وماذا الآن؟ أهداف الحرب والطريق إلى تحقيقها
تاريخ المقال
المواضيع
- صباح يوم السبت (7 تشرين الأول/أكتوبر 2023)، وجدت إسرائيل نفسها تحت هجوم مفاجئ من "حماس". الحركة نجحت في التخطيط لهجوم منسّق والتدرُّب عليه من دون أيّ إنذار فعّال لقوات الجيش وسكان "غلاف غزة". ولذلك، وجدت قوات الجيش نفسها في حالة ضعف، في مقابل استمرار تدفُّق قوات "حماس". وعلى الرغم من أننا لا نزال من دون تحقيقات في مسارات بناء الجاهزية وقدرات التمويه والحفاظ على السرية في الحركة، وأيضاً معرفة دقيقة لتسلسُل الأحداث، فإن ما يمكن تعلُّمه حتى الآن، أن "حماس" بنَت قدرات عملياتية هجومية بدرجة عالية جداً. هذه القدرات هي التي سمحت لها بالعمل بشكل منسّق في عدة مواقع، وتفعيل قدرات نارية في العمق، وخلال القتال، بطريقة تسمح لقواتها باختراق الجدار العازل من دون إزعاج حقيقي، وبالتسلل إلى البلدات والمعسكرات التابعة للجيش، وتنفيذ عملية قتل وأسر جنود، بالإضافة إلى مواطنين، ونقل معدات قتالية إلى داخل القطاع.
- الآن، الوقت ليس ملائماً لانتقاد قوات الأمن. سيكون لدينا ما يكفي من الوقت لتحليل أسباب الانهيار المطلق للمنظومة الأمنية على الصعيدين الاستخباراتي والعملياتي. كل ما يمكننا القيام به الآن هو التركيز على الدعم الجماهيري لمن يقاتل من أجل إعادة الوضع داخل إسرائيل إلى ما كان عليه سابقاً، ومن أجل شنّ هجوم على أعداء الدولة.
- حتى كتابة هذه السطور، القتال محصور في الجبهة الجنوبية. أحد السيناريوهات الخطِرة التي يمكن أن يواجهها الجيش، هو التعامل مع معركة متعددة الأبعاد، يتم فيها دمج جميع الجبهات؛ بالإضافة إلى جبهة غزة: جبهة لبنان عبر حزب الله وتنظيمات فلسطينية أُخرى؛ تفعيل "الميليشيات" الشيعية في هضبة الجولان؛ عمليات "إرهابية" في الضفة؛ انضمام العرب في إسرائيل إلى القتال، عبر إغلاق المحاور والطرقات واختراق قواعد الجيش والقيام بعمليات قتل في المجتمع اليهودي و"البلدات المختلطة" وغير المختلطة. كل هذا يمكن أن يكون بتوجيهات وتفعيل من إيران.
- في مقابل هذه السيناريوهات، يجب العمل فوراً على بُعدين: الأول، هو التعريف الواضح لأهداف الحرب بطريقة تسمح للجيش بتركيز الجهود وتفعيل القوة بشكل يدفع أكثر مما يمكن إلى عزل منطقة العمليات، أو على الأقل، تأجيل هجوم متعدد الجبهات على إسرائيل؛ أما الثاني، فيتطرق إلى الحاجة إلى إجراء إصلاح عاجل على مستوى قيادة سلاح البرّ في الجيش بطريقة تسمح له بتحقيق الأهداف الاستراتيجية التي وضعها المستوى السياسي بأفضل ما يمكن.
- عزل منطقة العمليات يمكن أن يساعد بواسطة إبراز القوة الجاهزة لكل سيناريو في الجبهة الشمالية. تجنيد القوات انتهى، لكن يجب التأكد من أن العدو يستوعب جاهزية قوات الجيش للقيام بهجوم فوري على لبنان، في حال قرروا هناك تحدّي إسرائيل. العمل الدبلوماسي أيضاً يمكن أن يساعد للتأكد من أن قيادة حزب الله ولبنان يعرفان جيداً الإسقاطات الهدامة على لبنان في حال فُتحت الحرب في هذه الجبهة.
