العملية مثيرة للشكوك، لكن نتنياهو نفسه هو مَن منح عناصر حزب الله الحصانة
المصدر
يديعوت أحرونوت

تعني بالعربية "آخر الأخبار"، تأسست سنة 1939، وتصدر باللغتين العبرية والإنكليزية، كما يمكن قراءتها على موقعها الإلكتروني "ynet". وهي تُعتبر الصحيفة الثانية الأكثر انتشاراً في إسرائيل. تنتهج الصحيفة خطاً سياسياً أقرب إلى الوسط الإسرائيلي، يصدر عن الصحيفة ملحق اقتصادي بعنوان "كلكاليست".

  • الاتفاق البحري مع لبنان جيد ومطلوب ومفيد، لكنه يبدو أقل من ذلك لو أن التي استطاعت التوصل إليه حكومة إسرائيلية مستقرة. والأكثر إثارة للقلق هو أن إقرار الاتفاق يتم بطريقة متسرعة وغير سليمة، ومثيرة للشكوك قانونياً، ومرفوضة ديمقراطياً.
  • سأبدأ بمشكلة إقرار الاتفاق: تشكيل ائتلاف بينت - لبيد انطوى على تغييرات قانونية وترتيبات سياسية كان من الصعب استيعابها. مثل تعيين رئيس تكتل صغير رئيساً للحكومة، وحدوث المناوبة بعد وقت قصير، ووجود رئيس حكومة مناوب، وقانون نروجي موسع [الذي يسمح للوزير بالاستقالة من منصبه في الكنيست على أن يأخذ مكانه مَن يأتي بعده في القائمة، ويمكنه استعادة مقعده في الكنيست إذا استقال من الحكومة] تضخيم عدد الوزراء وغيره - كل هذه المناورات المشبوهة جرت الموافقة عليها لسبب واحد: الرغبة في استبدال بنيامين نتنياهو واستبدال الشلل والانقسام والتحريض الذي طبع حكوماته الأخيرة.
  • والسؤال الآن، هل من الممكن الموافقة على خطوات من هذا النوع الآن، بينما حكومة التغيير أصبحت حكومة تصريف أعمال والانتخابات على الأبواب؟ يُستحسن أن يسأل مؤيدو الحكومة أنفسهم ما إذا كان خوفهم من عودة نتنياهو يجرفهم بعيداً جداً، وما يسمحون به للحكومة اليوم سيرتد عليهم من خلال حكومة متطرفة معادية للديمقراطية يمكن أن تُشكَّل بعد الانتخابات. ليس من الجيد لمن دافع عن قواعد اللعبة الديمقراطية أن ينتهك الديمقراطية علانية.
  • أما بالنسبة إلى نتنياهو، فهو يؤكد هذا الأسبوع كل ما يقوله عنه خصومه. "اتفاق خضوع"، هكذا يصف الاتفاق البحري. وفي الأمس صرّح: "طوال عشرة أعوام، لم تخضع الحكومات برئاستي لإملاءات نصر الله إلى أن جاء لبيد." مصدر رفيع المستوى أخبرني أمس عن إرث نتنياهو، والذي لم أكن أعرفه: عندما بدأت الحكومة الحالية ولايتها، اكتشفت أنه خلال ولاية نتنياهو، أصدر المستوى السياسي تعليمات للجيش بأن عمليات الجيش الإسرائيلي على الأراضي السورية يمكنها أن تقتل سوريين، وحتى إيرانيين، لكن لا يمكنها قتل عناصر من حزب الله. لأنه إذا سقط قتلى لحزب الله، فإن نصر الله سيُطلق صواريخ من الحدود اللبنانية.
  • حقائب المال لـ"حماس"، الحصانة لمقاتلي حزب الله: يمكننا احترام حذر نتنياهو في استخدام القوة العسكرية، لكن لا يمكننا احترام دجله. وعندما اتضح له أن الاتفاق يحظى بتأييد الناخبين، توقف عن التهديد بإبطاله. استطلاع سريع واحد والتهديد زال.
