حزب "العمل" ليس حزباً يسارياً
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف
  • كلما اقترب موعد إغلاق القوائم المرشحة لانتخابات الكنيست التي ستجري يوم 1 تشرين الثاني/نوفمبر المقبل، كلما ازدادت الضغوط على زعيمة حزب العمل ميراف ميخائيلي، للتحالف مع ميرتس في قائمة واحدة. ومن المعروف أن لتحالفات حزب العمل مع أحزاب مختلفة عنه تاريخاً سيئاً، فإيهود باراك تحالف سنة 1999 مع "غيشر" - هم المنسحبون من الليكود برئاسة دافيد ليفي. والنتيجة في الصندوق كانت محبطة (26 مقعداً)، و"غيشر" فضّت الشراكة مع هذا التحالف الذي سُمِّيَ "إسرائيل واحدة"، بعد قمة كامب ديفيد مع الفلسطينيين في سنة 2000. كما أن الشراكة اللاحقة لحزب العمل مع "غيشر"، بزعامة ابنة دافيد ليفي، أورلي ليفي - أبكسيس، ومع ميرتس، أتت بنتيجة 7 مقاعد في الكنيست فقط.
  • هذه التجربة كانت موجودة، وليس منذ وقت طويل. فهكذا هي الأمور في السياسة - تحالفات من دون قاعدة ثابتة، لا تصمد طويلاً، بل تتوقف عند الأزمة الأولى، وهذه الأزمة ستأتي.
  • حالياً، هناك مجموعتان تقفان وراء هذا الضغط للتحالف بين العمل وميرتس: المجموعة الأولى تتكون من أشخاص لديهم نية طيبة ويخافون من زوال ميرتس، وبالتالي تقوية معسكر بنيامين نتنياهو. أما المجموعة الثانية فإن نياتها ليست نظيفة. ومن ضمنها الطامحون إلى زوال حزب العمل المستقل، وعزله إلى زاوية "حزب يسار" صغير. ويمكن القول إن خريطة سياسية من دون حزب اشتراكي - ديمقراطي مركزي، ستكون بمثابة ربح تمثيلي واضح لأحزاب الوسط - يمين. ويبدو أن مثل هذه النتيجة هي التي تحرك الضغوط تحت عنوان "توحدوا، يكفي"، ويتم تفعيلها تحديداً على قيادة حزب العمل.
  • لماذا لا يوجد أساس لتحالف العمل مع ميرتس؟ إن ميرتس هو حزب يساري. وهذا ما يفتخر به، وقد حافظ على هويته في أصعب الظروف أمام حملات التشهير والتحريض. أمّا حزب العمل في المقابل، فلم يكن، ولا يُعدّ حزباً يسارياً، إنما هو حزب اشتراكي - ديمقراطي مركزي، على غرار حزب العمال البريطاني، وحزب "SPD" الألماني. في أغلبية الدول الأوروبية يوجد حزب كهذا، وأحياناً يكون الحزب الحاكم، وإلى جانبه توجد أحزاب يسار واضحة. وإن طبيعة الحزب هذه تم الحفاظ عليها عشرات الأعوام، ولا يوجد سبب لتغييرها في الوقت الحالي بسبب الظروف الانتخابية المتغيرة.
  • في الماضي، احترم يتسحاق رابين [رئيس حزب العمل] كلاً من يوسي سريد وشولميت ألوني [هما رئيسا حزب ميرتس]، لكنني لا أتذكر أنه نسي للحظة الاختلافات فيما بينهم، ومن المؤكد أنه لم يفكر في التحالف معهما في انتخابات الكنيست. أنا أيضاً تعاونت مع زهافا غالئون [رئيسة حزب ميرتس الحالية] في الكنيست، وربطتني بأصدقائها علاقات صداقة واحترام وتعاون. وأجد نفسي الآن مضطراً إلى وصف المشاعر لكي أوضح أن موقفي لا يحمل أي استعلاء أو تنكُّر، إنما يعبّر عن رغبة في منع هذا التشويش في هوية حزب العمل، عبر خطوة سياسية متسرعة.
  • تحمل هوية حزب العمل ثلاثة مركّبات: المركّب الاجتماعي (اشتراكي - ديمقراطي)، والمركّب الأمني، ومركّب السعي للسلام. وفي حال القيام بإزالة أيّ منهم، سيفقد الحزب هويته. وإذا تحالف العمل مع ميرتس، فسيصبغ الأول بألوان ليست لونه، ويبعد عنه الكثير من الناخبين التقليديين. وقد يكون هذا جيداً ليائير لبيد وبني غانتس، لكن ليس لحزب العمل.
  • أمّا بالنسبة إلى المعطيات الانتخابية، فأنا لا أستهتر بمخاوف معسكر معارضي نتنياهو، لكن الاستطلاعات التي وصلت إليهم في الآونة الأخيرة تشير إلى أنه حتى ولو تحالف ميرتس مع العمل، فسيحصل التحالف على أصوات أقل مما كان سيحصل عليه كلُّ حزب منهما منفرداً. وهذا الأمر ينبغي أن يسترعي انتباه كل الذين يعتبرون المبررات الأيديولوجية هامشية بالنسبة إليهم.