من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".
· اليوم، بعد موت الخيار الإيراني، يتعين على رئيس الحكومة البدء في بلورة نظرة استراتيجية جديدة. فنتنياهو يدرك حتى لو لم يعترف بذلك، أن خيار مهاجمة إيران قد تلاشى. ويعرف بحكم كونه رجلاً واقعياً، أن احتمالات حصول إيران في نهاية الأمر على السلاح النووي ازدادت. لذا يتعين عليه التخلي عن سياسة التهويل وخطاب المحرقة وأن يقترح على مواطني الدولة رؤية مختلفة. وعليه أن يوضح لهم أن السلاح النووي الإيراني لا ينذر بنهاية الحلم الصهيوني، وأنهم ليسوا مضطرين إلى الاسراع بمغادرة إسرائيل عندما يتضح أن إيران أصبحت تملك القنبلة الذرية. في المقابل، على نتنياهو البدء في بلورة خطوط السياسة التي يتعين على إسرائيل أن تنتهجها إزاء إيران النووية.· في هذا المجال، من المفيد أن يتعلم نتنياهو من تجربة الأميركيين الذين واجهوا مشكلة مشابهة خلال الستينيات، فقد أدار جون كينيدي حملته الرئاسية في ظل التهديد النووي السوفياتي، وتعهد أمام ناخبيه أنه بعد وصوله إلى البيت الأبيض، سيحرص على بناء ملاجئ نووية لجميع السكان، وسوف يسرّع تطوير منظومات دفاعية ضد الصواريخ النووية. ولكن لم تمر بضعة أشهر حتى أدرك كينيدي أن هذه ليست الوسيلة المطلوبة، فالدولة ليست قادرة على تحمل كلفة بناء ملاجئ لجميع مواطني الولايات المتحدة، كما أن هذه الملاجئ لن تكون فعالة إذا حدث هجوم نووي مفاجئ. أما فكرة تطوير منظومة دفاعية ضد الصواريخ السوفياتية النووية فقد تخلى عنها خلفه، الرئيس ليندون جونسون، بعد أن أقنعه وزير الدفاع روبرت مكنمارا، بأن أهم منظومة دفاعية لن تكون مفيدة في مواجهة الصواريخ النووية، ذلك لأن أي نظام دفاعي لا يمكن أن يكون محكماً، ويكفي أن يخترقه عدد قليل من الصواريخ كي يكون ثمن الإصابات غير محتمل. وكانت النتيجة بلورة سياسة جديدة تستند إلى الردع المتبادل.· اليوم، يبدو أن جميع المبادئ والاعتبارات التي اعتمدت عليها سياسة الإدارة الأميركية قبل خمسة عقود، تنطبق على الحالة الإسرائيلية– الإيرانية في سنوات الألفين. فمنذ اللحظة التي أصبح فيها واضحاً أن خيار الهجوم على إيران لم يعد قائماً، وبعد أن اتضحت صعوبة السيطرة على حجم الحرب النووية وحدودها، وأنه إذا نشبت حرب نووية فإنها ستتحول تلقائياً إلى حرب شاملة لن يكون فيها منتصرون، فالشيء الذي بقي هو الردع الذي سيمنع استخدام السلاح النووي أو حتى سيمنع التفكير باستخدامه.· إن أهم بنود نظرية الردع المتبادل هو التخلي عن المنظومات الدفاعية. ومعنى هذا التخلي هو تبني قواعد تفكير تتعارض مع غريزة الدفاع الأساسية عند الإنسان. وقد اعتبر كثيرون أن نظرية مكنمارا [التخلي عن المنظومات الدفاعية واللجوء الى الردع المتبادل]، تعرّض الولايات المتحدة إلى خطر التدمير الأكيد والكامل مع أنها تمتلك تكنولوجيا قادرة على تطوير ونشر منظومات دفاعية لاعتراض الصواريخ السوفياتية. وقد واجهت وجهة نظر مكنمارا هذه معارضة قوية من جانب قادة الجيش الأميركي وكبار المسؤولين في الصناعات الأمنية. وكان يجب أن تمر بضع سنوات كي يقتنع هؤلاء بصحتها.· في إسرائيل ليس لدينا من يشجع الحكومة ورئيسها على البحث في السياسة التي يجب أن تنتهجها إسرائيل إذا فشلت المساعي لوقف البرنامج النووي الإيراني. وهذا هو سبب صرف المليارات على تطوير منظومات دفاعية من نوع صاروخ حيتس الذي للأسف الشديد، لا أهمية له في مواجهة الخطر النووي. ومن الواضح أنه حتى حيتس-3 مهما كان فعالاً، فإنه لن يشكل دفاعاً محكماً في مواجهة الصواريخ الإيرانية وسيكون ثمن الإصابات من جراء سقوط صاروخ أو صاروخين إيرانيين في غوش دان لا يحتمل.· لذا يتعين على نتنياهو التسليم بموت الخيار الإيراني، والتوقف عن تخويفنا وتغيير الأسطوانة.