الحرب الوجودية لحزب الله في سورية
المصدر
معاريف

تأسست في سنة 1948، وخلال العشرين عاماً الأولى من صدورها كانت الأكثر توزيعاً في إسرائيل. مرّت الصحيفة بأزمة مالية خانقة بدءاً من سنة 2011، واضطرت إلى إغلاق العديد من أقسامها، إلى أن تم شراؤها من جديد في سنة 2014.  تنتهج خطاً قريباً من الوسط الإسرائيلي، وتقف موقفاً نقدياً من اليمين.

  • الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم يُقحم تنظيمه، حالياً، في فخ قاتل، بعد الحرب ضد إسرائيل. لقد أرسل الآلاف من قوات الرضوان إلى المعركة في سورية بالقرب من الحدود مع لبنان. هناك مَن يقول إنه لم يكن لديه خيار لأن عليه منع سقوط النظام السوري بأيّ ثمن. ولأنه إذا حدث هذا، فسيشكل ضربة قاسية إلى حزب الله، لماذا؟

الموقع المتقدم لحزب الله

  • منذ الحرب الأهلية في سورية، لدى حزب الله قاعدة ثابتة في الأراضي السورية بالقرب من الحدود مع لبنان (الهرمل في شمال شرق لبنان) في بلدة القصَيْر التي تبعد 35 كلم عن مدينة حمص. لقد أحدثت الحرب في القصَيْر في سنة 2013 انقلاباً في الحرب الأهلية في سورية لمصلحة النظام. بعدها، أدخل حزب الله آلاف المقاتلين إلى سورية باستمرار لمساعدة قوات النظام، وللحلول مكان الجنود الذن فروا من الجيش السوري (في أغلبيتهم من السنّة). ويبدو أن الجزء الأكبر من هؤلاء المقاتلين عاد إلى لبنان قبيل الحرب الأخيرة ضد إسرائيل.
  • وتحدثت التقارير الأخيرة عن إرسال ثلاثة آلاف عنصر من قوة الرضوان إلى مدينة حمص وألفين آخرَين إلى بلدة القصَيْر. وسيحاول هؤلاء لجم تقدّم المعارضة إلى الضواحي الشمالية في حمص، بعد سيطرتهم على أكبر مدينتين، حلب وحماه.

أهمية حمص

  • القتال على مدينة حمص في وسط سورية سيحسم الحرب. فالمدينة هي المحور الأساسي المؤدي إلى دمشق جنوباً، وشمالاً إلى الساحل السوري (الساحل هو معقل الطائفة العلوية)، وغرباً إلى لبنان. إن سيطرة المتمردين على حمص ستقطع العاصمة دمشق عن سائر أرجاء سورية. وإذا احتل المتمردون القصَيْر، فإن هذا لن يؤدي فقط إلى مقتل الآلاف من "مخربي" حزب الله، بل سيؤدي أيضاً إلى مقتل آلاف المتطوعين من السنّة من لبنان الذين انضموا إلى المتمردين، مثلما حدث قبل عشرة أعوام في الحرب الأهلية. في الأيام الأخيرة، تقوم تنظيمات إسلامية، وبصورة خاصة في طرابلس، بتنظيم صفوفها من أجل المشاركة في الحرب في سورية.

قطع شريان الإرهاب

  • سيشكّل انضمام حزب الله إلى الحرب في سورية الضربة الثانية القاسية إلى التنظيم "الإرهابي"، بعد الضربة التي وجّهها إليه الجيش الإسرائيلي. طوال أعوام، استُخدمت سورية كشريان أساسي لخطوط إمداد الحزب. سقوط النظام السوري، معناه قطع تزوّد الحزب بالسلاح بصورة كاملة. بينما أصبح التزود بالسلاح عن طريق الجو والبحر (عبر مرفأ ومطار بيروت) مقيداً، وهما لا يشكلان بديلاً ناجعاً من المعبر البري.
  • في نهاية الأسبوع، حدث تطور دارماتيكي أيضاً له علاقة بشحنات السلاح والمقاتلين من حزب الله.  لقد انسحب الجيش السوري من معبر البوكمال الحدودي بين سورية والعراق، وسيطرت عليه قوات سورية الديمقراطية من الأكراد. وحالياً، ثمة شك كبير في أن في استطاعة الميليشيات العراقية الموالية لإيران إيصال المساعدات إلى حزب الله في سورية. والأكيد الآن أن المعبر البري الإيراني (العراق سورية - لبنان) أصبح مغلقاً تماماً.

