الاتجاه هو غزة والعنوان هو إيران: اليد التي تحرك الجهاد الإسلامي
تاريخ المقال
المصدر
- زعماء التنظيم الثاني في غزة، من حيث الحجم، لم يشربوا فجأة ماء الشجاعة، أو قرروا من تلقاء أنفسهم إقامة معادلة، مفادها أن اعتقال مسؤول رفيع المستوى في الحركة في جنين سيجعلهم يركّعون إسرائيل. وهذه أيضاً ليست نوبة غضب لا يريد الجهاد الإسلامي النزول عن الشجرة بسببها، على الرغم من مطالبة المصريين وضغط "حماس" وتهديدات إسرائيل "بإقرار خطط هجومية".
- يمكن تجاهُل الفيل الكبير في الغرفة والاهتمام بحدث تكتيكي، لكن اليد التي تحرك الجهاد في مواجهة إسرائيل هي نفسها اليد التي تفعل ذلك في لبنان من خلال حزب الله فيما يتعلق بمنصة الغاز كاريش. يمارس الإيرانيون الضغط على الجبهتين في آن معاً، ويختبرون أيضاً تصرُّف رئيس الحكومة الجديد الذي تقتصر خبرته الأمنية على عضويته في المجلس الوزاري المصغر.
- بتوجيهات من إيران، يتسلق الجهاد الإسلامي الحواجز، تماماً مثل حزب الله، لكن من دون الكثير من التصريحات، ومع الاستعداد للقيام بعملية انتقامية. في السنة الماضية، قتلت إسرائيل أكثر من 20 ناشطاً من الجهاد في منطقة جنين في سلسلة عمليات، وفي أي مرحلة من المراحل لم يكن هناك تهديد بالربط بين غزة والضفة، الأمر الذي يعزز الافتراض بأن التعليمات جاءت من طهران لتحدّي إسرائيل في الجنوب، وفي المقابل تصعيد التوترات في الشمال من دون سبب حقيقي، سوى إرضاء الإيرانيين. "حماس" لا ترغب في الدخول في جولة جديدة، لأن الجمهور في غزة يشتكي إليها بسبب العقوبات التي فرضتها إسرائيل. لكن في هذه الأثناء، يحاول الجهاد تضخيم حجمه مع طرح مطالب مبالَغ فيها، مثل وقف النشاطات العملانية التي يقوم بها الجيش الإسرائيلي في الضفة، وإطلاق سراح المسؤول الرفيع المستوى الذي اعتُقل.
- صحيح أن إسرائيل رفضت المطالب، لكنها تريد الهدوء بأي ثمن، وهناك مَن يحاول تسويق فكرة أن هذا الواقع يمكن احتماله. لكن الأمر ليس كذلك. فالمقصود ضرر استراتيجي. كل اللاعبين في الساحة ينظرون إلى ما يجري [في غلاف غزة]، ولا يرون فيه سلوكاً "حذراً" كما يصفه الجيش الإسرائيلي، بل يرونه جبناً يمكن أن يكبدنا ثمناً غالياً في المستقبل. من المبتذل القول إن الوعي له تأثير كبير في ساحة القتال الجديدة، بالأساس في مواجهة تنظيمات "إرهابية" في إطار مواجهات غير متناظرة. ولسبب ما، القيادة العسكرية لا تعطي هذه الساحة الأهمية المطلوبة. وهذا الأمر يؤثر أيضاً في مناعة المجتمع الإسرائيلي، وفي قدرته على الصمود في أوضاع طارئة أكبر بكثير.
- حتى رئيس الأركان أفيف كوخافي الذي زار فرقة غزة أمس، لم يظهر أمام الكاميرات ليهدد أو يطمئن المواطنين. يعرف كوخافي كيف يعبّر عن رأيه بإسهاب عندما يريد، وخصوصاً بعد نجاحات عملانية. هذه المرة، هو يريد ألا يكون له علاقة بما يجري، مثل قضية حارسات السجن التي هرب منها، ولم يعبّر عن رأيه. وزير الدفاع تحدث عنها، وكذلك رئيس الحكومة، وحتى رئيس الدولة.
- تقع مسؤولية الملف الحالي على عاتق قيادة المنطقة الجنوبية وفرقة غزة. وفي هيئة الأركان العامة، هناك مَن يشير إلى أن اللواء أليعيزر طولندو هو الذي يقود هذا الخط الدفاعي في أعقاب الحادث الذي جرى خلاله إطلاق صاروخ مضاد للدبابات على باص يقلّ جنوداً في غلاف غزة، عندما كان طولندو قائداً للفرقة. يومها، نجا الجنود بأعجوبة، لكن يبدو أن طولندو لا يريد المخاطرة.
- غانتس وكوخافي يريدان أيضاً الهدوء، وهذه السياسة تلائم أيضاً رئيس الحكومة لبيد الذي يدرك أن هذا أفضل قبيل الانتخابات. لكن بمرور الوقت، يتضح أن هذا الهدوء لا يغيّر شيئاً، وأن ثمنه يرتفع. وبغض النظر عن الروايات التي يحاولون سردها: لا يمكن إبقاء سكان غلاف غزة في هذا الوضع، والتأثيرات الاستراتيجية للأيام الأخيرة ستبرز جيداً.