اجتماع الرئيس ترامب برئيس الحكومة نتنياهو: هل نحن أمام قرار تاريخي؟
المصدر
معهد السياسات والاستراتيجيا – جامعة ريخمان، المنظّم لمؤتمر هرتسليا السنوي

من معاهد الدراسات الاستراتيجية المعروفة، ولا سيما المؤتمر السنوي الذي يعقده ويشارك فيه عدد من الساسة والباحثين المرموقين من إسرائيل والعالم. يُصدر المعهد عدداً من الأوراق والدراسات، بالإضافة إلى المداخلات في مؤتمر هرتسليا، التي تتضمن توصيات وخلاصات. ويمكن الاطّلاع على منشورات المعهد على موقعه الإلكتروني باللغتين العبرية والإنكليزية.

  • من المتوقع أن يُعقد الاجتماع بين الرئيس ترامب ورئيس الحكومة نتنياهو في توقيت استثنائي، ميزته الأساسية تقاطُع مسارات في مجال الأمن القومي والحصانة الداخلية، قبيل اتخاذ قرارات مصيرية. ماذا يعني هذا الكلام؟
  • قطاع غزة - من المتوقع أن تقرر إسرائيل و"حماس" في الأسابيع  المقبلة ما إذا كانتا ستنتقلان إلى المرحلة الثانية من خطة تحرير كلّ المخطوفين والمخطوفات الذين لا يزالون أسرى لدى "حماس". وهذا هدف أعلى ومهم للغاية، والسبيل الوحيد إلى إعادتهم، وهو الذي سيسمح بإنهاء الحرب. وفي الوقت عينه، لم تتمكن إسرائيل من طرح بديل من حُكم "حماس"، والذي يُعتبر شرطاً ضرورياً لإنهاء حُكمها، والبدء بعمليات إعادة الإعمار، بمشاركة الدول العربية.
  • في المواجهة مع إيران - التي تصنّف نفسها بأنها دولة على عتبة النووي العسكري. لقد أوضح ترامب أن السبيل الوحيد إلى منع إيران من الحصول على سلاح نووي، في رأيه، توقيع اتفاق نووي جديد. والأسلوب الذي سيستخدمه هو تطبيق سياسة "الضغط الأقصى"، من خلال فرض عقوبات اقتصادية مؤلمة، إلى جانب التهديد بالخيار العسكري.
  • في لبنان - حصلت إسرائيل على تمديد  حتى 18 شباط/فبراير من أجل سحب قواتها. بينما من الواضح أن الجيش اللبناني لم ينجح في فرض سيطرته على الجنوب اللبناني.
  • في الضفة الغربية - العمليات المذهلة التي يقوم بها الجيش الإسرائيلي والشاباك، تنجح في إحباط العدد الأكبر من الهجمات "الإرهابية". ومع ذلك، فإن حساسية الوضع في الميدان، وإلى حد كبير، هي نتيجة سياسة إضعاف السلطة الفلسطينية، فضلاً عن تفاقُم الضائقة الاقتصادية وخطوات الضم الأحادية الجانب، هذا كله ينطوي على خطر انفجار أعمال عنف واسعة النطاق.
  • إزاء السعودية - تقف إسرائيل أمام فرصة تاريخية للتوصل إلى اتفاق لتطبيع العلاقات مع أهم دولة في العالمَين الإسلامي والعربي. وهذا ينطوي على فوائد لإسرائيل، استراتيجية وأمنية وعسكرية واقتصادية واسعة النطاق.
  • في الساحة الداخلية - يجب إقرار ميزانية الدولة قبل 31 آذار/مارس، وإلّا ستسقط الحكومة. يجري هذا في الوقت الذي تواصل الحكومة مساعيها للدفع قدماً بقانون بشأن التهرب من الخدمة العسكرية الإلزامية، ويتفاقم صراعها مع المنظومة القضائية، بعد تعيين القاضي إسحاق عميت رئيساً للمحكمة العليا.
  • انطباعنا أن الرئيس ترامب عازم على ترسيخ مكانته في التاريخ، بصفته الشخص الذي وسّع اتفاقات أبراهام إلى اتفاق سلام تاريخي مع السعودية، والشخص الذي أعاد المخطوفين، ومنع إيران من تطوير سلاح نووي، وقدم حلاً للمشكلة الفلسطينية ككل. من هنا، يكتسب اللقاء المرتقب بين ترامب ونتنياهو في هذا التوقيت بالذات أهمية مصيرية بالنسبة إلى دولة إسرائيل. فهو من جهة، يشكل فرصة لصوغ واقع أمني سياسي أفضل في كل ساحات الحرب. ومن جهة ثانية، يمكن أن يؤدي تضييع هذه الفرصة إلى تفاقُم كبير لكل التهديدات التي تواجهها دولة إسرائيل.

