معهد أبحاث إسرائيلي تابع لجامعة تل أبيب. متخصص في الشؤون الاستراتيجية، والنزاع الإسرائيلي -الفلسطيني، والصراعات في منطقة الشرق الأوسط، وكذلك لديه فرع خاص يهتم بالحرب السيبرانية. تأسس كردة فعل على حرب تشرين الأول/أكتوبر 1973، بقرار من جامعة تل أبيب؛ وبمرور الأعوام، تحول إلى مركز أبحاث مستقل استقطب مجموعة كبيرة من الباحثين من كبار المسؤولين الأمنيين، ومن الذين تولوا مناصب عالية في الدولة الإسرائيلية، بالإضافة إلى مجموعة من الأكاديميين الإسرائيليين، وهو ما جعله يتبوأ مكانة مرموقة بين المؤسسات البحثية. يُصدر المعهد عدداً من المنشورات، أهمها "مباط عال" و"عدكان استراتيجي"، بالإضافة إلى الكتب والندوات المتخصصة التي تُنشر باللغتين العبرية والإنكليزية.
يتعين على إسرائيل العمل بكل الطرق الممكنة لإزالة خيمتيْ حزب الله في مزارع شبعا. ويجب استنفاد التحرك السياسي، لكن وضع حدود زمنية له. وفي حال فشله، يجب العمل على إزالة الخيمتين، حتى لو كان الثمن المخاطرة بالتدهور إلى مواجهة محدودة في الميدان.
وقائع
- في أواسط حزيران/يونيو، كشفت وسائل الإعلام الإسرائيلية، بعد تسريبات نقاشات لجنة الأمن والخارجية، وجود خيمتين يتواجد فيهما عناصر من حزب الله، بالقرب من مزارع شبعا. والخيمتان منصوبتان في الجانب الإسرائيلي من الخط الأزرق (الذي رسّمته الأمم المتحدة كخط للحدود بين إسرائيل ولبنان في سنة 2000، وتبنّته إسرائيل)، أي في الجانب التابع لسيادة الدولة الإسرائيلية، والذي هو موضع خلاف مع حزب الله الذي لا يعترف بالخط الأزرق، ويدّعي أن هذه المنطقة هي جزء من لبنان (على الرغم من أنها كانت تابعة لسورية عندما احتُلت في سنة 1967). إقامة الخيمتين لم تكن خافية عن أنظار الجيش الإسرائيلي، لكن إسرائيل قررت في مرحلة أولى عدم العمل على إزالة الخيمتين بالقوة، واستخدام القنوات الدبلوماسية. وضمن هذا الإطار، جرى التوجه إلى الأمم المتحدة والولايات المتحدة لنقل رسائل إلى الجانب اللبناني كي يعمل بنفسه على إزالة الخيمتين.
دلالات
- إقامة الخيمتين وإصرار حزب الله على عدم إزالتهما يكشف ثقة حزب الله بنفسه في مواجهة إسرائيل في المرحلة الأخيرة، وجرأة متزايدة، واستعداداً للمخاطرة. والدليل على ذلك الأحداث غير المسبوقة التي وقعت في الأشهر الأخيرة: تحذير حزب الله في مسألة حقل كاريش؛ والهجوم في تقاطع مجدو بواسطة "مخرب" فلسطيني تسلل من الحدود في الشمال (13 آذار/ مارس)؛ وإطلاق الصواريخ من لبنان (6 نيسان/أبريل)، الذي على الرغم من أن جهات فلسطينية هي التي كانت وراءه، فمن المعقول أن تكون الاستعدادات والبنية التحتية بعِلم حزب الله. في المقابل، برز تصاعُد في حجم وجود عناصر حزب الله على طول الحدود، وفي مدى استعدادهم لخلق احتكاكات بالجيش الإسرائيلي على طول الحدود.
