إسرائيل خضعت لحزب الله ووافقت على حصول لبنان على حقل قانا كله
تاريخ المقال
المصدر
- أُعلن في الأيام الأخيرة حدوث تقدُّم مهم في المفاوضات بين حكومة إسرائيل والحكومة اللبنانية بشأن التنقيب عن الغاز الطبيعي. القصة المعقدة هي التالية: يوجد حقلان للغاز على الحدود بين إسرائيل ولبنان في مكان ما بالقرب من رأس الناقورة: الأول كاريش، الموجود في المياه الاقتصادية الإسرائيلية بصورة كاملة، لكنه قريب من الحدود؛ والثاني هو حقل صيدون-قانا، الواقع على جانبي خط الحدودـ الجزء الأكبر منه يقع داخل الجانب اللبناني، وجزء آخر منه يقع في الجانب الإسرائيلي، وهو موضع النزاع.
- لم يكن خط الحدود البحرية بين إسرائيل ولبنان يهم أحداً، حتى اكتشاف حقل الغاز هذا، لأن المقصود هو مليارات الدولارات. كما أن الغاز الطبيعي ليس مسألة محلية بين لبنان وإسرائيل. ففي الواقع الجيوسياسي العالمي الحالي واستمرار الحرب بين روسيا وأوكرانيا، وأزمة الطاقة الضخمة في أوروبا، فإن إنتاج الغاز من هذه المخزونات يمكن أن يحول إسرائيل إلى دولة عالمية كبيرة في مجال الطاقة، وأن يضعها في مرتبة متقدمة في تجمُّع القوى الاستراتيجية في العالم. ومع اقتراب فصل الشتاء وتطوُّر أزمة الطاقة، الكل يضغط. الدول الأوروبية، والولايات المتحدة أيضاً تضغط للتوصل بسرعة إلى اتفاقات من أجل استخراج الغاز بأسرع سرعة ممكنة من قاع البحر.
- هل تعلمون لماذا طرأ "تقدُّم مهم" على المفاوضات؟ لأن إسرائيل، على ما يبدو، خضعت لحزب الله. تجري المفاوضات بصمت مطلق، لكن إذا كانت التسريبات عنها صحيحة، يبدو أن إسرائيل وافقت على إعطاء اللبنانيين ما يطالبون به في الأساس، مع إضافة صغيرة-كبيرة: تبادُل أراض. تابعوني قليلاً: تقريباً ربع حقل صيدون-قانا، موضع النزاع، موجود بالتأكيد في الأراضي الإسرائيلية. وبحسب التقارير، وافقت دولة إسرائيل على منح لبنان حقل قانا كاملاً، بما فيه الجزء الإسرائيلي الصغير، مقابل "تبادُل أراض". هل تعرفون ما هي قيمة تبادُل أراضٍ في البحر؟ دولة إسرائيل أعطت منطقة مع حقل غاز غني مقابل أراضٍ في البحر.
- قبل بضعة أسابيع، نُقل عن نصر الله قوله في أحاديث مغلقة إنه "يرفع السقف كي تخضع إسرائيل في مسألة الغاز." كما هو معروف، في بداية تموز/يوليو، أطلق حزب الله 3 مسيّرات في اتجاه منصة الغاز كاريش، التي من المفترض أن تبدأ إسرائيل باستخراج الغاز منها في أيلول/سبتمبر المقبل. يعرف نصر الله اللعبة وخريطة المصالح العالمية. "أهمية المعادلة اليوم هي في ضوء حاجة أوروبا إلى النفط والغاز، ومن دونهما، سيواجه سكان القارة الأوروبية كارثة حقيقية، فهم يعتمدون على روسيا." قال نصر الله، وهكذا جاءت المسيّرات التي أرسلها في وقت حرج جداً، بالنسبة إلى أوروبا.
- نصر الله لا يفهم اللعبة فحسب، بل يسيطر عليها أيضاً، يطلق التهديدات التي تثمر إنجازات سياسية واقتصادية. "نتمتى ألّا نطلق رصاصة واحدة، أو صاروخاً، وأن يتراجع العدو. نحن نراقب التطورات، ومستعدون لكل شيء." وماذا فعلت إسرائيل؟ خضعت، وسوف توقّع اتفاقاً مصيرياً يتعارض مع قانونها، وفي حكومة تصريف أعمال غير مسؤولة.
في الشرق الأوسط المتوحش، بدلاً من المطالبة بالمزيد، خضعت إسرائيل للمطالب اللبنانية في المفاوضات. وبدلاً من بناء جدار حديدي في مواجهة التهديدات ومحاولات الاعتداء اللبنانية، هربت وتراجعت. وبدلاً من الحرص على مصالح إسرائيل الاقتصادية والسياسية في المدى البعيد، نحن نقوّي الوحش في الشمال.