الصهيونية الدينية تجهّز القلوب للنكبة المقبلة والمحسّنة
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف
  • لنذكر بعض الأرقام، للتوضيح. ما هو عدد الإسرائيليين الذين قُتلوا في أعمال "الكراهية" - بما معناه "الإرهاب"، بحسب معطيات مؤسسة الضمان الوطني، خلال 75 عاماً وأكثر بقليل، بعد تأسيس الدولة؟ أقل من 3000. ما هو عدد الفلسطينيين الذين قُتلوا على يد قوات الأمن الإسرائيلية، بحسب "بتسيلم"، خلال الـ36 عاماً الماضية؟ تقريباً11 ألفاً. كم عدد الأطفال الفلسطينيين الذين قتلتهم إسرائيل خلال الـ23 عاماً الماضية، بحسب منظمة حماية الطفل الفلسطينية؟ أكثر من 2000. وما هو عدد الأطفال اليهود الذين قُتلوا على يد النازيين ومساعديهم في ذروة المحرقة؟ بحسب بحث نُشر في مجلة "لوس أنجلوس تايمز"، أكثر من 14 ألفاً في اليوم. ليس خلال عشرات الأعوام، وليس خلال عام كامل. أكثر من 14 ألفاً في اليوم الواحد.
  • والآن، لننتقل إلى موضوعنا - في الآونة الأخيرة، تتعالى الأصوات داخل "الصهيونية الدينية" وملحقاتها من وزراء وحاخامات وطلاب ومدرّسين قياديين، والتي تطالب دولة إسرائيل بالقيام بنكبة ثانية ضد الفلسطينيين، وحتى أصعب من سابقاتها. وهنا مختارات قصيرة:
  • مَن بدأ الفريضة هذا العام كان وزير المالية ونصف الوزير في وزارة الدفاع، بتسلئيل سموتريتش، الذي طالب قبل أربعة أشهر بمحو قرية حوارة عن وجه الأرض، وحتى أنه أوضح أن هذا لا يجب أن يتم على يد "المواطنين"، لا سمح الله، إنما على يد الدولة نفسها.
  • قبل ثلاثة أسابيع، انضم إلى مطالبة الوزير هذه الجنرال في جيش الاحتياط ورئيس المدرسة التحضيرية للخدمة العسكرية - بيتير، الحاخام موشيه هاغر - لاو، الذي أعلن أنه "آن الأوان لنخرّب لهم مدينة أو قرية كي يتعلموا أن الاستمرار في هذه الطريق لن يفيدهم (وسأضيف أنا هنا، أننا خلال النكبة السابقة، خرّبنا لهم نحو 600 قرية، ولم يتعلموا الدرس، كما تشير أنت، كيف تعتقد أن تدمير قرية أُخرى سيفيد هنا ؟ الحديث بمنطق مع متعصب كالحديث بمنطق مع بطة).
  • يوم 2 حزيران/يونيو، نشرت صحيفة "مكور ريشون"، الصحيفة النوعية والمثقفة كما يقال لدى مجموعة المستوطنين، هي ذاتها التي يحررها المخرب سابقاً، حغاي سيغال، مقالاً يعيد عنوانه إنتاج إعلان الوزير سموتريتش بشأن حوارة، وبحسبه، فإن "الانتقام هو شعور طبيعي - لكنه محفوظ للدولة".
  • "عندما يُظلم أحدهم، تنمو بداخله مشاعر طبيعية وصحية بالانتقام،" بحسب افتتاحية المقال التي كتبها المحامي دورون نير - تسفي، المختص بقضايا "تخليص الأرض" في الضفة الغربية. ولذلك، هو يعلم بما يكتب كما يبدو، مضيفاً أنه ورد في التوراة أن الانتقام لقتل اليهود بيد الأغيار "يحصل على الثناء"، ليكن معلوماً لديكم.
