· تريد الإدارة الأميركية أن تكسب الوقت إلى ما بعد انتخابات الكونغرس في تشرين الثاني/نوفمبر المقبل. ويلتقي الرئيس أوباما نتنياهو يوم الاثنين [4/3/2014]، كما أنه سيجتمع مع أبو مازن خلال هذا الشهر. وفي هذه الأثناء، تستطيع الأمور أن تنتظر. ليس لدى نتنياهو مشكلة في مواصلة المفاوضات قدر ما يتطلبه الأمر، لكن أبو مازن يشعر بأنه لا يستطيع مواصلة هذه المفاوضات من دون أن يثبت للجمهور الفلسطيني أنه حصل على تعهدات أميركية مهمة، أو أن إسرائيل وافقت على تقييد البناء في المستوطنات.
· الآن تتمحور الجهود الأميركية حول شيء واحد هو إقناع نتنياهو بالموافقة على ورقة أميركية تسمح للفلسطينيين بمواصلة المفاوضات حتى نهاية السنة. جون كيري المتفائل ابتعد عن الأضواء. ويدرك أوباما أن فشل كيري سيعتبر بمثابة فشل شخصي له، وهو لن يسمح بحدوث ذلك ولا سيما في ظل تراجع التأييد الشعبي له.
· لكن حتى لو كان آذار/مارس هو شهر الحظ بالنسبة إلى أوباما، وحتى لو استطاع الحصول على موافقة نتنياهو على تجميد البناء في المستوطنات بصورة كبيرة، أو موافقته على ورقة أميركية لا تريحه (لكنه لن يكون مضطراً إلى طرحها على الحكومة كي تقرها)، فإن هذا لا يكفي للاقتراب من الحل الدائم. فنتنياهو أيديولوجياً ليس مع الحل الدائم، وفي جميع الأحوال ليست لديه أغلبية تؤيد ذلك لا داخل كتلته [ليكود - إسرائيل بيتنا] ولا وسط حزبه. كما أن عباس لا يستطيع أن يمثل على طاولة المفاوضات، قطاع غزة ولا حركة "حماس". من هنا، فالاتفاق الدائم، هذا إن جرى التوصل إليه، سيطبق في الضفة الغربية فقط.
· إن إصرار كيري على الاتفاق الدائم يستحق التقدير والثناء. لكن المشكلة في أنه لم يكن لدى كيري وسيلة لحمل الطرفين على الاقتراب من هذا الاتفاق، وقد رفض بقوة إعداد خطة بديلة- مثل إنشاء دولة فلسطينية ضمن حدود موقتة- إلى حين تقديم رؤية أميركية وجدول زمني للتوصل إلى حل دائم (حينئذ تجري المفاوضات على الاتفاق الدائم بين حكومتين لدولتين مستقلتين).
· وبدلاً من اقتصار المحادثات مع نتنياهو على محاولات عقيمة من أجل استبدال عبارة أو أخرى بهدف مواصلة مفاوضات لن تستطيع تحقيق هدفها بضعة أشهر أخرى، فمن الأفضل للرئيس أوباما أن يبحث مع الزعيمين اللذين سيلتقي بهما كيف يمكن التوصل في هذه المرحلة إلى اتفاق تدريجي على طريق الاتفاق الدائم، وكيف يمكن الحؤول دون انهيار المفاوضات في نهاية 2014 بعد استنفاد المرحلة الثانية من محادثات كيري.
· ومع كل احترامنا لرغبة كيري في إثبات قدرته، ورغبة أوباما في عدم إضافة فشل جديد إلى إخفاقاته الأخرى، فإن الموضوع بالنسبة للإسرائيليين والفلسطينيين يتعلق بحياتهم. ومن يقول إما اتفاق دائم خلال أشهر معدودة أو الفشل، فهو سيتركنا بعد الفشل مع الإحباط والغضب والتطرف الذي يؤدي إلى العنف.
ياحبذا لو كنا نستطيع التوصل إلى اتفاق دائم في الظروف السياسية الحالية. لكن هذا غير ممكن، وتتطلب الحكمة القيادية إدراك ما هو ممكن والسعي إلى تحقيقه. وإذا لم يفعل أوباما هذا، فسندفع جميعاً الثمن.