 المعركة الأخيرة

  • حالياً، تدور معركة تصدٍّ قاسية في حمص، لكنها تجري في وقت متأخر بالنسبة إلى محور المقاومة الإيرانية. القوة الجوية الروسية المحدودة (الجزء الأكبر أُرسل إلى أوكرانيا) تقصف المتمردين في ضواحي حمص الشمالية، حيث تصل عناصر حزب الله من أجل دعم قوات النظام، حسبما ذكرنا. انسحب الجنود السوريون من شرق سورية (دير الزور) إلى حمص، ومن الجنوب (درعا) إلى دمشق، وتنوي هذه القوات خوض المعركة الأخيرة، دفاعاً عن معاقل النظام في هاتين المدينتين.
  • لكن هذا جاء متأخراً جداً. فالخلايا النائمة للمتمردين تحركت بتشجيع من  نجاحات المتمردين على النظام في شتى أنحاء سورية: في منطقة التنف (الحدود بين العراق والأردن وسورية)، وفي البادية السورية شرقاً، والسويداء والقنيطرة في الجنوب. وإذا استطاعت هذه القوات توحيد صفوفها في الجنوب، فإنها ستشكل خطراً مباشراً على العاصمة. وسيستطيع المتمردون من خلال حركة الكماشة مهاجمة قوات النظام  السوري من جبهتين، من الجنوب والشمال.

الحفاظ على الموقع المقدس

  • لا يبقى أمام حزب الله خيار سوى إرسال قواته إلى دمشق من أجل الدفاع عن الموقع المركزي في المحور الإيراني في جنوبي العاصمة، مقام  السيدة زينب. والمقصود موقع ديني مهم وشديد الحساسية بالنسبة إلى الطائفة الشيعية. فهناك دُفنت السيدة زينب، شقيقة الشهيد حسين بن علي حفيد الرسول، والذي قُتل في كربلاء (سنة 640 للهجرة). ويقوم  الشيعة بإحياء هذه الذكرى في كل العالم في يوم عاشوراء. ويشكل الدفاع عن مقام السيدة زينب واجباً مقدساً، وكان شعاراً أساسياً في تجنيد الشيعة في الحرب الأهلية في سورية خلال العقد الماضي.
  • يبدو أن حزب الله وقع في الفخ السوري، بتشجيع من إيران. معركة التصدي للنظام السوري يمكنها فقط تأخير سقوط هذا النظام، والذي يبدو الآن مسألة وقت. الحرب في سورية، ستوجَّه ضربة قوية أُخرى إلى حزب الله، الذي سيخوض حرباً خاسرة في سورية ضد المعارضة. وماذا عن الحدود مع سورية؟

متمردون معتدلون على الحدود؟

  • يمكن الافتراض أن جيراننا الجدد الذين حلّوا مكان الجيش السوري لن يكونوا من الجهاديين، على الأقل في الزمن القريب. في نهاية الحرب الأهلية في سورية في سنة 2017، توصلت روسيا، التي جاءت من أجل تقديم حمايتها للنظام السوري، إلى اتفاق مع تنظيمات المعارضة في جنوب سورية. وبحسب الاتفاق، جرى إجلاء التنظيمات الجهادية المتطرفة إلى إدلب (وهذه هي الزعامة الحالية للمعارضة في شمال سورية)، وحصل المعتدلون على حُكم ذاتي محدود في مقابل الولاء للنظام السوري. والآن، مع سقوط النظام، تنشق كل هذه التنظيمات، وتنضم إلى المعارضة مجدداً.
  • توجد في كل المناطق المحاذية لحدودنا، السويداء الدرزية (التي تحافظ على حيادها)، وفي درعا والقنيطرة السّنية، تنظيمات للمعارضة معتدلة نسبياً. أقام قسم منها علاقات مع إسرائيل وحصل على العلاج الطبي خلال فترة الحرب الأهلية.
  • الأخبار الجيدة هي أن حزب الله سيتلقى ضربة قاسية في سورية، وأن المتمردين في الجولان هم من المعتدلين، على ما يبدو. الخبر السيئ هو أنه إذا سقط النظام السوري، فستتحول سورية إلى دولة إسلامية سنيّة، هل ستكون معتدلة، أو متطرفة على صورة تركيا، أو أفغانستان؟ الأيام هي التي ستخبرنا.