دوافع حزب الله
- يبدو أن ما يدفع حزب الله هو الفهم الخاطىء بأن الصعوبات الداخلية في إسرائيل منذ تأليف الحكومة الحالية تبشّر بالضعف، وأن إسرائيل غير معنية في الوقت الراهن بالدخول في معركة معه. حزب الله أيضاً غير معنيّ بمعركة عسكرية واسعة النطاق، لكنه يفسّر التطورات الأخيرة بأنها فرصة بالنسبة إليه، سواء لتحسين "ميزان الردع" في مواجهة إسرائيل، أو لتوسيع تواجده في الجنوب اللبناني وإحكام قبضته على الحدود. يعتمد حزب الله على مصلحة إسرائيل في احتواء الحوادث ومنع حدوث تدهور واسع النطاق، لذا، هو لا يتخوف من الاحتكاك. حتى لو كانت إقامة الخيمتين نتيجة عدم معرفة ناشطي الحزب بحدود الخط الأزرق (الحدود)، فإن استمرار وجودهم هناك وإقامة خيمة ثانية يساعد حزب الله على تحسين موقعه كـ"درع لبنان" أمام الجمهور اللبناني، وكي يُظهر أهميته بالنسبة إلى إيران والدور المركزي الذي يلعبه في إطار "محور الممانعة" ضد إسرائيل.
الخلاصة
- نحن نشهد تآكلاً للردع الإسرائيلي في مواجهة حزب الله، الذي أصبح أكثر جرأةً من الماضي، وبوضوح. استمرار عملية بناء قوة حزب الله، والتفسير بأن قواتنا لا تريد الاحتكاك بالحزب أدّيا إلى وضع خطِر من الناحية الاستراتيجية. حالة الثقة بالنفس المبالَغ فيها يمكن أن تؤدي إلى تصعيد. سواء أكان حزب الله يتصرف انطلاقاً من الضائقة، في ضوء الوضع الصعب في لبنان، أو رغبة منه في تبرير وجوده، أو لأنه يتصرف بدافع من الغطرسة والثقة المفرطة بالنفس، فإن التوجه خطِر، ويجب وقفه.
توصيات
- بالنسبة إلى إسرائيل، وفي ضوء الظروف الناشئة، من المهم جداً ألا نكون أداة في يد حزب الله. يتعين على إسرائيل العمل بكل الوسائل الممكنة لإزالة خيمتيْ حزب الله في مزارع شبعا، وذلك لسببن أساسيين: على مستوى الميدان؛ وفي ضوء ضرورة كبح مساعي حزب الله الرامية إلى توسيع تواجده بالقرب من الحدود. فالحزب يحاول خلق واقع جديد بالتدريج، من خلال التسلل إلى داخل حدود الأراضي الخاضعة للسيادة الإسرائيلية – وهو وضع لا يمكن لإسرائيل قبوله. على المستوى الاستراتيجي؛ المطلوب من إسرائيل إظهار القوة والعزيمة من أجل تحسين "توازن الردع"، الذي تآكل مؤخراً، في مواجهة حزب الله.
- حسناً فعلت إسرائيل عندما توجهت أولاً نحو القنوات الدبلوماسية في الكشف عن تحركات حزب الله التي تشكل انتهاكاً واضحاً لقرار مجلس الأمن 1701. ويجب استنفاد العملية السياسية، لكن تحديد وقت لها. كما يجب الحصول على اعتراف وتأييد دوليين لموقفها، ولمطالبها بتفكيك الخيمتين المقامتين على أراضيها؛ وترسيخ شرعية احتمال شنّ عملية إسرائيلية لإزالتهما.
- على افتراض أنه بعد الكشف عن الحادثة تبين أن فرص نجاح التحرك الدبلوماسي ضئيلة للغاية، حينها، يجب القيام بعملية عسكرية لإزالة الخيمتين، حتى لو كان الثمن التدهور إلى مواجهة محدودة على الأرض. أسلوب الإخلاء وطريقة تنفيذ العملية يجب أن يجمعا بين الخداع من جهة، ومن جهة أُخرى، بين العزيمة وبين إظهار القوة بصورة تتعدى توقعات حزب الله.