  • الآن، سأتطرق باختصار إلى تطور الاتفاق ومغزاه. قبل كل شيء، هذا الاتفاق مهم، لكنه ليس اتفاقاً تاريخياً. مَن يقول ذلك يظلم الاتفاق ويظلم التاريخ. اتفاق تاريخي يتطلب نقاشاً منتظماً وتصويتاً في الكنيست، ولم يحدث نقاش ولا تصويت. الاتفاق يحسّن أمن منصات الغاز في البحر المتوسط في المدى البعيد، وربما يُضعف قبضة حزب الله وإيران على السياسة اللبنانية. في المدى القصير، سيعزز الاتفاق قوة حزب الله في فترة انهيار عميق، ويمنحه هالة وطنية. هذا ليس جيداً، لكنه ليس مريعاً. من الأفضل أن تبتعد إسرائيل عن السياسة اللبنانية، فلا شيء جيداً ينتج من ذلك.
  • تمسكت إسرائيل بحقوقها الكاملة على الخمسة كيلومترات الأولى غربي ساحل رأس الناقورة. هذه هي الميزة الأمنية الثانية للاتفاق. في هذه المنطقة، لإسرائيل حدود متفق عليها ومعترَف بها. وهي تنازلت للبنان عن المنطقة الواقعة بين الكلم 5 وحتى الكلم 22. قال لي أحد المفاوضين إن التنازل ليس مهماً، لكن هناك آراء أُخرى. التنازل الإسرائيلي الآخر هو في عمق البحر ما بين الطرف الشمالي - الغربي لحقل قانا والحدود البحرية الاقتصادية مع قبرص. إذا جرى العثور على غاز هناك، فلبنان سيحتفل. بيْد أن فرص ذلك ضئيلة جداً، لكن الأمل مسموح به دائماً، حتى للبنانيين.
  • فرص العثور على غاز في حقل قانا كبيرة، لكنها غير مضمونة. ستحصل إسرائيل على حصتها من صاحبة الامتياز شركة النفط الفرنسية "توتال"، بضمانات أميركية. وبعكس ما صدر عن مكتب رئاسة الحكومة، ليس المقصود مليارات بل أقل من ذلك؛ وبعكس ادعاءات نتنياهو، لم نخسر مليارات- لكن أقل من ذلك. في هذه الأثناء، مَن يربح من الغاز هي الشركات التي تستخرجه. مع ذلك، لإسرائيل مصلحة كبيرة في نجاح التنقيب، ليس بسبب المال، بل بسبب أمن المنصات الموجودة في المياه الاقتصادية الإسرائيلية.
  • المؤسسة الأمنية تؤيد الاتفاق بكل قوتها. وهي تفعل ذلك لأن لا مصلحة لها في حرب ثالثه مع لبنان، ولا في حرب قصيرة. ليس نصر الله وحده الذي خرج من حرب 2006 مرضوضاً. لقد وضع بينت حدود مجال المفاوضات عندما كان رئيساً للحكومة. وهو الذي سعى للاتفاق، حتى ولو تطلب ذلك تسوية. وبعد أن أعطى لبيد مكانه، شارك في القرارات. ثمة شك في أن ما اتُّفق عليه أفرحه، أو أن استخدام لبيد للاتفاق لغايات سياسية أسعده، لكنه لن يستخدم الفيتو، ومن المحتمل أنه سيصوت مع الاتفاق: فإلى حد ما هذا الاتفاق هو اتفاقه.
  • قرار محاولة إقرار الاتفاق قبل الانتخابات استند إلى مبررين: انتهاء ولاية الرئيس اللبناني ميشال عون في نهاية تشرين الأول/أكتوبر، وثمة شك في أن يكون هناك مَن هو مخوّل لتوقيعه بعد عون؛ المبرر الثاني، منصة كاريش مستعدة للبدء باستخراج الغاز، وتشغيلها من دون اتفاق ينطوي على خطر نشوب مواجهة عسكرية. هناك مَن هو مقتنع بهذين المبررين، وهناك مَن يعتبرهما مجرد ذرائع. وعلى أي حال عملية الإقرار تبدأ اليوم.

 

 

المزيد ضمن العدد