10 توصيات قبيل القمة التاريخية

  1. تحديد هدف مشترك، وهو إعادة كل المخطوفين الموجودين لدى "حماس"، وإنهاء الحرب، وإيجاد الظروف لرسم مستقبل غزة من دون "حماس".
  2. منع إيران من تطوير سلاح نووي، وتقليص تهديدها المتعدد الأبعاد. ويجب أن تكون إسرائيل مشارِكة منذ البداية في الاتصالات بين الولايات المتحدة وإيران، وأن تضع شروطها النهائية في أيّ صفقة مستقبلية، وتطالب بصفقة أوسع من سابقتها، تتضمن فرض قيود صارمة على مشروع الصواريخ الإيرانية، وعلى استمرار مساعدتها لحلفائها في شتى أنحاء الشرق الأوسط. وفي المقابل، يجب أن نفحص مع إدارة ترامب البدائل المختلفة لمواجهة التهديد الإيراني، إذا فشلت المفاوضات.
  3. الإسراع في الدفع قدماً باتفاق التطبيع التاريخي مع السعودية وتعميق التحالف الاستراتيجي مع الدول العربية، بقيادة الولايات المتحدة، ضد المحور الإيراني. والشرطان الضروريان اللذان يشكلان رداً على مطلب وليّ العهد السعودي، هما إنهاء الحرب في غزة وتقديم أفق سياسي للفلسطينيين.
  4. إقامة منظومة علاقات تُبنى على الثقة والتعاون مع إدارة ترامب. يشكل التنسيق الاستراتيجي والأمني العميق مع الولايات المتحدة حجر أساس للأمن القومي الإسرائيلي، وهو ضروري لمواجهة مجموعة التهديدات التي تواجهها إسرائيل، وفي طليعتها التهديد الإيراني. في هذا الإطار، يجب التأكد من المحافظة على تفوّق إسرائيل النوعي، حسبما ينص عليه القانون الأميركي، والبدء بالنقاشات بشأن تمديد اتفاق المساعدة المتعدد السنوات.
  5. إيجاد بديل سياسي من "حماس" في غزة، كشرط للقضاء على سلطتها وتفكيك قدراتها العسكرية، كتنظيم "إرهابي". وذلك من خلال بلورة محور مع الدول العربية المعتدلة، وبمساعدة الولايات المتحدة والدول الأوروبية. الشرط الأساسي لذلك، هو إشراك السلطة الفلسطينية في عمليات إعادة الإعمار، وفي إدارة قطاع غزة، وذلك في ضوء عدم وجود بديل آخر متفق عليه، وهذا سيمهّد الطريق أمام استعداد الدول العربية لاستثمار عشرات مليارات الدولارات المطلوبة من أجل إعادة إعمار القطاع.
  6. الدفع قدماً بالتعاون مع إدارة ترامب بخطوات من شأنها تعزيز السلطة الفلسطينية، ووقف الخطوات التي تهدف إلى إضعافها، وضم المناطق. المقصود دفع الأموال المجمدة، وإعطاء تصاريح للعمال الفلسطينيين من أجل العمل في إسرائيل، وترسيخ التعاون مع الأجهزة الأمنية الفلسطينية.
  7. وضع خطة عملية لآليات التنسيق الأمني في لبنان، برئاسة الولايات المتحدة. وضمان تحرُّك الجيش اللبناني بحزم وفعالية من أجل منع حزب الله من ترميم قدراته وبناء بنى تحتية بالقرب من الحدود، وفي المقابل، يجب التنسيق مع الولايات المتحدة بشأن موعد انسحاب القوات الإسرائيلية بصورة تسمح لسكان شمال إسرائيل بالعودة الآمنة إلى منازلهم.
  8. بلورة نظرة مشتركة مع إدارة ترامب حيال مستقبل سورية وطرق العمل المطلوبة مع الحكم الجديد فيها، ومع تركيا. يتعين على إسرائيل الحصول على موافقة أميركية على استمرار احتفاظها بالمنطقة الفاصلة في سورية حتى استقرار النظام، وإلى أن تتضح صورة التهديدات والمخاطر، وإبقاء الموضوع بعيداً عن الإعلام.
  9. تعميق التنسيق والتعاون الاستراتيجي والأمني مع مصر والأردن، بتدخُّل من الولايات المتحدة. وهذا ضروري من أجل عمليات إعادة إعمار قطاع غزة ومعالجة البنى التحتية للتهريب على طول محور فيلادلفيا، وتأمين العمق الاستراتيجي لإسرائيل على الحدود الشرقية.
  10. تثير مبادرة ترامب بشأن نقل الفلسطينيين من غزة معارضة واسعة النطاق في العالم العربي، وليس لها حظوظ في النجاح. وربما ستعرقل عملية بناء محور إقليمي بسبب المكانة الخاصة للقضية الفلسطينية والعلاقات المعقدة بين إسرائيل والعالم العربي. بناءً على ذلك، نوصي إسرائيل بسحب المسألة من جدول الأعمال.
  • في الختام، نوصي إسرائيل باستغلال الفرصة التاريخية من أجل استغلال مبادرة ترامب بشأن إقامة محور استراتيجي إقليمي، مركزه السلام مع السعودية. نضيف إلى ذلك المصلحة القومية العليا في إعادة المخطوفين والمخطوفات في المدى الزمني المباشر.

 

 

 

المزيد ضمن العدد