من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".
· لم يسبق أن فاز بنيامين نتنياهو في الانتخابات بأغلبية كبيرة، أو أغلبية مريحة مثلما جرى مع أريئيل شارون أو يتسحاق رابين أو إيهودا باراك. فقد كان فوزه دائماً يستند إلى أغلبية ضئيلة، فهذا ما حدث مثلاً في سنة 1996 عندما فاز على شمعون بيرس بنحو نصف بالمئة، ورغم المجهود الكبير الذي بذله في انتخابات 2009 خسر الليكود أمام كاديما بفارق مقعد واحد. ويبدو أن هذا التقليد لم يتغير أمس أيضاً مع الهزيمة النكراء التي نزلت بقائمة الليكود - بيتنا. أمّا نتنياهو شخصياً فقد تلقّى صفعة مدوية من ناخبي اليمين، ذلك بأن القائمة، واستناداً إلى النتائج الحقيقية وشبه النهائية، خسرت 11 مقعداً، مقارنة بقوتها في الكنيست المنتهية ولايته، أمّا كتلة اليمين التي يتزعمها نتنياهو فخسرت خمسة مقاعد. صحيح أن نتنياهو سيتمكن من الحفاظ على منصبه، لكن ذلك سيكون بشروط صعبة للغاية. ويبدو أنه لن يكون في استطاعة مجلة "التايم" الأميركية تتويج "بيبي ملكاً" على إسرائيل في المستقبل المنظور، فبالأمس ولد ملك جديد هو يائير لبيد.
· إن فوز يائير لبيد هو بمثابة نجاح للسياسة العصرية، سياسة التلفزيون، والبرامج الواقعية. وممّا لاشك فيه أن يائير شاب محبوب وطيب، لكن تجربته تقتصر على تقديم البرامج التلفزيونية وعلى الصحافة. وهو بعد شهر سيجد نفسه في غرفة المجلس الوزاري حيث عليه أن يتعامل مع معلومات استخباراتية وعسكرية لم يخطر بباله أنها موجودة. والمفارقة أن رجلاً مثل شاؤول موفاز، رئيس أركان سابق ووزير دفاع سابق أيضاً والوحيد في الجهاز السياسي الذي ينطبق عليه صفة الرجل العسكري، فشل [إذ بحسب النتائج شبه النهائية اقتصر فوز كاديما على مقعدين فقط]، في حين أن لبيد الذي لم يدخل معترك الحياة السياسية إلاّ قبل 12 شهراً، استطاع الفوز بـ 19 مقعداً (وهذا الكلام ينطبق على نفتالي بينت زعيم حزب البيت اليهودي).
· من المنتظر، في الأيام المقبلة، أن تُدرس ظاهرة يائير لبيد، لكن ما يمكن قوله في هذه المرحلة هو أن استطلاعات الرأي الجدية كلها أظهرت تزايد قوته، وأنه، أسبوعياً، كان يفوز بمقعد أو مقعدين جديدين. وقد أظهرت استطلاعات الرأي التي نُشرت في نهاية الأسبوع أنه سيحصل على ما بين 12- 13 مقعداَ. وكان واضحاً لكل من لديه معرفة بسيطة بالاستطلاعات أن قوة لبيد مرشحة لمزيد من الصعود، وتبيّن أمس أن هذا الصعود سريع جداً. فقد نجح لبيد في جذب جميع الذين كانوا يترددون بين التصويت له أو لحزب العمل، وبينه وبين ليفني، وبينه وبين نفتالي بينت. ويمكن القول إن التصويت لمصلحته كان من جهة تصويتاً احتجاجياً، لكن من جهة أُخرى فإن الذين انتخبوه هم، في أغلبيتهم، ينتظرون منه المشاركة في الحكومة.
