حكومة حرب
تاريخ المقال
المواضيع
المصدر
- فُرضت علينا الحرب. الأعداء الفوريون هم "البرابرة"، برئاسة "حماس"، إلّا إن هناك إشارات واضحة إلى أن إيران تقف خلف هذا الهجوم، بهدف وقف التقدم الأميركي والإسرائيلي في اتجاه بناء حلف استراتيجي مع السعودية، وكي تتحرر من ضربات إسرائيل ضدها في سورية. على إسرائيل اقتلاع سلطة "حماس" من غزة. لكن، ولأن إيران هي مَن يمسك بالحبال من وراء الكواليس، يجب علينا الافتراض أن الاجتياح البري الإسرائيلي لغزة، سيردّ عليه الجيش الإيراني الثاني، حزب الله، بهجوم صاروخي.
- هذا يعني نشوب حرب وجودية للمرة الأولى منذ سنة 1973. ويمكن أن تكون هذه الحرب غير متعادلة، كما اعتقدنا لوقت طويل - بما معناه أنها لن تكون حرباً بين "تنظيم إرهابي" والجيش "الأقوى"، وكل هذه الشعارات؛ إنما يجب أن تكون حرباً وجودية بيننا وبين الجيشين اللذين يتقدمان القوة الإقليمية المنافِسة، إيران، التي تبدو بصماتها منذ الآن واضحة، ليس فقط في التخطيط للهجمة علينا، بل أيضاً في تفعيل المسيّرات والسايبر.
- وضعُنا صعب. الجيش صغير جداً، وهناك تخوف من أن يكون غير مدرّب على مهماته في هذه المعركة الواسعة. هذا بالإضافة إلى أنه لم يتخلص من الرؤية الاستراتيجية التي دفعت به إلى فشل سنة 2006، وإلى الجولات العديمة الجدوى منذ سنة 2007. المسؤولية برمتها تقع، بالتساوي، على كافة القيادات السياسية وقيادات الجيش في العشرين عاماً الماضية.
- هل يستطيع الجيش احتلال قطاع غزة؟ هل نستطيع تحمُّل النتائج الصعبة التي ستنجم عن امتناع الجيش من احتلال غزة؟ وهل نستطيع تحمُّل موجات العنف التي من الصعب تخيُّل حجمها، ويمكن أن تندلع بسبب هذا الامتناع؟ وهل الجيش جاهز للانتصار في هذه المعركة الواسعة التي تبادر إليها إيران كردّ في الشمال والجنوب والشرق، وداخل البلد، أو أيضاً في مواجهة مباشرة معها؟ هذه الأسئلة لا يستطيع الجمهور حسمها. في هذه الأسئلة، نحن نعتمد كلياً على نوعية قيادتنا السياسية والعسكرية.
- مجتمع يريد الحياة، سيتماسك في هذه الظروف. الآن، لا نملك القدرة على تبديل قيادتنا السياسية، لا في الائتلاف، ولا في المعارضة الحالية، ولا نستطيع أيضاً استبدال قيادتنا العسكرية العليا. مهمة القيادات المختارة والضباط الذين فشلوا هي إنقاذنا من الإذلال، وتقع عليهم مسؤولية اتخاذ القرار بشأن كيفية إنقاذنا.
- معارك كهذه، تحتاج إلى حكومات واسعة، كتلك التي قادتنا في حرب "1948"، وفي حرب "الأيام الستة". في سنة 1973، عندما لم يكن هناك حكومة واسعة، دخل "الليكود"، الذي كان في المعارضة، تحت حمالة الإسعاف القيادية...
- على قيادات المعارضة المخلصة الدخول مباشرةً إلى الحكومة من دون شروط: طبعاً، من دون مطالب بتقليل تمثيل الأحزاب الأُخرى. نحن بحاجة إلى حكومة واسعة أكثر، وليس إلى حكومة ضيقة أُخرى، حكومة تشارك فيها كل فئات المجتمع الإسرائيلي وتكون ممثِّلة لها.
- هذا الوقت ليس ملائماً للمفاوضات الائتلافية بشأن المناصب. أسلوب دخول بيغن وزملائه كوزراء من دون حقائب في سنة 1967 هو الصواب. من الواضح أن الحسم الاستراتيجي سيكون مشتركاً بين كل زعماء المعارضة والائتلاف الذين يدخلون إلى الحكومة.
- من الواضح والضروري الحفاظ على مكانة القيادات السياسية، ممثلي الجمهور، في واقع استراتيجي يجب الخروج منه. هناك أخبار تشير إلى أن قيادات "المعسكر الرسمي"ـ بني غانتس وغادي أيزنكوت يطالبان بأن يكون ضباط الجيش، الذين عيّناهم في مناصبهم قبل وقت ليس بالطويل، هم الذين يقومون بصوغ الاستراتيجيا.
- هذا المطلب معناه تغيير كبير وضار في البنية الديمقراطية لنظام الحكم في الدولة. لنتذكر: القيادة السياسية الفاشلة نستطيع استبدالها في الوقت الملائم، أما مسارات تعيين واختيار بديل من القيادة العليا للجيش، الفاشلة، لا يسيطر عليها الجمهور، بل القيادات التي ينتخبها. "الحكم الذاتي" لقيادات الجيش وصفة كارثية. مَن يؤجل تأليف الحكومة الواسعة بمطالب غريبة كهذه، سيتحمل مسؤولية ثقيلة جداً.
الكلمات المفتاحية