تحقيق الجيش الإسرائيلي: ثمة احتمال كبير أن تكون شيرين أبو عاقلة قُتلت برصاص أحد الجنود الإسرائيليين عن "طريق الخطأ"
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

  • نشر الجيش الإسرائيلي اليوم، (الاثنين 5/9)، نتائج التحقيق في ظروف مقتل الصحافية شيرين أبو عاقلة في جنين، فأشار إلى أن هناك احتمالاً كبيراً بأن تكون قد قُتلت برصاص جندي شخّصها بالـ"خطأ" كمسلح فلسطيني. وحتى الآن، لا يلغي الجيش احتمال أن تكون الصحافية قد قُتلت برصاص فلسطيني، لكنه يعترف بأن احتمال أن تكون قُتلت برصاص أحد الجنود أكبر.
  • وأضاف الجيش أنه يبدو أن الجندي أطلق النار بشكل دقيق في اتجاه أبو عاقلة بالـ"خطأ"، في الوقت الذي كان تحت النار، مضيفاً أنه لم تكن لديه نية قتل الصحافية. أما النائبة العسكرية الرئيسية اللواء يفعات تومر- يروشالمي، التي اطّلعت على نتائج التحقيق، فقررت عدم فتح تحقيق جنائي داخل الشرطة العسكرية لتقصّي وقائع القضية.
  • هذا الحدث وقع يوم 11 أيار/مايو الماضي، عندما دخلت قوات من وحدة "دوفدفان" إلى مخيم جنين للاجئين، بهدف اعتقال مطلوبيْن اثنيْن. القوة الأولى حاصرت المنازل التي اشتُبه بوجود المطلوبَيْن بداخلها، وعندما بدأ مسلحون فلسطينيون بإطلاق النار على الجنود، دخلت إلى المخيم قوة إضافية في خمس مركبات محصّنة ضد الرصاص. نجحت القوات في اعتقال أحد المطلوبَيْن، أما الثاني، فيبدو أنه لم يكن موجوداً في المكان. بعدها، ومع خروج القوات من المخيم وسط إطلاق نار كثيف، علم الجيش بمقتل أبو عاقلة.
  • كجزء من التحقيق، حلّل الجيش كافة المعلومات التي كانت بحيازته بشأن الحدث - ومن ضمنها تحديد المواقع في الأجهزة الخليوية، وفيديوهات، ومقاطع صوتية، بالإضافة إلى المعلومات التي وردت في الأخبار - ونجح في تحديد الموقع الذي كانت فيه أبو عاقلة عندما أصيبت. وبحسب النتائج، خلال عمل القوات في المخيم، تم فتح النار من المنطقة التي تواجدت فيها الصحافية في اتجاه الجنود، الذين كانوا داخل مركبات محصّنة. أحدهم، كما يبدو، ردّ بإطلاق نار دقيق عن بُعد 200 متر في اتجاه أبو عاقلة، من خلال عدسة تلسكوبية، معتقداً أنها أحد المسلحين.
  • "لا يمكن التحديد بدقة مَن الذي أصابها" - أوضح ضابط كبير في حديث مع المراسلين، مضيفاً أنه "يجب القول إن المنطقة التي نعتقد أنها أصيبت منها، كان فيها جنود الجيش، وأيضاً فلسطينيون. الاحتمال الأعلى أن مَن أطلق الرصاص بالخطأ هو جندي في الجيش عندما كان تحت النار. تم إطلاق النار وهم لا يزالون داخل الـ "دود" [مركبة محصّنة]، وردوا بإطلاق النار على عدد غير قليل من المواقع التي اعتقدوا أن فيها مسلحين يطلقون النار عليهم. يمكن أن تكون شيرين قد قُتلت نتيجة إطلاق نار كهذا بالخطأ."