· إن المشهد السياسي الذي برز أمس هو مشهد واضح تماماً: لا مجال لنشوء حكومة مقبولة ومنطقية، يمكن أن يترأسها نتنياهو من دون أن يتعرض للعزلة في العالم إلا إذا كان لبيد مشاركاً فيها. نظرياً في إمكان نتنياهو تأليف حكومة يمين مع الحريديم، لكن لا بد من أنه يدرك أن هذا معناه نهاية حياته السياسية. وفي ظل هذا الوضع، تحوّل لبيد إلى أهم لاعب في التركيبة السياسية. ونظراً إلى كونه لا يعتبر نفسه مرشحاً لرئاسة الحكومة، فإنه سيجد نفسه أمام إمكانين: أن يتحول إلى زعيم للمعارضة في الكنيست التاسع عشر، أو على العكس من ذلك أن يصبح وزيراً كبيراً ومؤثراً في حكومة نتنياهو الثالثة.
· وفي حال اختار لبيد الإمكان الثاني، وتصرف بصورة صحيحة من دون ادعاءات أو غرور، فإنه سيكون قادراً على تحقيق شعار حزبه بالتغيير.
· في ظل توزيع عدد المقاعد الحالي، فإن لدى نتنياهو ولبيد ونفتالي بينت، زعيم حزب البيت اليهودي، أكثرية في الكنيست، فهناك نحو 61 مقعداً (بحسب النتائج شبه النهائية). إن تركيبة حكومية تجمع بين هذه الأحزاب الثلاثة ستحمل لإسرائيل صفقة هي بحاجة ماسة إليها، أي تغيير قانون الانتخابات والنظام السياسي، وإصدار قانون جدي لتجنيد الحريديم، وإصدار ميزانية مسؤولة. باختصار، فإن الوعود الانتخابية كلها التي أعطاها لبيد هي الآن في متناول يده، ويمكنه تحقيقها كلها.
· تبقى هناك أربع ملاحظات: الأولى، أن زعيمة حركة ميرتس استطاعت أن تفعل ما لا يُصدّق، إذ إنها ضاعفت عدد مقاعد الحركة، وخاضت معركة ذكية تمركزت حول شعار بسيط هو أن ميرتس هي الحزب اليساري الوحيد الذي يفتخر بكونه يسارياً، ولذا، فإن على جميع اليساريين التصويت له. وعلى الرغم من التساوي في عدد المقاعد بين ميرتس وحزب هتنوعا بزعامة تسيبي ليفني، ستة مقاعد لكل منهما، فإن ميرتس استطاعت أن تنتقم من تسيبي التي أخذت من الحركة في انتخابات 2009، 3 مقاعد.
· الملاحظة الثانية هي أن حزب العمل برئاسة يحيموفيتش حصل على 15 مقعداً، وهذه نتيجة ما زالت بعيدة عن التوقعات التي برزت في بداية الحملة قبل دخول ليفني إلى السباق الانتخابي، والتي كانت تشير إلى إمكان حصول الحزب على 22 مقعداً. لكن ليفني لا تتحمّل وحدها المسؤولية عن ذلك، بل إن مَن يتحملها أيضاً هو الحملة الانتخابية التي خاضتها شيلي يحيموفيتش التي لم تحفّز الناخبين أو تحمّسهم.
· الملاحظة الثالثة هي أن المقاعد التي خسرتها أحزاب الوسط واليسار نتيجة عدم تمكن أحزاب صغيرة من تخطي نسبة الحسم، أدت إلى ضياع الأصوات ومنع حدوث انقلاب في الكتل.
· الملاحظة الرابعة هي أنه في الوقت الراهن يبدو الحريديم ـ شاس ويهدوت هتوراه - بعيدين جداً عن الحكومة المقبلة، إلاّ في حال قرر نتنياهو تأليف حكومة تجمع بين اليمين والحريديم، وهو أمر غير منطقي. ومن المحتمل أن يقوم نتنياهو باستغلال خسارته الانتخابية بصورة إيجابية من خلال تأليف حكومة مدنية من دون الحريديم، فالشعب يريد حكومة مدنية من دون شاس ويهدوت هتوراه.