يجب المشاركة في الانتخابات من أجل إضعاف معسكر اليمين الإسرائيلي
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف

·       خلال الأعوام الأربعة الماضية، تسببت حكومة بنيامين نتنياهو المنتهية ولايتها بضرر كبير لإسرائيل. فقد تركزت سياستها الخارجية على توسيع المستوطنات، والتهرب من المفاوضات مع الفلسطينيين، وإعادة إحياء فكرة ضم المناطق. وكانت النتيجة ازدياد العزلة الدولية، وتصدّع العلاقات مع الولايات المتحدة، ومخاوف على مستقبل إسرائيل. أمّا سياستها الداخلية فتميزت بالتعصب القومي، والتحريض على الأقلية العربية، وتسييس جهاز التعليم، وطرح مبادرات هدفها إضعاف محكمة العدل العليا والصحف الحرة.

·       وفي الواقع، فإن النزعة الانفصالية والتعصب القومي والتهديدات ضد الديمقراطية وحقوق الأفراد، هي الشعارات التي ترفعها أحزاب اليمين التي تخوض الانتخابات عبر قوائم تضم أكثر المرشحين تطرفاً. فقد توحد حزب الليكود مع حزب إسرائيل بيتنا، وطرد من صفوفه شخصيات ليبرالية مثل دان مريدور وبِني بيغن، وأدخل إلى صفوفه موشيه فايغلين [المعروف بمواقفه المؤيدة للمستوطنين]. وانتخب حزب البيت اليهودي نفتالي بينت رئيساً له، وهو الذي يبشر بضم المنطقة ج في الضفة الغربية إلى إسرائيل، وتطهير وسائل الإعلام من الإعلاميين اليساريين.

·       إن التوجه الخطر الذي يسير نحوه اليمين في إسرائيل يفرض على جميع الذين يؤمنون بالديمقراطية والانفتاح على العالم، التوجه نحو صناديق الاقتراع والتصويت إلى جانب الأحزاب التي تقف في وجه نتنياهو و"شركائه الطبيعيين". وليس هذا خياراً سهلاً، ولا سيما أن المعسكر الذي يقف في مواجهة اليمين فشل في توحيد صفوفه، وفي طرح مرشح لرئاسة الحكومة. وقد تعالت في أوساط ناخبي الوسط واليسار أصوات يائسة، وبرز مَن يقول إنه لا يوجد مرشح يمكن التصويت له، لكن يجب عدم الانجراف وراء هذه الأصوات، إذ ليس هناك واجب أهم من المشاركة والاقتراع في انتخابات هذا العام.

·       وبين جميع الأحزاب في معسكر اليسار، يبدو البرنامج الانتخابي الذي تطرحه حركة ميرتس هو الأكثر ملاءمة، إذ تؤيد الحركة إنهاء الاحتلال من دون شروط، وتدعو إلى تقسيم أرض إسرائيل إلى دولتين، وفصل الدين عن الدولة، وتعزيز حقوق الأفراد بمَا في ذلك حقوق الأقلية العربية. وسبق أن أعلنت ميرتس أنها لن تشارك في الائتلاف الحكومي الذي سيشكله نتنياهو، وتتوقع الاستطلاعات أن تضاعف الحركة قوتها التمثيلية في الكنيست.

·       أمّا فيما يتعلق بحزب العمل، فعلى الرغم من قائمة مرشحيه التي تبعث على التفاؤل، فإن زعيمة الحزب شيلي يحيموفيتش لا تشكل بديلاً من الليكود. فإن عدم تطرقها إلى الموضوعات السياسية، وتأييدها المستوطنين والحريديم، وزيادة ميزانية الدفاع، أمور تثير القلق، وسيشكل الوفاء بتعهدها بعدم الانضمام إلى حكومة نتنياهو اختباراً لها.

·       أمّا بالنسبة إلى الذين لا يرغبون في منح أحزاب المعارضة أصواتهم، فإن في استطاعتهم الاختيار بين حزب هَتْنوعا الذي تترأسه تسيبي ليفني، وحزب يش عتيد برئاسة يائير لبيد، وكاديما بزعامة شاؤول موفاز، إذ من المتوقع أن تنضم هذه الأحزاب لاحقاً إلى حكومة نتنياهو، وأن يكون لها تأثير في كبح جماح اليمين المتطرف والحريديم. وتمتاز ليفني من غيرها في طرحها خطة للتسوية السياسية مع الفلسطينيين، وترميم العلاقات مع الولايات المتحدة.

·       إن مشاركة الناخبين العرب في الانتخابات بنسبة عالية من شأنها أن تشكل إنجازاً للديمقراطية الإسرائيلية، وستعزز قوة حداش [الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة] وبلد [التجمع الوطني الديمقراطي] والقائمة العربية الموحدة والحركة العربية للتغيير، في مواجهة اليمين. وعلى عكس سائر الأحزاب العربية، فإن حداش تتنافس مع حركة ميرتس على الناخبين اليساريين اليهود، ويمتاز برنامجها الانتخابي بأنه أكثر راديكالية من ميرتس، لكن أهمية الحزب تكمن في دعوته إلى نضال اليهود والعرب من أجل تحقيق أهداف مشتركة.

·       وبالنسبة إلى الناخب الذي لا يزال متردداً، فإن هناك خيارات كثيرة، لكن يجب أن يكون المبدأ الذي يوجه اختياره واضحاً وهو: إضعاف الأحزاب اليمينية والحريدية، وكبح تدهور إسرائيل نحو العزلة السياسية، ونحو الفاشية الداخلية والفصل العنصري.