  • وبحسب التحقيق العسكري، وعلى الرغم من إطلاق النار الدقيق، فإن أياً من الجنود لم يقصد إصابة الصحافية. ويجب الإشارة إلى أن أبو عاقلة كانت ترتدي الخوذة، وملابس كُتب عليها "PRESS"، وتحمل كاميرا. وصف الجيش الوضع الذي كان فيه الجندي الذي أطلق النار خلال تبادُل إطلاق النار، وقال "إن المنطقة صعبة، إطلاق نار من الشبابيك، من الأسقف، والجنود كانوا تحت الخطر مع إطلاق نار دقيق، في وقت كان إطلاق النار في اتجاههم عشوائياً." وأضاف "يبدو أن الجندي أطلق النار على أبو عاقلة من خرم داخل المركبة المحصّنة التي كان فيها، في الوقت الذي وقفت أبو عاقلة وراء شجرة، وحتى اللحظة، لا يستطيع الجندي القول، بيقين، أنه هو مَن أطلق النار عليها لأنه اعتقد أنه يطلق النار على أحد المسلحين."
  • وبحسب ما أشار الضابط المسؤول، "أطلق [الجندي] النار إلى المنطقة التي حددها"، مضيفاً "في المجمل، قام بإطلاق 20 رصاصة، 10 منها إلى المنطقة التي تواجدت فيها شيرين."
  • أمّا الناطق بلسان الجيش فقال إنه "منذ الحدث المؤسف، قام الجيش بالتحقيق في أسباب وفاة أبو عاقلة بشكل مهني. لذلك، عيّن رئيس هيئة الأركان لجنة خاصة برئاسة اللواء مني ليبرتي بهدف التحقيق في هذا الحدث. اللجنة شُكِّلت من ضباط في الجيش وخبراء ذوي صلة بالموضوع. الاستخلاصات الأولية من التحقيق البيني تم عرضها على رئيس هيئة الأركان مباشرة بعد الحدث، وبحسبها، لا يمكن الحسم بخصوص مصدر إطلاق النار الذي قتل أبو عاقلة. وفي أعقاب ذلك، أصدر رئيس هيئة الأركان أوامره بالاستمرار في التحقيق في الحادث وتوسيع الأدوات المهنية المستعملة، بهدف استنفاد التحقيق حتى نهايته والوصول إلى الحقيقة."
  • وأضاف أنه "بحسب كل التحقيقات التي أُجريت، لا يمكن الحسم نهائياً على يد مَن قُتلت أبو عاقلة، لكن يوجد احتمال كبير أن تكون قد أُصيبت بالخطأ من رصاص الجيش، الذي أطلق في اتجاه مَن تم تشخيصهم على أنهم مسلحون فلسطينيون، في أثناء المعركة التي تخللها إطلاق نار كثيف في اتجاه الجنود، من دون تفرقة وفي ظل وجود خطر على الحياة. هذا بالإضافة إلى أنه يجب التوضيح والتشديد على أن إطلاق النار من طرف الجيش طوال الحدث، كان الهدف منه إصابة "مخربين" أطلقوا النار على قواتنا. إمكانية أُخرى هي أن تكون أبو عاقلة أُصيبت برصاص مسلحين فلسطينيين أُطلق على المنطقة التي كانت موجودة فيها." وقالوا في الجيش إنه "في إطار التحقيق، كما في كل تحقيق عملاني كهذا، تم بحث قواعد إطلاق النار وكيف تم تطبيقها، ولم يكن هناك أيّ خلل. رئيس هيئة الأركان حصل على نتائج التحقيق، ولخّص بأن التحقيق الذي تم إجراؤه أساسي وشامل، وأن طواقم التحقيق قلبت كل شيء، بهدف الوصول إلى الحقيقة. وأن الجيش يأسف لموت الصحافية. كما أن حرية الصحافة والحفاظ على أمن الصحافيين من ركائز الديمقراطية الإسرائيلية، والجيش ملتزم بها."

عائلة أبو عاقلة: مجرمو الحرب الإسرائيليون

لا يستطيعون التحقيق في جرائمهم!

