دليلاً جديداً على رفضهم، لكن هذا لن يساعدنا، فالحماقة الإسرائيلية بشأن توسيع المستوطنات تلقي بالمسؤولية على إسرائيل.