المفاوضات بشأن الحدود البحرية مع لبنان: لبيد منحهم الجبنة وبقي مع الثقوب
تاريخ المقال
المصدر
- كعادتهما قبل الانتخابات، لعبت الديماغوجيا دوراً مركزياً في الصراع بين لبيد ونتنياهو. فبحسب لبيد، نتنياهو لم ينجح في الوصول إلى هذا الاتفاق مع لبنان. السبب وراء ذلك هو أن نتنياهو لم يمنح اللبنانيين كل ما أرادوه، حتى الإنش الأخير. لبيد فعل ذلك.
- هذا ما توضحه خريطة بسيطة. فعندما بدأت الأزمة في سنة 2011، بعد اكتشاف آبار الغاز، قدمت الدولتان للأمم المتحدة خرائط المياه الاقتصادية الخاصة بهما؛ وظهر بين الطرفين مثلث شماله "الخط 1"، كما أرادت إسرائيل، وجنوبه "الخط 23"، كما رسمه اللبنانيون. مساحة هذا المثلث نحو 550 كلم مربعاً، وحوله دارت المفاوضات على مدار عشرة أعوام.
- وطوال تلك الفترة كانت المفاوضات عبثية. قبل عامين، ادّعى لبنان أن حقل "كاريش" يقع في منطقته - وهذا ادّعاء لا أساس له. وفي ردها، طرحت إسرائيل خريطة تطالب فيها بأكثر، ومن دون شك، دخلت في المنطقة التابعة للبنان.
- كل هذا انتهى في جولة المحادثات الحالية. هذه المرة، استجابت إسرائيل، في عهد بينت ولبيد، لكافة المطالب الأساسية التي طرحتها بيروت، ووافقت على منحها جميع طلباتها. كل مثلث الجبنة حتى الخط 23، حتى الإنش الأخير، سيتحول إلى جزء من المياه الاقتصادية اللبنانية.
- أما المصيبة الأكبر، فهي أن الجبنة ممتلئة بالثقوب. إسرائيل قبلت المقترح من دون أن يتم الاتفاق على معادلة التعويضات عن الغاز الذي من الممكن أن يكون تحت سطح الماء. ولا يعلمون في إسرائيل أيضاً ما إذا كان لبنان سيقبل المقترح أم لا. ومن غير الواضح بصورة خاصة ما إذا كان لبنان سيقبل "الإنجاز" بشأن تحديد منطقة أمنية حتى 5 كلم من الساحل.
- نتنياهو أيضاً ساهم في الديماغوجيا من خلال اتهام لبيد بأنه خضع لحزب الله. في الحقيقة، لبيد خضع بالأساس أمام الضغط الأميركي. فمَن صاغ مقترح "التسوية"، كان المبعوث الخاص لبايدن، عاموس هوكشتاين. هو مَن اقترح على إسرائيل التنازل عن المنطقة الأصلية التي ادّعت السيادة عليها. وللمقارنة، المبعوثان الأميركيان السابقان، فريدريك هوف وديفيد شنكر، تحدثا عن معادلة 40/60 لمصلحة لبنان. لم يتحدثا عن 90، ومن المؤكد ليس تنازلاً 100% أمام لبنان.
- ولأن الاتفاق غريب إلى هذا الحد والحديث يدور عن حكومة انتقالية، فلا يمكن فهم موقف المستشارة القضائية للحكومة - كما تم طرحه مصدر سياسي رفيع المستوى- وبحسبها، من الممكن المصادقة على الاتفاق سراً داخل المجلس الوزاري المصغر. في دولة حرة، يجب طرح هذا الاتفاق على الجمهور، قبل اتخاذ القرار. وإذا كان النقاش بشأن الاتفاق في لبنان يجري بحرية، فكم بالأحرى أن يجري هذا أيضاً عندنا.
الكلمات المفتاحية