رغبة نتنياهو اليائسة في التمسك بالكرسي تطرح السؤال: ماذا سيحدث في "اليوم التالي للحرب"؟
المصدر
معاريف

تأسست في سنة 1948، وخلال العشرين عاماً الأولى من صدورها كانت الأكثر توزيعاً في إسرائيل. مرّت الصحيفة بأزمة مالية خانقة بدءاً من سنة 2011، واضطرت إلى إغلاق العديد من أقسامها، إلى أن تم شراؤها من جديد في سنة 2014.  تنتهج خطاً قريباً من الوسط الإسرائيلي، وتقف موقفاً نقدياً من اليمين.

  • أحداث الأسبوع الماضي في الشمال كانت تذكيراً لنا جميعاً بأن التحدي الأمني الأكثر جديةً من "حماس" لا يزال أمامنا. مرّ نصف عام على بدء الحرب، والإنجازات اللافتة التي كانت في بدايتها تُستنزف. القيادتان السياسية والعسكرية ما زالتا تعملان كأن لديهما كل الوقت الموجود في العالم. وفي الحقيقة، الأمور ليست كذلك. يجب البدء بالنظر شمالاً. خلال هذا الأسبوع، انشغل رئيس الحكومة بالبحث عن صيغة قانون تضمن استمرار تهرُّب عشرات الآلاف من الحريديم من الخدمة العسكرية. وفي الوقت القليل المتبقي له، انشغل وشغلنا جميعاً بأزمة غير ضرورية مع الحليف الأخير الذي تبقى لنا.
  • الخلاص في الشمال لن يأتي من نتنياهو. ففي نظره، سكان الشمال يستطيعون البقاء في سكن موقت، حتى يحين وقت دخولهم إلى الملاجئ. الأمر الأساسي هو استمرار الحرب في غزة إلى الأبد. لقد فهم قبل الجميع أن العالم لن يسمح له باحتلال رفح، ولذلك، حوّلها إلى الكأس التي لن يتحقق "انتصار مطلق" من دونها. الأزمة المفتعلة التي خلقها هذا الأسبوع مع الولايات المتحدة بسبب القرار في الأمم المتحدة كانت الأسوأ، وكشفت أن نتنياهو هو آخر المعنيين فعلاً باحتلال رفح. إنه لا يريد إلا اللحاق بـ"الانتصار المطلق" الذي لن يأتي قط. لقد أرادت إسرائيل، بحق، قراراً يربط بين وقف إطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن، إلا إن توقُّع استخدام الولايات المتحدة "الفيتو" ضد قرار ينادي بالأمرين معاً، هو غير واقعي.
  • قائد يريد الحسم فعلاً في مقابل "حماس"، كان يمكنه استغلال قرار مجلس الأمن: تبنّيه وإعلان وقف إطلاق نار لمدة أسبوعين، حتى نهاية رمضان، كفسحة من الوقت لإعادة الرهائن. وفي الوقت نفسه، كان ليعلن أنه في حال لم يطبَّق قرار الأمم المتحدة، ولم تتم استعادة الرهائن حتى نهاية رمضان - فستكون لإسرائيل حرية الاستمرار في العملية العسكرية كما تريد. إلا إن نتنياهو غير واعٍ تماماً. رغبته اليائسة في التمسك بالكرسي تشوّش رؤيته. إنه يلغي خروج الوفد إلى واشنطن، ويتراجع، وفي الوقت نفسه، ينكر أنه تراجع، ثم يرسله مرة أُخرى. إنه يدير الحرب، لكن ليست الحرب التي تجري في غزة.

