الانتصار المطلق؟ الفشل المطلق
المصدر
يديعوت أحرونوت

تعني بالعربية "آخر الأخبار"، تأسست سنة 1939، وتصدر باللغتين العبرية والإنكليزية، كما يمكن قراءتها على موقعها الإلكتروني "ynet". وهي تُعتبر الصحيفة الثانية الأكثر انتشاراً في إسرائيل. تنتهج الصحيفة خطاً سياسياً أقرب إلى الوسط الإسرائيلي، يصدر عن الصحيفة ملحق اقتصادي بعنوان "كلكاليست".

  • الطريقة التي عاد بها المخطوفون الثلاثة  يوم السبت الماضي تؤكد ما يجب أن يكون مفهوماً منذ وقت طويل، إسرائيل فشلت في حربها في غزة. هناك طريقتان معروفتان لفحص نتائج أيّ حرب من الحروب: الأولى، هي فحص مدى تحقيق الطرفين أهدافهما. وبناءً على ذلك، فإن الصحيح، حتى الآن، هو أن إسرائيل أخفقت في تحقيق ثلاثة أهداف ونصف من الأهداف الأربعة للحرب: لم تفكك القوة العسكرية لحركة "حماس"، ولم تُسقط سلطتها، ولم تنجح في تأمين العودة الآمنة لسكان غلاف غزة إلى منازلهم، وكذلك الأمر بالنسبة إلى إعادة المخطوفين، لكننا نجحنا في تحقيق الهدف الرابع، جزئياً. في المقابل، حققت "حماس" أهدافها كلها، وفي طليعتها: استمرار حُكمها في غزة.
  • الطريقة الثانية لفحص نتائج المواجهات تتعلق بأهم ميزة للحرب، وهي رغبة كل طرف في فرض إرادته على الطرف  الآخر. عندما يتحقق "النصر المطلق"، يخضع الطرف الثاني من دون شروط. مثلما فعلت ألمانيا واليابان في سنة 1945. وإذا كان النصر جزئياً، فإن الطرف الثاني مضطر إلى التنازل عن أهدافه، أو الموافقة على نزع سلاحه، أو التنازل عن سلطته، أو دفع تعويضات.
  • وفي الواقع، تثبت الحقيقتان الموضوعيتان المشروحتان سابقاً أن إسرائيل فشلت. في إمكان رئيس الحكومة ووزرائه توزيع التصريحات  العالية النبرة، لكنها  ليست سوى مجرد "كلام جميل من دون غطاء، ووعود من دون دعم".
  • إن إعلان "حماس" خبر وقف إعادة المخطوفين في الأمس، يكشف ميزان القوى الحقيقي. ستجبرنا "حماس" على الزحف حتى تتحقق  عودة كل المخطوفين إلى منازلهم.
  • هذا الواقع الكئيب هو نتيجة جهل الحكومة الإسرائيلية لكل ما له علاقة بطبيعة الحروب عموماً، والحروب في القرن الحادي والعشرين خصوصاً. إن الخطأ الأساسي هو الفهم الخاطىء للواقع: فعندما أعلن نتنياهو أن "حماس" هي مثل "داعش"، فإنه قضى مسبقاً على فرص الانتصار. لقد تحولت غزة إلى دولة أمر واقع في سنة 2007 ، تماماً مثل "ألمانيا النازية"، إذ شكّل الحزب الحاكم "حماس" أمة موحدة تؤيد قائدها. ومثلما فعلت ألمانيا في زمانها، جنّدت "حماس" كل موارد الأمة من أجل تحقيق أهدافها "الإجرامية".
  • ما جرى في 7 تشرين الأول/أكتوبر هو أن دولة غزة شنّت حرباً ضد إسرائيل. وتُحدَّد نتيجة الحرب الشاملة بين دولتين، قبل كل شيء، بحسب قدرة الدولة "أ" على خنق  الدولة "ب" اقتصادياً. لكن إسرائيل فعلت عكس ذلك تماماً: لقد وفّرت لحكومة العدو كل ما تحتاج إليه، الطعام والمياه والخيام والدواء، وحتى الوقود. وبربارة توخمان، التي كتبت "مسيرة الحماقة"، لا يمكنها أن تتخيل حماقة من هذا المستوى.
  • لقد ادّعت إسرائيل، بغباء، على لسان الناطقين بلسانها، أننا نقاتل (فقط) ضد تنظيم "إرهابي". تنظيم "إرهابي" نموذج القرن العشرين، لا القرن الواحد والعشرين. وعندما يسيطر حزب معيّن على دولة، ويستخدم قدرات عسكرية وتكنولوجيات الدول المتقدمة، لا يكون "تنظيماً إرهابياً"، بل دولة. وعندما يشنّ زعماء دول متطرفة حرباً "وحشية"،  فإن شعوبهم ستعاني، وهذا أمر جيد! تتصرف إسرائيل بعكس القول المعروف "مَن يرحم القاسي، نهايته أن يصبح قاسياً مع الرحيم"، هذه هي نتيجة الحرب.