  • من جانبها، قالت عائلة أبو عاقلة إن "نشر نتائج التحقيق على أيدي الجيش ودولة إسرائيل يهدف إلى إخفاء الحقيقة والامتناع من تحمُّل مسؤولية موتها." وأضافت العائلة أنه منذ أكثر من أربعة أشهر يعرفون أن مَن أطلق النار على أبو عاقلة هو جندي إسرائيلي. وهذا بسبب عدة تقارير تم نشرها في وسائل إعلام دولية ووصلت إلى النتيجة ذاتها. وقالت إنه "على الرغم من ذلك، وكما هو متوقّع، فإن إسرائيل رفضت تحمُّل المسؤولية"، مضيفةً أن "العائلة غير متفاجئة بالنتيجة لأنه من الواضح لكل إنسان أن مجرمي الحرب الإسرائيليين لا يستطيعون التحقيق في جرائمهم."
  • وعادت عائلة أبو عاقلة وتوجهت إلى أعضاء الكونغرس، ومؤسسات حقوق الإنسان، والصحافيين، والمجتمع الواسع، لتشكيل ضغط على الرئيس الأميركي جو بايدن ووزير الخارجية أنتوني بلينكن، بهدف اتخاذ خطوات جدية ضد إسرائيل. وقالت العائلة: "لأن إسرائيل غير قادرة على الاعتراف بمسؤوليتها عن الحادث، نطالب بمحاكمة كاملة في المحكمة الدولية." وأضافت أنها "لن تتوقف عن جهودها للوصول إلى العدالة من أجل شيرين."
  • حتى الآن، كرر الجيش نتائج التحقيق البيني، التي تم نشرها بعد أيام من مقتل أبو عاقلة، وبحسبه، لا يمكن الحسم بخصوص مصدر إطلاق النار الذي أصابها؛ هل هم مسلحون فلسطينيون "أطلقوا النار بشكل عشوائي وغير دقيق في اتجاه المركبات العسكرية، وهو الاتجاه ذاته الذي تواجدت فيه المراسلة"، أو أن جندياً أطلق النار من داخل خرم في المركبة في اتجاه مشتبَه فيه وقف إلى جانبها.
  • الولايات المتحدة قدّرت أيضاً بعد فحص الرصاصة أنه لا يمكن الحسم بصورة نهائية بخصوص السلاح الذي تم إطلاق النار منه. وزارة الخارجية في واشنطن قالت إن الرصاصة التي حصلت عليها فيها الكثير من الأضرار. وأشارت الولايات المتحدة إلى أنه من المرجح أن تكون الرصاصة قد أُطلقت من منطقة وجود الجيش، لكنها أوضحت أنه "لا يوجد سبب يدعو إلى التفكير في أن إطلاق النار كان مقصوداً، إنما نتيجة حادثة مؤلمة." وعلى مدار شهرين، رفضت السلطة الفلسطينية السماح لجهات خارجية بفحص الرصاصة، ووافقت فقط بعد تفعيل ضغوط عليها من إدارة بايدن.
  • وسائل الإعلام الدولية غطّت مقتل أبو عاقلة بشكل واسع، كما غطّت المواجهات التي جرت بين الفلسطينيين وقوات الأمن الإسرائيلية التي هاجمت الجنازة. وأدت الحادثة إلى سلسلة إدانات حادة للجيش والسياسة الإسرائيلية في الضفة. كذلك وجّهت إدارة بايدن انتقادات إلى إسرائيل وطلبت تفسيرات بشأن مقتل المراسلة التي كانت تحمل الجنسية الأميركية أيضاً.
  • منذ مقتل أبو عاقلة، حمّل الفلسطينيون الجيش الإسرائيلي المسؤولية، واتهموا إسرائيل باغتيال الصحافية. وقال النائب العام أكرم الخطيب بعد الحادثة إن الجنود أطلقوا النار مباشرة في اتجاه أبو عاقلة، من دون وجود مسلحين فلسطينيين في المنطقة. أما رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس وعائلة أبو عاقلة، فرفضا خلاصة الفحص الأميركي بشأن الموضوع. وأشارت مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان إلى أن إسرائيل مسؤولة عن إطلاق النار الذي تسبّب بقتل أبو عاقلة. كذلك شبكة CNN التي قامت بتحقيقها الخاص، بالإضافة إلى "نيويورك تايمز"، وصلتا إلى النتائج ذاتها.