تحويل قوات إلى الشمال

  • منذ بدء المعركة، نتنياهو هو ليس الشخص الذي يديرها. الجيش يطرح أمامه خططاً، وهو يصادق عليها، كما كان يحدث على مدار 17 عاماً من توليه منصب رئيس الحكومة. الآن، المشكلة أن هيئة الأركان التابعة للجيش تبدو كمن فقدت العلاقة بصورة الحرب المتعددة الجبهات التي نوجد فيها.
  • منذ 4 أشهر، الجيش غارق في أنفاق خان يونس، ويلاحق قيادات "حماس". مدينة غزة وشمال القطاع هما تحدٍّ مضاعف، وتم احتلالهما خلال نصف هذا الوقت. يومياً، ينشر المتحدث باسم الجيش فيديو جديداً لاشتباك مع "مخربين"، لكن في الحقيقة، الجيش لا يتقدم في جنوب القطاع، تقريباً. إنه ينتظر الأوامر لاحتلال مخيمات المركز ورفح، لكن هذه الأوامر لن تصل. وبعد 6 أشهر على اندلاع الحرب، يجب على الجيش طرح خطة واقعية تتعلق بكيفية إنهائها.
  • كنت أعتقد ولا أزال أن إخضاع الكتائب الست التابعة لـ"حماس" في رفح ومخيمات المركز ضرورية لتحقيق هدف إبادة القوة العسكرية للحركة. إلا إن جمودنا غير الضروري في خان يونس غيّر الأسباب. وكما يبدو الآن، لن يكون لدى إسرائيل شرعية لاحتلال رفح. في الظروف الحالية غير المثالية هذه، إن هدف الجيش هو تحضير خطة تؤدي إلى تحقيق الأهداف التي لا يزال من الممكن تحقيقها: احتلال مخيمات المركز والوصول إلى سيطرة عملياتية على 90% من أرض القطاع. وسيتم الدفع بالمجتمع في غزة إلى رفح ومنطقة المواصي، والجيش سيفتح ثلاثة ممرات تقسّم القطاع: الممر الموجود الآن في وادي غزة، وممر كيسوفيم، شمالي خان يونس، وممر آخر في جنوبي المدينة.
  • رفح ستبقى المنطقة الأخيرة التابعة لـ"حماس"، وسيكون فوق رؤوس قيادات "حماس" نحو مليون ونصف نازح. المجتمع الدولي سيقوم بتزويدهم بالغذاء كما يريد، ويطرح بدائل من حُكم "حماس" في رفح، لكن النازحين لن يعودوا إلى منازلهم حتى عودة الرهائن. وفي هذا الوقت، يستطيع الجيش العمل بحرية في كل المناطق المتبقية من القطاع بعملية ناجحة، كما جرى في مستشفى الشفاء. هذا يجب أن يستند إلى قوات اقتحام، وليس إلى قوات تبقى على أرض القطاع، ويسمح لنا بتحويل قوات إضافية إلى الحدود الشمالية.
  • إذا لم نصل في هذه المرحلة إلى صفقة تبادل في غزة، فمعنى ذلك أننا ذاهبون إلى معركة في الشمال. وستحتاج هذه المعركة إلى أفضل القوات لدى الجيش، وأيضاً إلى هيئة أركان تحترم صلاحياتها على يد الضباط الميدانيين، ولا علاقة لها بالإخفاق الذي حدث يوم 7 تشرين الأول/ أكتوبر. تبادُل إطلاق النار الذي نديره مع حزب الله منذ نصف عام تقريباً أدى إلى إنجازات تكتيكية، لكن الإنجاز الاستراتيجي محفوظ لحزب الله: إبعاد سكان الشمال عن منازلهم. الجيش يُلحق الضرر بالمواقع والناشطين، وقتل 350 منهم تقريباً، لكن في نظر حزب الله، هذا الثمن يُحتمل في مقابل الإنجاز. يجب تغيير ذلك.
  • الأسبوع الماضي، سألني أحد سكان الشمال عما إذا كانوا سيعودون إلى منازلهم في أيلول/سبتمبر 2025. يجب على الجيش أن يزودنا بإجابة واحدة: نعم. في نهاية الثمانينيات من القرن الماضي، عندما كانت إسرائيل لا تزال عالقة في المنطقة الأمنية في الجنوب اللبناني، وجّه قائد منطقة الشمال، حينها، يوسي بيلد، أوامره بحفر العنوان التالي في جميع المواقع العسكرية: الهدف - حماية بلدات الشمال. آن الأوان لحفره من جديد.