- إلى جانب هذا كله، علينا أن نرفع جاهزيتنا للأحداث داخل حدود الدولة. لذلك، يجب فوراً تجنيد جنود احتياط لدى الجيش وعدم الاكتفاء بقوات الشرطة والحرس المدني. حجم هذه القوات لن يستطيع التعامل مع سيناريوهات يمكن أن تكون شبيهة بما حدث خلال عملية "حارس الأسوار". جنود الاحتياط الذين سيجري تجنيدهم، سيتم إرسالهم إلى تدريبات قصيرة في الأماكن المخصصة لذلك، بعد تزويدهم بصلاحيات استخدام القوة داخل دولة إسرائيل. يجب القيام بهذه العملية بسرعة وفوراً منذ الآن، في إطار الجهود للقتال الحالي. الآن، لن نستطيع انتظار عمليات بناء القوة واستكمالها، لأن ذلك سيحتاج إلى أعوام كثيرة.
- يجب أن تكون أهداف القتال واضحة للجيش، إذ إن الهدف الأعلى هو اغتيال قيادات "حماس" السياسية والعسكرية كلها، إلى جانب هدم البنى العسكرية للحركة وبقية الفصائل الفلسطينية في قطاع غزة بشكل يمنعها من إعادة ترميم قدراتها العسكرية لسنوات طويلة. لتحقيق هذا الهدف الأعلى، على الجيش التحرر من قيود الماضي والقيود التي فرضها على نفسه، بالأساس إزاء كل ما يخص سياسة تفعيل القوة. يجب الالتزام بتوجيهات القانون الدولي وعدم خلق معايير جديدة مستحيلة. كل هدف يستخدمه العدو هو هدف عسكري شرعي يجب أن تتم إبادته. لتحقيق هدف كهذا، يمكن أن يكون المطلوب احتلال غزة، أو أجزاء منها، وهدم كافة البنى القتالية عبر قتال مباشر. هذه المهمة يمكن أن تستغرق شهوراً طويلة، وحتى سنوات، لكن واجبنا سيكون تنفيذها إذا كنا نريد الحياة.
- الضرر الذي سيلحق بـ"حماس" في قطاع غزة سينعكس مباشرةً على الساحتين الإضافيتين. ستتضرر "حماس" في الضفة، لأن قدراتها هناك تعتمد على القدرات العسكرية في غزة؛ وثانياً، الضرر الذي سيلحق بـ"حماس" سيُضعف سيطرة إيران في الضفة وغزة، وداخل حدود إسرائيل.
- أمّا البعد الثاني، فيرتبط بوضع الطوارئ الذي تعيشه إسرائيل. على الجيش أن يجنّد أفضل ضباط سلاح البر للمعركة فوراً. الحاجة إلى تجنيد كافة الموارد القيادية لهذا السلاح هي مطلب الساعة. ضباط سلاح البر في الجيش أُهمِلوا على مدار سنوات طويلة؛ الآن، الوقت ليس ملائماً لفحص الأسباب، ولكن، من أجل تحقيق أهداف القتال، سيكون من الضروري وضع أكفأ القيادات على رأس القوات. حتى لو كانوا في أعمار متقدمة. القيادات الحالية تستطيع الانضمام والتعلم منهم، فمن أجل دولة إسرائيل يجب وضع أكثر الضباط كفاءة على رأس القوات العسكرية. هذا المطلب ليس هامشياً - يمكن التفكير في الكثير من القيادات التي تملك الحوافز وستلتزم فوراً بالحرب.
- دولة وشعب إسرائيل شهدا الكثير من الأزمات، واستطاعا مواجهتها. نستطيع أيضاً التعامل مع التحدي الحالي والخروج منه منتصرين. الثمن أثقل من أن يُحتمل، لكن أيضاً هناك فرصة تاريخية لإعادة صوغ الساحة الفلسطينية، وحتى الإقليمية. ممنوع العودة إلى أخطاء الماضي نفسها والاكتفاء بضربة سريعة محدودة للتنظيمات "الإرهابية"، والذهاب إلى وقف إطلاق النار. على إسرائيل الاستمرار في القتال حتى تفكيك القدرات العسكرية لـ"حماس" كلياً، واغتيال قياداتها وقيادات التنظيمات الأُخرى في غزة. الضغوط الدولية لوقف إطلاق النار ستأتي، عاجلاً أم آجلاً. لا يجب علينا التردد أمام هذه الضغوط المسماة "المجتمع الدولي"، بل الوقوف ضدها جميعها واستكمال المهمة.
الكلمات المفتاحية