غزة: إما نحن وإما "حماس"
المصدر
يسرائيل هيوم

صحيفة يومية توزَّع مجاناً وتصدر باللغتين العبرية والإنكليزية. صدرت للمرة الأولى في سنة 2007، مالكها شيلدون أدلسون، وهو من الأصدقاء المقرّبين من بنيامين نتنياهو، وتنتهج خطاً مؤيداً له. ونظراً إلى توزيعها المجاني، فقد تحولت إلى الصحيفة الأكثر توزيعاً في إسرائيل.

المؤلف
  • في الأسابيع الأخيرة، يختلف وزراء الحكومة فيما بينهم بشأن مسألة البحث في مستقبل قطاع غزة، وفي "اليوم التالي للحرب"، أو تأجيل النقاش إلى أن ينجز الجيش الإسرائيلي المهمة الملقاة على عاتقه، ويهزم "حماس" ويدمّر قدراتها العسكرية ويطيح حُكمها في غزة.
  • هذا النقاش لا يمكنه الانتظار لأنه لا يتعلق بمسألة نظرية يمكن معالجتها مستقبلاً. هذا على افتراض أن إسرائيل لن تتراجع أولاً، وتواصل قتالها ضد "حماس" حتى إخضاعها. "اليوم التالي للحرب" وصل، وبات هنا، على الأقل في شمال القطاع، وقبل كل شيء، في مدينة غزة.
  • قبل أسبوعين، قال الناطق بلسان الجيش الإسرائيلي "أنجزنا تفكيك الإطار العسكري لـ"حماس" في شمال القطاع، وأن الجيش سيطر، عملانياً، على كامل هذه المنطقة تقريباً. هذا الإنجاز كان في أساس قرار الانتقال إلى المرحلة الثالثة من الحرب، والتي أعلنها وزير الدفاع يوآف غالانت. في إطار هذه المرحلة، من المتوقع أن يقلص الجيش حجم وقوة عمليات قواته في شمال القطاع، ولاحقاً، ربما في وسط القطاع، وفي منطقة خانيونس، بعد هزيمة "حماس" هناك. حينئذ، سينتقل الجيش من مرحلة "المناورة الكثيفة" التي تتطلب عمليات مكثفة من القوات إلى "عمليات خاصة" تتركز بصورة أساسية على عمليات توغُّل ودوريات تقوم بها قوات صغيرة من الجيش، من دون الاستمرار في الاحتفاظ بصورة دائمة بأغلبية مناطق القطاع. ويظهر من تقارير المراسلين في شمال القطاع أن الجيش انسحب من معظم المناطق التي احتلها داخل مدينة غزة، ومن مخيمات اللاجئين حولها، وأن قواته تنتشر على محور الشاطىء، غربي غزة، وفي "ممر نتسريم" الذي يفصل بين شمال القطاع وجنوبه.
  • ومعنى ذلك أن مدينة غزة وضواحيها، التي لا يزال فيها نحو 200 ألف نسمة يعيشون في نوع من فراغ حكومي تملؤه في هذه الأثناء المنظمات الدولية وهيئات الإغاثة التابعة للأمم المتحدة، وعلى رأسها الأونروا، بضغط من الولايات المتحدة التي طالبت بالسماح للغزّيين، الذين فروا من شمال القطاع، بالعودة إلى منازلهم، وسماح إسرائيل لوفد من الأمم المتحدة بالقيام بجولة في المنطقة والإطلاع على الواقع، وعلى الحاجات، والإعداد لخطة تتعلق بعودة الغزّيين إلى منازلهم.
  • لكن في الحقيقة، لا وجود للفراغ، واذا لم يقم طرف ما بملء الفراغ في شمال غزة، فإن "حماس" ستعود إلى السيطرة على المنطقة، من خلال إدارة حياة السكان، وبعدها، ستقوم بإعادة إعمار بناها التحتية "الإرهابية"، ولو بصورة جزئية ومحدودة. يخطىء مَن يعتقد أن الأمم المتحدة وسائر المنظمات الدولية ستمنع مثل هذه "العودة"، ولا سيما أن جزءاً من هذه المنظمات، وعلى رأسه الأونروا، يُعتبر شريكاً لـ"حماس" ويقدم لها، ولو بصورة غير علنية ومقصودة، المساعدة والغطاء، مثل توزيع المهمات والحرص على تلبية حاجات السكان الذين تسيطر عليهم "حماس" وتعمل وسطهم. مثل هذا التوزيع للعمل موجود أيضاً في الجنوب اللبناني، حيث تحولت قوات اليونيفيل إلى شريكة لحزب الله، وتقدم له الغطاء والشرعية.
  • أسباب معروفة وخاطئة دفعت إسرائيل إلى الامتناع من السيطرة مباشرةً على شمال القطاع، ومن تحمُّل المسؤولية عن حياة السكان هناك. هذه النظرية هي في أساس السياسة التي تعتمد على الافتراض أن هذا الأمر له تكلفة مادية باهظة، وسيؤدي إلى الاحتكاك بالسكان المحليين، وإلى استمرار "الإرهاب" الذي سيكبّد الجيش أثماناً، وفي النهاية، سيثير انتقادات دولية ضد إسرائيل.
  • لكن هذه هي النظرية عينها التي أدت إلى كارثة 7 تشرين الأول/أكتوبر، التي تُعد تكلفتها الاقتصادية وثمنها من حياة الناس أكبر بعشرات المرات من بديل سيطرة مباشرة على القطاع.
  • ما يجب على إسرائيل أن تفعله هو السيطرة بصورة مباشرة على الأجزاء التي احتلتها من القطاع في المدى المنظور، وحتى إيجاد الجهة التي يمكن أن تنتقل إليها المسؤولية عن القطاع. ويجب أن نطرد من هذه المناطق المتعاونين مع "حماس"، وفي مقدمتهم وكالة الأونروا، وتشكيل حُكم عسكري فقط، للحؤول دون نشوء فراغ حكومي، معناه عودة "حماس". المعضلة: إما أن نسيطر نحن على المنطقة، وإما أن تسيطر "حماس".
  • ما يجب على إسرائيل فعله هو السيطرة بصورة مباشرة على الأجزاء التي احتلتها من القطاع.