وحل عميق: إذا كانت عربة الجيش في تصاعُد - فنحن نسير في خط مستقيم الآن
المصدر
معاريف

تأسست في سنة 1948، وخلال العشرين عاماً الأولى من صدورها كانت الأكثر توزيعاً في إسرائيل. مرّت الصحيفة بأزمة مالية خانقة بدءاً من سنة 2011، واضطرت إلى إغلاق العديد من أقسامها، إلى أن تم شراؤها من جديد في سنة 2014.  تنتهج خطاً قريباً من الوسط الإسرائيلي، وتقف موقفاً نقدياً من اليمين.

  • مع بدء الشهر السادس للحرب، يبدو أن إسرائيل عالقة، ومترددة أيضاً في الجنوب والشمال. فهي تبدو كمقامر مصمم على وضع جميع أمواله على رقم واحد في لعبة الروليتا، الجيش يستثمر كل موارده في اللحاق غير المجدي، حتى اليوم، وراء السنوار. إلا إن الأموال تنفذ- على صعيد الأسلحة، وأيضاً القوات، وبصورة خاصة الشرعية الدولية.
  • ما بدأ على أنه مناورة سريعة وحاسمة أدت إلى إنجازات عسكرية لافتة، تحول في الأسابيع الأخيرة إلى غرق بطيء في شبكة الأنفاق التي لا تنتهي في خان يونس. مع بدء الحرب، نجح الجيش خلال أقل من شهرين في إخضاع كتيبتين قويتين تابعتين لـ"حماس" في شمال القطاع واحتلال مدينة غزة، التي تبلغ مساحتها 4 أضعاف خان يونس. منذ ذلك الوقت، منذ  3 أشهر ونصف الشهر تقريباً، يعمل اللواء 98 في خان يونس، حيث تم تخصيص القوة المركزية العسكرية لها. لواء خان يونس التابع لـ"حماس" تم إخضاعه، والجيش يسيطر على أغلبية المناطق هناك، فوق الأرض، لكن اللواء يعمل في الأساس بهدف الوصول إلى السنوار.
  • يمكن أن ينجح، وقد لا ينجح، لكن حالياً، وبمرور كل يوم، يتم استنفاد القوات التي لم تخرج إلى استراحة تقريباً، والأصعب من ذلك- أن الحبل الطويل الذي منحته الولايات المتحدة لإسرائيل لإبادة "حماس"، يصبح أقصر. إذا فشل الرهان، فيمكن أن تجد إسرائيل نفسها من دون إنجاز اغتيال قيادة "حماس"، أو القوة المقاتلة الخاصة بها.

السباق نحو صورة النهاية

  • منذ البداية، خرجت إسرائيل إلى الحرب ضد "حماس" بعقلية "السور الواقي": الوصول إلى سيطرة عملياتية في الميدان، وبعدها، سيكون هناك سنوات من الاقتحامات التي تهدف إلى تفكيك البنى "الإرهابية" التي نمت، حتى يتم قمعها كلياً. لقد نجح هذا في شمال القطاع بشكل ممتاز، لكن يبدو أن قيادتنا أحبت فكرة الوصول إلى صورة نصر على شكل رأس السنوار. الهدف يستحق، لكنه لا يبرر الأدوات. إذا تم اغتيال السنوار، فسيكون له بديل، لكن إذا أنهينا الحرب، ولا يزال هناك قوات كاملة تابعة لـ"حماس" في رفح وكتيبتين في مركز القطاع- فهذا يعني أننا خسرنا المعركة.
  • يمكن تفهُّم اندفاع القيادة الأمنية للوصول إلى قيادة "حماس". يمكن أن تكون صورة نهاية جيدة للقيادات التي جرى إخفاق 7 تشرين الأول/ أكتوبر خلال ولايتها، ويُسمح لهؤلاء بالانسحاب بشرف. إلا إن هذا اللحاق بدأ يضرّ بقدرات إسرائيل على الوصول إلى الهدف الأعلى للحرب: تفكيك القوتين العسكرية والحكومية لـ"حماس".
  • لقد وصلنا إلى لحظة يجب علينا فيها الحسم فيما إذا كان يتوجب علينا الآن ترك عملية المطاردة وراء صورة النصر واستكمال السيطرة على مخيمات المركز ورفح بسرعة، قبل أن ينفذ صبر الولايات المتحدة. حالياً، الصورة التي تسيطر في العالم هي صورة الجوع المنتشر في القطاع في مقابل تردُّد إسرائيل على الصعيدين العسكري والسياسي، من دون السعي لترتيب مستقبل القطاع.
  • تفكيك بقايا كتائب "حماس" سيزيد في الضغط على القيادة من أجل استغلال بطاقتها الأخيرة والعودة إلى المفاوضات بشكل جدي لإعادة الرهائن. وهذا ما سيسمح أيضاً بتحويل مزيد من القوات إلى الجبهة الشمالية، حيث علقنا أيضاً في حرب استنزاف متعادلة، سيكون من الصعب الخروج منها من دون مبادرة.

تأجيل النهاية

  • يبدو في أوساط القيادة الأمنية الإسرائيلية أن وزير الدفاع يوآف غالانت وحده الذي يستمر في النظر إلى أهداف الحرب، وهو مصمم على تحقيقها. حتى الآن، لم ينجح في إخراج الجيش من الغرق في رمال خان يونس. يبدو أن المسؤولين الكبار في الجيش والشاباك كمن يحاول تأجيل النهاية المحتومة لمسيرته المهنية، ومثلهم أيضاً رئيس الحكومة الذي سيسعده تولّي المنصب إلى الأبد، عبر مطاردة "النصر المطلق".
  • بهذه الطريقة أيضاً، جمّد الجيش والشاباك الانشغال الضروري بالبحث في الإخفاقات في 7 تشرين الأول/ أكتوبر، والآن فقط، وبتأخير غير معقول، سيبدأون بالتحقيقات الداخلية في الفشل. على مدار 5 أشهر، أجّلت هيئة الأركان هذه اللحظة، ولو لم يبادر مراقب الدولة إلى البدء بالتحقيقات- لكانت تأجلت أكثر. الهدف الأساسي من التحقيقات هو التعلم، لكنها أيضاً ستشير إلى المسؤولين شخصياً، وترسم لهم الطريق خارجاً.
  • كان يجب أن تبدأ التحقيقات قبل وقت، عندما كانت ذاكرة الأشخاص لا تزال طازجة والروايات كاملة. منذ الآن، انشغال أصحاب المناصب بتحمّل المسؤولية سيصبح حملاً على الجيش، يجب التحضير لاستمرار القتال والتحضّر لمعركة في الشمال.
  • يمكن فهم رغبة قيادات الجيش والشاباك في الوصول إلى صورة نصر على شكل رأس السنوار، من شأنها التقليل من الشعور بالإخفاق الذي جرى، وتسمح لهم بالانسحاب مع الشعور بالإنجاز. وفي الخلفية، يبدو أن لديهم تخوفاً من ألّا تدفع استقالاتهم الجماعية بالمستوى السياسي إلى تحمُّل المسؤولية، رئيس الحكومة نتنياهو "لم يعلم"، وهو الذي سيعيّن بعدهم البدلاء الذين سينشغلون بنزع المسؤولية عنه.
  • هذا التخوف حقيقي، لكنه لا يمكن أن يكون الحساب الذي يوجه المستوى المهني. حتى الآن، عربة الجيش كانت في تصاعُد خلال القتال في الجنوب والشمال، الآن، يبدو أننا في خط مستقيم، وفي هذه المرحلة، يمكن البدء بالتفكير في تغيير الأحصنة.