  • وبعدها، يعود الكاتب من التوراة إلى أيامنا هذه، ويقرّ بأن "أعمال القصاص" التي قامت بها دولة إسرائيل خلال 50 عاماً "كانت عمليات انتقامية بكل ما تعنيه الكلمة من معنى،" ثم يذكر بعضها، كعملية قبية، حيث قامت قوات الجيش بـ"تفجير 45 منزلاً وقتلت نحو 60 من أبناء القرية." لكن صياغة نير - تسفي مغلوط  فيها بعض الشيء، والصحيح أن قوات الجيش، بقيادة أريك شارون، فجّرت في قرية قبية الـ45 منزلاً على سكانها، وهكذا قُتل سكان القرية - كبار في السن، ونساء وأطفال.  ومعنى ذلك أن هذه كانت فعلاً عملية انتقام لم توجَّه ضد "مخربين"، إنما ضد مدنيين أبرياء، جريمة حرب مكتملة.
  • يعود نير - تسفي في مقاله ويلخص أن "الانتقام شعور طبيعي وصحي"، مضيفاً أن "هذا الشعور الطبيعي لن يُقمع عبر الاعتقالات الإدارية" (ومنعاً للبلبلة. لا يقصد هنا الاعتقالات الإدارية بحق أكثر من 1000 فلسطيني، نهضوا للانتقام لكارثة النكبة التي قام بها اليهود، فالانتقام كشعور طبيعي وصحي هو حصري لليهود، وممنوع على العرب)، ويطالب بعد ذلك "دولة إسرائيل باتخاذ خطوات رد مؤسساتية." فما هي هذه الخطوات؟ لقد سبق له أن شرحها لنا.
  • ولكن هذا يبقى قليلاً بالمقارنة مع ما يطرحه هاغار - لاو، "مخرّب المدن" المعروف، في مقالة نشرها في صحيفة "يسرائيل هيوم"، في 2 تموز/يوليو تحت عنوان "امنحوا القيادة للجيش"، إذ يقرّ، كنير- تسفي، بأن عملية الانتقام يجب أن تكون ملقاة على عاتق الجيش.
  • إلاّ إن هاغار - لاو يضيف قشة صغيرة إلى النار: "أحياناً، هناك حاجة إلى عملية عقاب جماعي، كتلك التي نفّذها شمعون وليفي في نابلس." وبذلك، يوجهنا من دون تفصيل، إلى قصة في سفر التكوين، وإلى العملية التي يجب على الجيش، جيش الشعب، القيام بها"، ليختتم بالمطالبة بأنه "يجب على متّخذي القرار العمل على تقوية الجيش والسماح له بالعمل بالروح المكتوبة هنا ..."
  • بعد هذا بيوم واحد، كتب البروفيسور آشر كوهين، من جامعة بار إيلان، ما يعزز أقوال الحاخام عندما أنهى مقاله بمقولة "حرب استقلال 2" - أو إن أردتم "نكبة 2"، مشيراً إلى أنه "سيكون من الجيد للمجتمع العدائي أن يتذكر كيف انتهت حرب الاستقلال، بالنسبة إليه."
  • حتى اللحظة، بعد أن تبين أن منفّذ عملية الدهس في تل أبيب جاء من قرية السموع، خرج بعض المستوطنين بمطالبة بعملية "السموع 2"، والقصد هو القيام بعملية ردّ كتلك التي حدثت في القرية الفلسطينية السموع في سنة 1966، حينها، كانت تحت سيطرة الأردن، حيث قتل الجيش 14 جندياً أردنياً وهدم 125 منزلاً في القرية، بالإضافة إلى المدرسة الثانوية والعيادة. لا أذكر أن أحداً طالب بهدم 125 منزلاً في "كريات أربع"، بعد أن قام المخرب باروخ غولدشتاين بقتل 29 مصلياً فلسطينياً في الحرم الإبراهيمي، ولم تُهدم طوبة واحدة من منزل المخرب غولدشتاين، المحبوب السابق للوزير إيتمار بن غفير.
  • هذا ما يقصدونه، وهذا ما ينوون القيام به. أيها الأخوة، هل ما زلتم تريدون القيام بالخدمة العسكرية؟