· حملت الأسابيع الأخيرة أجواء سيئة سادت أجزاء من المجتمع الإسرائيلي، مثل رفض المالكين في منطقة كريات ملاخي بيع المنازل لمن هم من أصول أثيوبية، وتشدد الحريديم في مطالبتهم بفصل النساء عن حيز الحياة العامة في إسرائيل، والسلوك الفظ لإحدى أعضاء الكنيست تجاه زميل لها من كتلة أخرى وديانة أخرى [المقصود عضو الكنيست أناستاسيا ميخائيلي من حزب إسرائيل بيتنا التي ألقت كوب ماء على زميلها غالب مجادلة من حزب العمل]. وتدل هذه الحوادث كلها على أن شيئاً قبيحاً وخطراً قد حدث في دولة إسرائيل. صحيح أنني وزير دفاع في الحكومة، لكنني قبل ذلك أنا مواطن أتأثر بكل ما يجري داخلها.
· في الماضي كانت إسرائيل دولة مختلفة تسودها روح التضامن والتكافل وقبول الآخر مهما يكن مختلفاً. يومها خلت قامت إسرائيل، وفي وقت قصير، باستيعاب عدد من المهاجرين اليهود يوازي نحو ثلثي عدد سكانها، كما فتحت قلبها وساعدت في استيعاب المهاجرين اليهود الذين نجوا من المحرقة النازية ومن مذابح العراق والتوتر في المغرب والملاحقات في اليمن، وأعطتهم الفرصة كي يصبحوا مواطنين في الدولة وأن يساهموا في نموها وازدهارها.
· واليوم، وفي توقيت لافت، أي بعد مرور عقدين على هجرة اليهود الأثيوبيين إلى إسرائيل، يرفض سكان كريات ملاخي قبولهم بينهم بسبب لون بشرتهم.
· كيف يمكن ألاّ نستقبل بيننا اليهود الأثيوبيين الذين أثبتوا منذ هجرتهم إلى إسرائيل قدرتهم على الاندماج في المجتمع؟ والأسوأ أن ما يحدث ليس ظاهرة معزولة، وإنما هناك موجة رفض لأبناء اليهود الإثيوبيين في المدارس وروضات الأطفال في مدن أخرى مثل بتاح تكفا.
· نظراً إلى كوني وزيراً للدفاع أقوم بجولات كثيرة على الفرق العسكرية، وألتقي بأبناء الطائفة الأثيوبية في كل مكان، في الفرق القتالية وفي الفرق الخاصة، حيث يقومون بخدمة دولتهم بتواضع وإخلاص. فما ذنب هؤلاء إذا كان الله قد خلقهم من لون مختلف عن اليهود الآتين من الولايات المتحدة ومن أوروبا ومن الشرق الأوسط؟
· كذلك ألتقي خلال زياراتي للفرق العسكرية بجنديات وجنود من دول الاتحاد السوفياتي سابقاً مفعمين بالنشاط ومن أصحاب الكفاءات، فلماذا ننعتهم بـ"المافيا الروسية"؟ ولماذ لا نرى المساهمة التي يقدمونها للمجتمع الإسرائيلي بمختلف قطاعاته؟
· وألتقي بكثير من الجنود المتدينين، ملح الأرض، الذين يشكلون النسبة الكبرى من ضباط الوحدات الخاصة في الجيش. لقد تعرفت إلى جنود حريديم قاموا في الأعوام الأخيرة بخطوة مهمة من أجل الاندماج في المجتمع الإسرائيلي، وذلك من خلال قيامهم بالخدمة العسكرية. أنا أفهم إيمانهم وأحترم معتقدهم، لكني لا أقبل بالإملاءات التي تفرضها الأطراف المتشددة من الحريديم التي تعتبر نفسها تتحدث باسم الله وتطالب بعدم السماح للنساء بالظهور أمام الجنود.
· إن الجيش الإسرائيلي هو جيش الشعب، وهو جيش تعددي ومتحضر، ولن أسمح لأحد بأن يفرض عليه ظواهر تعود إلى عصور الظلام.
· في أثناء وجودي في اليونان قامت إحدى عضوات الكنيست بعمل غير مقبول، فقد سكبت كوب ماء على عضو كنيست عربي ووزير سابق ومواطن في الدولة. أرفض مثل هذا التصرف الشنيع والأحمق تجاه ممثل لنحو خمس سكان إسرائيل. إن المواطنين العرب في إسرائيل يواجهون مشكلات متعددة منها مشكلة الهوية والاندماج، بالإضافة إلى المشكلات الاقتصادية. ومن واجبنا أن نبذل أقصى جهدنا من أجل المساهمة في دمجهم في المجتمع كمواطنين متساوين مع الآخرين من مواطني الدولة...
فإذا أردنا أن نكون في مصاف الدول المتحضرة في العالم، علينا أن نزيل هذه الأجواء السيئة من بيننا.